باسيل أحرق كل مراكبه.. هذا ماذا تبقّى له لـ”خط الرجعة”

/ غاصب المختار /

كل التوصيفات التي يُطلقها خصوم جبران باسيل وحلفاؤه عليه صحيحة الى حدّ كبير. ذكي، نشيط في عمله، متابع، لا غبار على وطنيّته وتوقه لتحقيق الاصلاح المطلوب، وتثبيت الشراكة المسيحية –الاسلامية وحفظ دور ووجود المسيحيين. لكن مشكلته أن اسلوبه نافر وحاد وأحادي، ويعتقد ان ما عنده هي الحقيقة المطلقة، وربما كما قال عنه الرئيس نجيب ميقاتي “لا يعرف كيف يحاور ويأخذ ويعطي”.

ولعل زلات لسانه في اللقاءات المغلقة مع كوادر التيار وتسريبها، سواء عن عمد او عن خطأ أو للإضرار به وإحراجه سياسياً، والتي يتحامل فيها بشدة على الطبقة السياسية، تعبّر عن حقيقة موقفه، لكنها لا تفتح له أبواب الحوار مع الآخرين.
في النتيجة ومهما كان القصد من كلامه، فحسب الأوساط السياسية، فقد أحرق باسيل كل مراكبه ولم يحسب حساباً لخط الرجعة، أو ربما هولا يريد أن يترك خطاً للرجعة انطلاقاً من مقولة “قل كلمتك وامشِ”.. لكنها في السياسة اللبنانية لا تترك للسياسي صديقاً.
حسب السائد في بعض الاوساط الاخرى، فإن باسيل ينطلق أيضا في عمله ومواقفه من مقولة “عرف الحبيب مكانه فتدلّلَ”، بمعنى انه يدرك، وهو اعلن ذلك من باريس مؤخراً، ان كتلته النيابية وتياره السياسي قوة ناخبة كبيرة، ومن دونه لا يستقيم أي إجراء يتعلق بموقع رسمي كبير او صغير للمسيحيين وللموارنة تحديداً، وعلى هذا لا يمكن انتخاب رئيس للجمهورية أو حتى تشكيل حكومة من دون الوقوف على رأي باسيل وتياره السياسي، وأخذه بعين الاعتبار والاغلب القبول به او بمعظمه.
وهذا هو خط الرجعة الوحيد الذي تركه باسيل في علاقاته مع القوى السياسية وفي تعاطيه مع الوقائع السياسية القائمة.. لكن “ما هكذا تُورَدُ الإبلُ يا جبران”!
مشكلة باسيل متشعبة، فلا هو مقبول من معظم الاطراف السياسية المسيحية، ولا هو قادر على إقناع الاوساط غير المسيحية، وحتى بعض حلفائه القلائل بما يريده.
لذلك، بدل محاولة تدوير الزوايا واقتراح الحلول المعقولة والمقبولة من الآخرين، يتجه الى السلبية والتصعيد لفرض شروطه، ليبقى له مكان في أي تسوية توافقية لاحقاً على تركيبة الحكم الجديدة، كما هو المرجّح في حال تمت التسوية، سواء بتدخل وضغط خارجي، او بتوافق داخلي يباركه الخارج.
لذا يسعى باسيل لدى الخارج (في قطر وفرنسا وربما مع غيرهما) لتحقيق التسوية التي تحفظ له مكانه ودوره “وحصّته” في التسوية، وفي المؤسسات والمراكز الرسمية.
لكن، مع هذا الكمّ من الخصومة مع أغلب القوى السياسية الداخلية والعلاقة “الصعبة” مع بعض الدول العربية المعنية والمؤثرة في لبنان، من الصعب حصوله على كل ما يريد، فهل يستمر في المناورة والتشدد في المواقف وشدّ الحبال، ام يُرخي الحبل كي لا ينقطع اي تواصل له مع الاطراف المعنية بحل الازمة؟