عند منتصف الليلة تنطفئ الانوار ايذاناً بانطفاء سنة من اعمار المواطنين، شاء البعض القليل منهم، ان يحتفل بقدوم عام جديد في الملاهي، او الفنادق الفخمة والمتوسطة، وفي المطاعم العريقة والمستحدثة، فيما الغالبية الساحقة من الناس بالكاد تجد للمناسبة نكهة، الا إذا تسمّرت امام الشاشات لتشاهد وتستمع، ثم يأتي دور المنجمين.. ولو صدقوا كذبوا، بتعبير الشاعر العربي، ليجولوا ويصولوا في خفايا مستقبل سعر صرف الليرة، واسرار الانهيارات التي لم تحدث بعد..
أما في السياسة اليومية، فبقي التجاذب قائماً حول عقد جلسة لمجلس الوزراء، في ضوء الحاجة التي تستوجب عقدها. ومع المتاريس التي يضعها التيار الوطني الحر بوجه عقد جلسة لمجلس الوزراء، نقل عن الرئيس نبيه بري تأييده توجه الرئيس نجيب ميقاتي الى عقد جلسة وزارية كلما دعت الحاجة..
رئاسياً، بدأت الاتجاهات بين المرشحين تظهر اكثر وأكثر للعيان، ففي ظل تزاحم الاولويات بين قائد الجيش جوزاف عون ورئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، كان من اللافت امس، وصول مدير دائرة الشرق الاوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي الوزير السابق جهاد ازعور الى بيروت، والبدء بزيارات للمراجع المعنية، فهو زار لهذه الغاية كلا من الرئيس بري والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.
وعلى الجبهة الاخرى، ما يزال تحالف في قوى 14 آذار يقف وراء النائب الحالي ميشال معوض.
وفي المعلومات ان عون بات الاقرب الى الدعم من جانب القرار العربي والدولي في ضوء الاتصالات القطرية، المدعومة من الجانبين الاميركي والفرنسي..
ولكن المعلومات تشير الى ان حزب الله ما يزال متمسكاً بترشيح فرنجية، على ان يترك للفريق الآخر اختيار رئيس الحكومة ضمن صيغة «لا غالب ولا مغلوب» مشيرا الى ان معادلات الخارج الداعمة لعون، ليست اقوى من المعادلة الداخلية، لا سيما في ظل دعم حزب الله لفرنجية.
وغداً، يستقبل اللبنانيون اول ايام السنة الجديدة بمزيد من الإحباط واليأس من اي حلول تنتشلهم من بؤرة العذاب اليومي والمعاناة المتمادية بسبب استهتار المسؤولين عنهم ومواصلة عنادهم ومكابرتهم وحرصهم على مصالحهم الخاصة وعدم مبادرتهم الى وقف هذا المسلسل الدرامي الذي دفع المواطن ثمنه من اعصابه وصحته وماله، بينما تذهب الامور بسبب عطلة الاعياد التي تمتد الى ما بعد عيد الميلاد لدى الطوائف الارمنية في السادس من كانون الثاني المقبل، والى مزيد من التأجيل والمماطلة والاشتباك السياسي المقيت، الذي يهدد بمخاطر انفلات امني ومجتمعي اوسع وتجاهل تام من الناس لوجود السلطة ومؤسسات الدولة التي ترهلت حتى الذوبان.في حين تتجه البلاد مجددا الى العتمة الاوسع بعد الخلاف بين وزارة المال ووزارة الطاقة على الاعتماد المطلوب من مصرف لبنان تأمينه لزوم شركة كهرباء لبنان لتشغيل معامل انتاج الكهرباء.
والى مزيد من الانهيار يتجه القطاع التربوي – بعد القطاع الصحي- حيث ان بداية العام 2023 قد تشهد اضرابات للمعلمين في المدارس الرسمية والخاصة، وربما يتحرك اساتذة الجامعة اللبنانية ايضاً، فبعد صرخة أساتذة القطاع الرسمي وتهديدهم بالإضراب، أطلق أساتذة القطاع الخاص إنذاراً، حيث اعتبر نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض في مؤتمر صحافي ان «اكمال العام الدراسي يلزمه مقومات الحد الادنى للحياة»، وحدد مهلة «تنتهي في الثامن من كانون الثاني المقبل». وقال: نحن سنكون بحل من الوعد الذي قطعناه على انفسنا باكمال العام الدراسي.
ومع ذلك ثمة من لا زال يبيع الامل بالرهان على تحرك سياسي مطلع العام المقبل قد يصل الى تسوية حول رئاستي الجمهورية والحكومة وبرنامجها، بينما توحي الاشتباكات والسجالات السياسية والاعلامية بأن كل ابواب الحلول ما زالت موصدة ولا يملك احد مفتاحها، ولعلها باتت تحتاج الى ثورة اجتماعية صاخبة تقلب الموازين والمعادلات السوداء، اوعصا خارجية غليظة تؤدب الخارجين عن ارادة الناس الراغبين بالراحة والاستقرار والحياة الكريمة.
وترددت معلومات عن تحرك ما سيقوم به رئيس المجلس نبيه بري بعد الاعياد، لكن ليس مجرد الدعوة الى الحوار الذي تم تفشيله، لكن قد يقوم بمبادرة ما تحرك المياه الراكدة وتخلق نوعا من النقاش، كما يجري الحديث عن مسعى لدى نواب المعارضة من الاحزاب التقليدية والمستقلين والتغييريين في محاولة جديدة للتوافق على اسم او اسمين لرئاسة الجمهورية. لكن لا شيء واضحاً بعد ولا توجد حركة بارزة بين هؤلاء النواب للوصول الى مثل هذا التوافق.
وقالت مصادر النواب لـ «اللواء»: صحيح هناك مسعى واتصالات لكنها لم تصل الى بلورة اي اقتراح اوحل.والمحاولة مستمرة.
وحتى الرهان على تحرك فرنسي ما بات في علم الغيب، بعد تمنع الرئيس الفرنسي عن زيارة لبنان بسبب عدم تجاوب المسؤولين الرسميين والسياسيين مع الاجراءات الواجبة للإنقاذ، مع انه اعلن التحضير لإجتماع رباعي فرنسي – اميركي – سعودي- قطري في باريس لبحث المخارج للازمة اللبنانية لم يتبلور شيء حوله بعد، فيما ينتظر الجميع ما سيحمله وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو الذي وصل الى بيروت.