“التصلّب” اللبناني يزعج مصر… ماذا عن الحكومة؟

| غاصب المختار |

يطوف سفير جمهورية مصر العربية في لبنان الدكتور ياسر علوي، منذ مدة، وقبل الاجتماع الأخير لمجموعة الدول الخمس، وقبل وبعد جولة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الأخيرة في بيروت، على عددٍ من مسؤولي القوى السياسية والكتل النيابية من مختلف التيارات والتوجهات، مستمعاً، وناقلاً أجواءَ معينة، من دون الخوض في تفاصيل دقيقة حول الاستحقاق الرئاسي تتعلق بشكل خاص بأسماء المرشحين لرئاسة الجمهورية.

ولا شك أن وجود مصر في اللجنة الخماسية التي تتابع الاستحقاق الرئاسي، يعطي اللجنة نكهة خاصة ومميزة، نظراً لحياديتها وعدم تشددها في طرح الأمور والاقتراحات كغيرها من بعض أعضاء “الخماسية”، ما يجعلها مقبولة من كل الأطراف السياسية، ومن دون هواجس مسبقة حول خلفيات تحركها وطروحاتها.

وفي معلومات موقع “الجريدة” من مصادر التقت السفير المصري، أن جولته، من حيث الشكل، تأتي من ضمن المشاورات المستمرة التي تجريها القاهرة مع القوى السياسية للاطلاع على تطورات مواقفها بعد جولة لودريان ولقاءات “الخماسية”، ومن ضمن دور مصر في تقديم النصائح والتسهيلات. وهو أبلغ من التقاهم أن موقف مصر يتكامل إلى حد بعيد مع مواقف ممثلي دول الخماسية، لجهة المواصفات المطلوبة في رئيس الجمهورية والأولويات التي يجب أن يعمل عليها.

وتقول المصادر: إن هذه المواصفات والأولويات أصبحت أكثر وضوحاً لدى الدول الخمس، وبخاصة لدى الجانبين الأميركي والسعودي، لجهة تركيزها على النقاط الأساسية التي يجب أن يحملها الرئيس العتيد والمفترض أن يكون قد توافق عليها كل الاطراف.

لكن المصادر تشير إلى أن السفير علوي يُجري نقاشاً عاماً مع القوى السياسية حول مسار الأمور، والآفاق المرتقبة، في ظل الحراك الخارجي الجاري، وفي وظل الطروحات الداخلية والخارجية القائمة. لذلك لم يحمل الدبلوماسي المصري أي مقترح أو فكرة أو مشروع حل أو تسوية، بل تبنّى ما يصدر عن اللجنة الخماسية في الإطار العام، من حيث مواصفات الرئيس وأولوياته والمطلوب تحقيقه ومدى التجاوب مع الدعوات للتوافق والحوار.

وتوضح المصادر أن السفير علوي بدا متشائماً، إلى حد ما، حول إمكانية التوصل إلى تفاهم قريب بين القوى السياسية لانتخاب رئيس الجمهورية، نتيجة تصلب الأطراف في مواقفها. وترى المصادر أنه نتيجة لهذا الواقع فالانطباع يفيد ان “القصة طويلة”، وليس بالسهل التوصل إلى تفاهمات داخلية، فكيف بالتفاهمات الخارجية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمصالح الدول وسياساتها وعلاقاتها في لبنان والمنطقة؟

وإذا كانت القوى السياسية تعوّل على ما سينتج عن اجتماعات اللجنة الخماسية، بعدما فشلت المساعي الفرنسية وسقطت مبادرة لودريان، فإن “الصدمة” التي أتت من نيويورك، خلال الاجتماع الاخير لممثلي دول اللجنة، أكدت أن انتخاب رئيس للجمهورية لن يكون في المدى القريب، إذ تقَاطَعَ التعطيل والتأخير بين متطلبات قوى الداخل وقوى الخارج المتناقضة إلى حد التباعد بين طروحات هذا الفريق وذاك، وتضاربت الأهداف حول ماذا يريد كل طرف في ومن لبنان، علماً إن بعض المطلوب بات معروفاً، لا سيما بالنسبة للأميركي والسعودي لجهة رفض ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الذي تؤيده قوى تختلف أميركا معها  إلى حد الصدام.

تبقى مسألة مهمة يغفل عنها أعضاء اللجنة الخماسية باستثناء فرنسا، وهي المتعلقة بالحكومة التي تتشكل مع العهد الجديد، ذلك أن قرار السلطة التنفيذية هو بيد الحكومة مجتمعة لا رئيس الجمهورية المحدود الصلاحيات والمعرّض لتعطيل أو رفض توجهاته، وبالتالي تعطيل وشل الحكومة، فتعجز عن تنفيذ المطلوب منها من إصلاحات تأخر المجلس النيابي في إقرارها كلها نتيجة رفض جلسات التشريع. فهل تلتفت اللجنة الخماسية إلى مسألة تزامن التوافق على رئيس الجمهورية مع التوافق الكامل على الحكومة الجديدة، مواصفات ومهام وقدرة تنفيذية؟