ما علاقة التغييرات المناخية بالاستعباد الجنسي في الهند والاتجار بالفتيات؟

أكد باحثون وخبراء أن التغييرات المناخية القاسية، باتت تُعد من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الاتجار بالفتيات الصغيرات في الهند وإجبارهن على العمل في البغاء، وفقا لتقرير خاص نشرته صحيفة “إندبندنت” البريطانية.

واشارت الباحثة الاجتماعية، أفني ميشر، إلى ان الهند شهدت في الأعوام الأخيرة ارتفاعًا بنسبة 28 في المائة تقريبا في الاتجار بالبشر، وفقا للبيانات الرسمية، حيث تم تسجيل 2189 حالة في العام 2021 .

وأوضحت أن تلك الاحصائيات قد لا تعطي أرقاما دقيقة مع وجود احتمالات كبيرة بشأن عدم الإبلاغ عن الكثير من الحالات، مضيفة: “على الرغم من عدم وجود دليل واضح على أن النساء والأطفال أكثر عرضة للخطر أثناء وبعد الأحداث المناخية القاسية إذا حدثت على نطاق واسع، ولكن هناك مؤشرات تدل على ذلك”.

ورأت أن تأثيرات أزمة المناخ ليست محايدة بين الجنسين، مردفة: “تلك الكوارث تؤثر على المرأة بشكل مختلف.. ولدينا دراسات تخبرنا أن النساء والأطفال أكثر عرضة للتأثر سلبيا بتغير المناخ”.

واضافت: “يحدث ذلك أيضًا لأن هناك بالفعل عدم مساواة بين الجنسين، وهذا الأمر يتفاقم أثناء تغير المناخ”.

وتضرب مثلا، قائلة: “إذا قضت الأم أثناء حدث مناخي شديد القسوة، فإنه يُنظر إلى الأطفال على أنهم ضعفاء، وعادة ما يرفض الأب تحمل المسؤولية، ويعتبرهم عبئًا ثقيلًا.. ولذلك يتم الاتجار بالفتيات أو بيعهن أو تزويجهن مبكرًا”.

ولفتت الى انه “في حال مات الأب خلال حوادث الطقس فإن ذلك سوف يشكل تحدٍ لربات المنزل اللاتي يصبحن أمهات عازبات وأرامل، وبالتالي يصبح من الصعب الاعتناء بالمنزل”.

ومن الفتيات اللواتي تعرض للاسترقاق الجنسي، تارا (اسم مستعار) والبالغة حاليا من العمر 13 عاما، والتي كانت تعيش مع عائلتها في إحدى القرى قرب غابة سونداربانس الاستوائية (مانغروف)، وهي إحدى أكبر الغابات العالمية من هذا النوع (140 ألف هكتار).

وتعاني تلك المنطقة من إعصار مرة كل 20 شهرا في المتوسط، مما يجعلها من الناحية الإحصائية الأكثر تضررًا من العواصف في جميع أنحاء الهند.

ضرب إعصار ياس المنطقة بضراوة في 2021، مما أدى إلى تدمير نحو 300 ألف منزل بشكل تام أو جزئي، وكان التأثير المباشر لذلك الإعصار بمثابة ضربة قاصمة لعائلة تارا التي فقدت والدتها بعمر 6 سنوات، إذ أن والدها وبعد دمار منزلهم اضطر إلى ترك القرية للذهاب إلى كولكاتا للبحث عن عمل هناك، بينما سافرت هي للعيش عند خالتها في إحدى المدن القريبة عقب استحالة العيش في قرية غمرها الماء وباتت محاصيلها الزراعية خرابا.

وبعد فترة استغل زوج الخالة براءة تارا التي كان عمرها 11 عاما ليخدرها ويبيعها في العاصمة دلهي لعصابة من المتاجرين بالبشر الذين أجبروها على العمل في البغاء قبل أن تتمكن جدتها من استعادتها عقب جهود مضنية وبالتعاون مع إحدى المنظمات التي تدافع عن حقوق النساء والفتيات.

وتقول الجدة إن حفيدتها قد دخلت مرحلة من التأهيل الصعب، فهي عانت من اضطرابات نفسية جراء ما مرت به على مدى نحو عامين من الاستعباد، قبل أن تبدأ في التحسن، لتقول تارا إنها تأمل في مواصلة دراستها لتكون طبيبة أو معلمة في المستقبل.