السنيورة.. والورقة “المستورة”؟!

/ جورج علم/

يُخرج الدبلوماسي العربي من جيبه ورقة، يتمعّن بمضمونها بعض الشيء، ثم يطرح الآتي: هل إنتهى الدعم الخارجي للرئيس نجيب ميقاتي؟ ما هو موقف “الداعمين” من تعطيل جلسات مجلس الوزراء؟ وهل هو فعلا رجل المرحلة وسط صراع “القوييّن” بين بعبدا، وعين التينة؟ وما مصير التفاوض مع صندوق النقد الدولي، والإنتخابات النيابيّة؟

لا وقت لدى السفير للغوص في التحليلات والإجتهادات، في رأيه “هناك إنقلاب بدأ في الـ2005 بإغتيال الدور العربي، ومعه الطائف، ولا يزال مستمرا بوجوه وسيناريوهات شتى”.

لماذ هذا الكلام الآن؟

لأن مصير ومستقبل الجمهوريّة، والصيغة، والنظام، والكيان، في الميزان. زمن التسويات بدأ. خريطة الشرق الأوسط على مائدة الكبار. نهم الأمبرطوريات يتفاقم، وعلى الرقعة الممتدة ما بين المحيط والخليج، تتمدد حمم حارقة تتفجّر من براكين ثلاثة، العثماني، والفارسي، والإسرائيلي، في ظلّ مظلة أميركيّة غاربة، ودوليّة مغرضة.

العودة الى التاريخ مكلفة، وتستهلك مجلدات. لكن في الذاكرة الدبلوماسيّة إنفجارات ثلاثة صدّعت الكيان. إنفجار 14 شباط 2005، الذي فجّر لبنان الإستقرار والإزدهار. وإنفجار 4 آب 2020 الذي فجر العاصمة السياسيّة، والإقتصاديّة، والثقافيّة. وإنفجار 14 تشرين الأول المنصرم  – (الطيونة) – الذي رسم خطوط تماس بين الناس”.

في قراءة الدبلوماسي نفسه، أن “الرئيس القوي”، “كان قويّا على طائفته، وشعبه. أفقد الأولى وزناتها، وتوازناتها. وجوّع الشعب، والآن يُذلّه”. في عهده إنفجاران – (المرفأ، والطيونة) ـ وربما هناك ثالث على الطريق. تنبّه بعد طول مماحكات وكيديات ليجد أن العشب قد ينمو عند عتبة القصر. دعا الى الحوار لإعادة الإعتبار، لكنها دعوة ملتبسة. على الطاولة سلاح فائض، ومقاتلين، وحكومة مخطوف دورها، ورئيسها عالق ما بين مطرقة بعبدا ، وسندان الضاحية ـ عين التينة! مستقوٍ بالدعم الخارجي، أين هو؟ ثم إذا كان الإيراني إلى الطاولة، فأين العربي؟ هل يستطيع ميقاتي أن يؤمن “الشرعيّة” لحوار بين قوى 8 آذار، فيما 14 آذار غائبة، وعمودها الفقري رافض!

قال سعد الحريري كلمته. فيما ميقاتي يدور حول دار الإفتاء بحثاً عن غطاء. كلمة الفصل عند رؤساء الحكومة السابقين، عند المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، عند نخب الطائفة وفعالياتها، ثم عند الحاضنة العربية لـ”الطائف”. ما يجري إنقلاب على الطائف، والحسابات الكبرى تبدأ من هنا.

الطائفة الشريك المؤسس للصيغة والكيان هي الأكثر تشظيّا منذ إنفجار 2005، لغاية الآن. والسرايا لا يمكن أن تستمر مكسر عصا، وهدفا للتناتش والتناهش، وميقاتي لا يمكن أن يصمد إذا كانت المظلّة الخارجية التي إستقوى بها عند التكليف، لم تعد متوافرة، وإذا كانت الرافعة المحليّة ـ العربيّة غير متيسرة.

في كواليس دبلوماسية عربيّة توقعات مقلقة قد تفضي الى قيام حكومة مواجهة، برئاسة فؤاد السنيورة أو نهاد المشنوق، والأفضليّة للأول، لأنه صاحب تجربة في حرب تموز 2006، ويستطيع أن ينقل “الإبراء المستحيل” من خانته، ليصبح عنوان كتاب لعهد “الرئيس القوي!

تسأل: لكن حكومة تتمتع بهذه المواصفات اللامألوفة، مستحيلة في ظل “فيتو” الثنائي الشيعي؟… ويأتي الجواب، حكومة المواجهة تأتي بها رافعة سعوديّة ـ عربيّة ـ دوليّة لها مشروعها، ولها الأهداف المرسومة التي تحاكي كل تحديات المرحلة، بما فيها فائض القوّة، ويتوافق مشروعها مع تسويات الشرق الأوسط الجديد، وتحمي لبنان من أنياب الأمبرطوريات، وتُجنّبه حمم البراكين الناشطة… أما المكّون الشيعي فموقعه مضمون في الحكومة، ومحترم، شخصيات وطنيّة رؤيوّية من خارج الإصطفاف المشاكس، ومستعدة للدفاع عن لبنان الرسالة، في مواجهة مسلسل الإنقلاب!