ميقاتي مُكلفاً: تفويض مسيحي هزيل.. والميثاقية عقدة التأليف الكأداء!

/محمد حمية/

وإن فاز رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالتكليف بـ54 صوتاً، لغياب فرص التنافس الجدي مع السفير السابق نواف سلام، بسبب التراجع السعودي عن دعمه حتى النهاية لأسباب سياسية عدة، إلا أن تكليف ميقاتي جاء بأكثرية هي الأقل في تاريخ الرؤساء المكلفين، على الأقل في عهد رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون، وبدعم شيعي كامل وسني مقبول وتأييد مسيحي هزيل وتصويت درزي معدوم، ما سيخلق عقبات عدة أمام تأليف الحكومة.

في قراءة للأرقام، تظهر الأصوات الـ 54 التي نالها ميقاتي لجهة توزيعها الطائفي، أنه حصد 26 صوتاً شيعياً (ثنائي حركة أمل وحزب الله)، ونائبان علويان، ونال أصوات 15 نائباً سنياً، واحد من كتلة التنمية والتحرير (قاسم هاشم) واثنان من كتلة الوفاء للمقاومة (ينال الصلح ومحمد الحجيري) و3 من عكار ونائب من الضنية وآخر من المنية، ونائب من طرابلس ونائبان من جمعية المشاريع، ونائب الجماعة الاسلامية عماد الحوت والنائب عن بيروت بلال بدر ومن البقاع الأوسط بلال الحشيمي ومن البقاع الغربي حسن مراد.

وفي الحصيلة أن 43 نائباً من أصوات ميقاتي الـ 54 هم من الطائفة الإسلامية، و11 صوتاً مسيحياً، هم 4 من النواب الأرمن و4 نواب التكتل الوطني ونائب من عكار ونائب من طرابلس ونائب من كتلة التنمية والتحرير، في ظل عدم تسمية “القوات” و”التيار الوطني الحر” أحداً وتصويت الكتائب لنواف سلام، ما يعني أن الميثاقية المسيحية ستكون العقدة الكأداء أمام ميقاتي في عملية التأليف‘ إن رفض التيار والقوات المشاركة في الحكومة المقبلة.

ويمكن ملاحظة أن نتيجة استشارات التأليف شبيهة بنتائج انتخاب رئيس للمجلس النيابي، جسدت الانقسام الطائفي الفاقع، إذ وصل ميقاتي الى سدة التكليف بأغلبية أصوات المسلمين مقابل أقلية مسيحية ضئيلة، في ظل مقاطعة الأغلبية الساحقة للمسيحيين، كما وصل الرئيس نبيه بري الى سدة رئاسة المجلس بأغلبية حوالي 50 نائباً مسلماً و15 صوتاً مسيحياً بعدما رفضت كتلتا التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية التصويت لبري.

هذا الانقسام الطائفي في استحقاقات دستورية أساسية ترسم سياسات الدولة في مختلف المجالات، وبالتالي معالم المرحلة المقبلة، تعكس تكون مناخ طائفي تراكمي خطير قد يتكرر في استحقاق رئاسة الجمهورية الذي يعني المسيحيين بالدرجة الأولى، إذ أن الأكثرية النيابية التي أوصلت بري الى رئاسة المجلس وميقاتي الى التكليف، تستطيع انتخاب رئيس للجمهورية من دون الكتلتين المسيحيتين، التيار والقوات، بحال أمنت الكتلتين نصاب الانعقاد، والعجز عن عقد تسوية سياسية داخلية ـ خارجية تبدأ بانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

هذا المناخ الطائفي قد ينسحب الى مفاصل الدولة في حال حصول فراغ في رئاسة الجمهورية، والخطورة تكمن بانتقال هذا المناخ الى الشارع المعبأ أصلاً، ويمكن صرفه في سوق الخلافات الطائفية المتراكمة بسبب المخاوف الكامنة داخل الطوائف كافة على مصيرها ووجودها، وفي ظل الوضع الداخلي المتفجر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، والمتوتر والغامض إقليمية ودوليا، وتتزايد الخطورة مع عودة الحديث عن اللامركزية المالية والاقتصادية كمقدمة للتقسيم.

إشكالية الميثاقية الطائفية وتعدد الكتل النيابية في المجلس النيابي، ستنعكس سلباً على استحقاق تأليف الحكومة وستُصعّب مهمة الرئيس المكلف، فكيف سيكون التمثيل المسيحي في الحكومة في ظل الخلاف القائم بين عون وميقاتي ورفض النائب جبران باسيل المشاركة بالحكومة، وكذلك القوات التي أعلن رئيسها سمير جعجع رفض المشاركة بحكومة بظل وجود عون في بعبدا؟ وكيف ستمثل الطائفة الدرزية إن أصر رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط على رفض المشاركة، علماً أنه يحتكر التمثيل الدرزي النيابي؟

فهل سيبقى ميقاتي وفق هذه المعادلة الطائفية مكلفاً الى نهاية العهد الحالي؟