العين.. تقاوم المخرز 

| رندلى جبور |

الضربات الإسرائيلية السريعة على رأس المقاومة، والتي كان آخرها اغتيال قائدها السيد حسن نصرالله، جعلت كثيرين يشككون في كل شيء:

هل المقاومة قادرة على الاستمرار؟

هل سنستفيق من تحت الضربات أحياء بالرجاء؟

هل هذه هي النهاية؟

هل انتصرت “إسرائيل”؟

هل إيران باعت مقاومة لبنان؟

الأسئلة مشروعة، بعد ما أظهره العدو من قوة تقنية وعسكرية واستخباراتية طاولت حتى من كان بالنسبة للكثيرين الأمل الوحيد في مواجهته، أعني سماحة الشهيد.

ولكن الإجابات بدأت تأتي تباعاً.

“حزب الله” لملم جراحه ودموعه، وأرسل مجاهدوه رسالة إلى السيد واعدين بالاستمرار، ووعدوه الوفاء بوعده.

وهم بالفعل بدأوا باستخدام أسلحة جديدة، ومنها صاروخَي “نور” و”فادي 4″، ونفذوا عمليات نوعية على قواعد عسكرية، وبعمق أبعد مدى من السابق.

كما واجهوا قوة كومندوس صهيونية على مقربة من العديسة من مسافة صفر بعد كمين محكم جهزوه، واعترضوا طريقها نحو الداخل اللبناني، وأوقعوا رئيسها وعناصرها بين قتيل وجريح، وهم يصطادون متسللين آخرين.

أثبتوا بما نرى لا بما نسمع، أنهم يعملون وفق خطة منظمة، لا عشوائياً، وأنهم لم يُصابوا في بنيتهم البشرية والتسليحية والاتصالاتية.

وتزوّدنا العلاقات الإعلامية في “حزب الله” أيضاً بعشرات البيانات يومياً، مؤكدة بذلك أن العمل الاعلامي للمقاومة لا يزال بخير هو أيضاً.

ومن طهران أتى الجواب على التشكيك، على شكل مئتي صاروخ أمطرت تل أبيب التي عتّمت على أضرارها مع أنها حقيقية وقائمة، وعدا استهداف ثلاث قواعد مهمة، فقد أجبرت تلك الصواريخ الفرط صوتية ملايين المستوطنين على الاختباء في الملاجئ ومعهم بنيامين نتنياهو ووزير حربه، ومُنع الاسرائيليون من تسريب أي صورة أو معلومة، وتعطلت حركة الملاحة، وتراجع تصنيف كيان العدو المالي دولياً.

ومن اليمن والعراق ردود يومية كذلك.

ربما ظنّت “إسرائيل” أنها انتصرت وانتهت، ولكن في الحقيقة، وعلى رغم وحشيتها وإجرامها ووسائلها والدعم الخارجي لها، ومع أنها اغتالت رأس المقاومة وجزءاً من صفّها الأول، إلا أن المقاومة تلك لا زالت تقاوم ولم تُهدِ العدو نشوة طويلة الأمد، وهي تثبت أنها مستمرة بعزم وبوعد لسيد الوعد، لتؤكد في النهاية، وخلافاً للسرديات الساكنة في لا وعينا، أن العين تقاوم المخرز وقد تنتصر عليه.

وبالتالي تصبح الإجابات:

نعم.. المقاومة قادرة على الاستمرار لأنها امتصّت الضربات، ولم تُمَس بالقدرات التي بناها السيد على مدى عقود.

نعم.. سنستفيق على رجاء، لأننا أبناء تاريخ طوّر مواجهته للمحتل والغازي والمعتدي، ولم يسمح له بتحقيق أهدافه.

كلا.. هذه ليست النهاية، بل لعلّها البداية.

كلا.. “إسرائيل” لم تنتصر وإيران لم تتاجر.