/ زينة أرزوني /
من علم قائم على أسس وركائز تُحسب فيه الارقام والإشارات التي ترسلها بواطن الارض، إلى عالم من التدجيل والتوقعات والتنبؤات، نقل العالم الهولندي فرانك هوغربيتس، بعد “صدفة 6 شباط”، الجيولوجيا ودراسات الزلازل والهزات، ومعها الصفائح العربية والفوالق الغربية”.
وبما ان هذا العلم لا يفقهه إلا أهله، فكان من السهل التحايل على الشعوب العربية والغربية، وإخضاعهم لتأثيرات تغريداته، بعدما استطاع الإمساك بهم تحت سطوة الخوف والهلع، جراء زلزال شرق المتوسط المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا، وأصاب بالصدفة توقعاً واحداً من آلاف التنبؤات التي ينشرها فرانك يومياً منذ سنوات طويلة. فمثلاً، في 2015 توقع أن يضرب زلزال كاليفورنيا بقوة 8.8 على مقياس ريختر، لكنه لم يحدث. وتوقع زلزالاً آخر قوياً في 2018 بسبب محاذاة كوكبية، وأيضا لم يحدث. ويمكن للناس إلقاء نظرة على حسابه على “تويتر” ليكتشفوا أنهم في بحرٍ من التنبؤات بالزلازل.
مروج أكاذيب
أهل العلم يصفون العالم الهولندي، وجميع من طفا على سطح التوقعات، بالمروجين للأكاذيب، جازمين أن ما من أحد يمكنه أن يتوقع تاريخ وقوة الزلزال أو الهزة، وهو ما أكده الباحث في علوم الجيولوجيا الدكتور سمير زعاطيطي في حديثه لموقع “الجريدة”، مشيراً إلى أن كل من ينشر تغريدات ويتحدث عن مواعيد للزلزال والهزات ليست سوى أخبار من باب التنجيم.
وأوضح زعاطيطي أن “الفيلم داخل الأرض، وما يحدث من حركة للصفائح والحرارة والصهارة، لا يرتبط أبداً بالكواكب وحركتها أو بالقمر وأي تأثير خارجي كالعواصف وغيرها”، مشدداً على أن “ما يدعيه العالم الهولندي ليس له أساس من الصحة العلمية”.
وأشار زعاطيطي، في حديثه لموقع “الجريدة”، إلى أنه “يبدو وكأن هناك من يحرك هؤلاء الاشخاص لبث الرعب في نفوس المواطنين، إضافة إلى أن من ينشر أكاذيبهم على وسائل التواصل الاجتماعي وحتى وسائل الاعلام، يساهم في زيادة منسوب الخوف لدى الناس التي لم تعد تحتمل أي خبر، خصوصاً بعد فتح الهواء مباشرة ولأيام عدة، لنقل صور الدمار وانتشال الضحايا من تحت الانقاض، الذي أثر بشكل سلبي على نفسية اللبنانيين تحديداً، وباتوا مع كل هزة يخرجون الى الشارع”.
الهلع مقصود
ورأى زعاطيطي أن “إثارة الهلع بين اللبنانيين كان مقصوداً، وبدليل بحسب رأيه أنه “لم يخرج اي مسؤول ليطمئن اللبنانيين، وعوضاً عن ذلك باتت أي هزة تحصل يتم الإعلان عنها من قبل المراصد والمراكز إلا نهاري السبت والأحد، وكأن الهزات تتوقف في هذين اليومين”، لافتاً إلى انه “يومياً يحدث في لبنان هزات ومن سنوات لم يكن يُعلن عنها سابقاً”.
وجدّد زعاطيطي تأكيده أن “الهزّات في لبنان خفيفة، وقوتها ليست تدميرية كما حصل في تركيا وسوريا”، موضحاً أن “الصفائح التكتونية في تركيا هي بوجه بعضها البعض، أما في لبنان فهي إلى جانب بعضها البعض، فلبنان يقع على مفترق ثلاث صفائح تكتونية: الصفيحة العربية والصفيحة التركية والصفيحة الافريقية، وهناك ثلاثة فوالق كبيرة هي اليمونة والروم وسرغايا”.
واوضح ان الزلزال الطبيعي انتهى مع “الخبطة القوية” الأولى التي حدثت في تركيا، لافتاً إلى أن “تردداته لن تكون قوية”.
وعن تحرك “فالق الاسكندرون”، أشار زعاطيطي إلى أن “هذا يعني أن جزءاً من الحركة الزلزالية أثّر على امتداد فالق الشمال القبرصي البحري، مما قد يريح الضغوطات على فالق سلسلة اللّاذقية البحرية بين لبنان وقبرص”.
خبير الزلازل الهولندي، الذي لا يُعرف ما هو تخصصه، فهو فقط “خبير زلازل”، وبعد بحث طويل لن يتم العثور على اسمه في قواعد البحث عن الورقات العلمية البحثية، فعادة ما يكون للباحث المُعتبر عدد من الأبحاث المنشورة باسمه والتي خضعت لمراجعة الأقران.
وهنا، إذا أراد أحد وضع حساب لنظرية المؤامرة، قد يطرح تساؤلاً: هل من أعاد نشر تغريدته بعد زلزال تركيا، أراد استخدامه فيما بعد للترويج بحصول زلازل في المستقبل في هذا البلد أو ذاك خدمة لمشاريع الزلازل المفتعلة؟.