بعد مصادقة حكومة العدو على أوراق التفاهم مع لبنان حول حدود المناطق الاقتصادية في البحر، يتوقع أن يعلن لبنان رسمياً موافقته على الأمر، من دون أن يتأكد ما إذا كان الرئيس ميشال عون سيوجه رسالة إلى اللبنانيين في هذا الشأن. النقاش الصاخب في “إسرائيل” حول التفاهم لم يكن له ما يشبهه في لبنان، حيث اقتصر الأمر على «النكد» السياسي لخصوم الرئيس عون والمقاومة ممن يعملون بوحي أميركي، لتأكيد أن الاتفاق ثمرة قرار أميركي وليس للبنان أو المقاومة دور فيه.
وإذا كان الجدال “الإسرائيلي” يدور على خلفية السجال الانتخابي، فإنه في لبنان يتعلق برغبة فريق سياسي بعدم منح الرئيس عون والتيار الوطني الحر أي إنجاز ولو في نهاية العهد. ولذا يتوقع أن يعود هؤلاء، وبينهم من هو في الحكم، إلى العودة إلى السجالات حول الملفات الداخلية فوراً، وسط ضباب يحيط بملف الانتخابات الرئاسية وتراجع الحديث عن تشكيل الحكومة خلال ما بقي من ولاية رئيس الجمهورية.
خارجياً، اهتم الأميركيون والفرنسيون بتسويق فكرتهم بأن مسار التفاوض يقود إلى تحقيق نتائج لمصلحة لبنان. لكن السؤال اليوم هو حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستفرض على البنك الدولي تسريع خطوات إقرار برنامج التمويل لصفقة جر الغاز والكهرباء من مصر والأردن، فيما لا تزال عقبات فنية تعيق وصول الهبة الإيرانية لتعزيز ساعات التغذية في التيار الكهربائي.
وكان ملف الترسيم الشغل الشاغل “للإسرائيليين” على مستويات الحكم والمعارضة والإعلام الذي بادر إلى نشر مسودة الاتفاق باللغتين الإنكليزية والعبرية، قبل أن يتم تسريب النسخة العربية منه في بيروت. وحصلت مناقشات على ضوء ما ورد في المسودة من مواد وبنود وأفكار. لكن السائد في كيان الاحتلال أن الحكومة تدافع عما تعتبره «الحل الضروري لمنع حصول حرب»، بينما حرص أهل الحكم في لبنان على تأكيد الإنجاز الذي تحقق بانتزاع حقوق لبنان من العدو.
وفي “إسرائيل” باشر رئيس حكومة العدو يائير لابيد الخطوات التنفيذية التي تستهدف كسب الوقت ليتمكن من توقيع التفاهم قبل نهاية الشهر الجاري، بناء على نصيحة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وتوصيات وزارة الخارجية الأميركية، حيث هناك خشية من أن فراغاً دستورياً يمكن أن يحصل في لبنان آخر الشهر سيكون من الصعب بعده إيجاد من يوقع التفاهم.
وبناء عليه، صادقت الحكومة الإسرائيلية بغالبية كبيرة، أمس، على التفاهم، وعلى اقتراح لابيد وضع الاتفاقية في الكنيست من دون التصويت عليها. وأعرب أعضاء الحكومة عن دعمهم لأهمية الاتفاق البحري مع لبنان وضرورته، فيما صوتت وزيرة الداخلية أييليت شاكيد ضد الاتفاق، وامتنع وزير الاتصال يوعاز هندل عن التصويت.
وناقشت الحكومة أيضاً خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أول من أمس، فيما تناولت الأجهزة الأمنية خلال الجلسة مروحة من التقديرات للمرحلة التي تلي، وانعكاس الاتفاق على الوضع اللبناني وعلى الصراع مع إسرائيل. وعرضت الجهات المهنية مبادئ الاتفاقية وآثارها في تعزيز الأمن القومي والاستقرار الإقليمي، على أن تعود الاتفاقية إلى الحكومة بعد 14 يوماً للمصادقة عليها، بحسب النظام الداخلي وموقف المستشار القانوني للحكومة.
وأعلن لابيد أنه سيستدعي كل رؤساء أحزاب المعارضة لعرض الاتفاق عليهم، و«من الأفضل الذهاب للتصويت في الكنيست، لكن هذا ليس ملزماً. ولا أعتقد أنه من قبيل المصادفة أن زعيم المعارضة (بنيامين نتنياهو) تجنب المجيء إلى الكنيست». وأضاف أنه «في ضوء السلوك المستهتر للمعارضة قررنا عدم طرح الاتفاق للتصويت في الكنيست».
وقبل جلسة الحكومة، صادق المجلس الوزاري المصغر على الاتفاق، وصوت كل الوزراء لمصلحته، باستثناء وزيرة الداخلية. وبحسب بيان صادر عن مكتب شاكيد، فإن ما جرى في المجلس الوزاري ليس تصويتاً على الاتفاق نفسه، وإنما على بيان رئيس الحكومة في نهاية الجلسة. وأكدت أنها «مصممة على موقفها أنه في حال تقرر عرض الاتفاق على الكنيست للمصادقة فإنها ستعارضه» وهذا ما قامت به.
وخلال الجلسة، قدم رئيس الأركان أفيف كوخافي ورئيس شعبة الاستخبارات أهارون حاليفا ورئيس الموساد ديدي برنياع تقارير استخبارية محدثة أمام الوزراء وتحدثوا عن الحاجة الأمنية للاتفاق، وقدموا رأياً موحداً حول ضرورة التوصل إلى اتفاق قبل 31 تشرين الأول الجاري، وأكدوا أن الاتفاق سيعزز أمن إسرائيل.