“سحب قرعة” على إسم الرئيس المكلّف.. هل تغدر “القوات” بميقاتي؟

/ خلود شحادة /

ترك غياب رئيس تيار “المستقبل” سعد الحريري، أثراً في البيت السياسي. إقفال باب بيت الوسط، دفع السياسيين إلى بحث صعب خلف أبواب كثيرة، وطرق باب وسطي آخر، لإيجاد شخصية سنية تستطيع الإمساك بزمام الحكومة.
ولكن، في بلد محكوم بما يدعى “الميثاقية” إلى جانب “الطائفية السياسية”، فإنه ليس كافياً أن تكون الشخصية السنية كفوءة لتولّي المنصب الحكومي، بل عليها أن تتمتع بصفات عدة، منها الشعبية السياسية الواسعة، والقبول من دار الفتوى، والمباركة العربية ـ الدولية، بعد أن كانت انتهت مفاعيل “مصادقات” أخرى، سواء من “نادي الرؤساء السابقين”، أو من “تعداد نيابي سنّي”.
هذه المعادلة أوجدت نوعاً من الحصرية على الأسماء المخولة ترؤس الحكومة، وهم أعضاء نادي رؤساء الحكومات السابقين، أو المقربين منهم.
النائب فؤاد المخزومي حظوظه شبه معدومة، ورب قائل أنه خارج المعادلة الحكومية أساساً، وخاصة بعد تصعيده الكبير ضد “حزب الله”، ونعته بصفة “العدو” في خطابه قبل الانتخابات. وهي لغة لم يألفها أشد خصوم الحزب في الداخل اللبناني.
أشرف ريفي، حليف “القوات اللبنانية”، مغضوب عليه من كافة الأطراف الأخرى، إن كان من داخل البيئة السنّية أو الشيعة أو من “التيار الوطني الحر”، وبذلك يخسر فرصته في تولي المنصب.
ولا يمكن “صرف” اجتماع بين مخزومي وريفي، في محاولة لإيجاد تكتل مع بعض الأطراف السنية الأخرى داخل المجلس النيابي، لمواجهة ما يسمونه “هيمنة حزب الله”، داخل المجلس النيابي، في ميزان تسمية الرئيس المكلّف.
وفي وسط “الاستنفار السني”، فإن النواب السنة عقدوا اجتماعاً في دار الفتوى في طرابلس، للبحث بالاستحقاقات المقبلة، وأولها الاتفاق على اسم رئيس حكومة جديد.

بالتزامن، كشفت المعلومات أن اجتماعاً سيعقد في دارة النائب نبيل بدر يوم الاثنين، يجمع نواب اللقاء النيابي الشمالي والنواب المستقلين، للإتفاق على تسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة، وسيتناول اللقاء الأسماء المتداولة، على الرغم من التحفظ على بعضها.
كل هذه الخطوات تأتي في سياق بلورة الأسماء المطروحة لترؤس الحكومة المقبلة.
حتى الآن، يبدو أن اسم الرئيس نجيب ميقاتي هو الأوفر حظاً، ولو كان الاتجاه السني معاكس لاختياره.
يعود سبب ارتفاع أسهم ميقاتي عن سواه، إلى إدراك القوى السياسية أن الحكومة المقبلة ما هي سوى حكومة انتقالية، عمرها قصير، لا تستأهل استنزاف الوقت لاختيار اسم وتكليفه.
رئيس مجلس النواب نبيه بري، من المفترض انه سيسمي ميقاتي، على اعتبار أنه الأنسب لهذه المرحلة، التي يراها “مش محرزة” لمعركة رئاسية.
“حزب الله”، يؤيد بري في طرحه لنفس السبب.
أما جنبلاط، فبالإضافة إلى العلاقة الجيدة التي تربطه بميقاتي، فانه يتبنى مبدأ بري.
أما “التيار الوطني الحر”، فلا يريد ميقاتي، وخاصة بعد الهجوم الذي شنه ميقاتي عقب الانتخابات على باسيل و”التيار”.
أما بالنسبة لـ 27 نائباً سنياً، فان الضبابية تسيطر على مواقف معظمهم، مع غياب الموقف السني الموحد، لذلك يرجح أن تكون تسمية ميقاتي بالمفرق وليس بالجملة.
وبالنسبة لحزب “القوات اللبنانية”، فتحوم علامات الاستفهام حول موقفه من تسمية ميقاتي.
ميقاتي كان سلّف “القوات” مقعداً في طرابلس، وهو ينتظر أن تردّ “القوات” له الجميل بتسميته رئيساً للحكومة، ما يسمح بالتالي لميقاتي بالفوز بالأغلبية المطلقة متخطياً عتبة الـ 65 صوتاً.
ولكن، حزب “القوات” كان قد أعلن على لسان رئيسه سمير جعجع، عدم الموافقة على أي اسم يسمّيه “حزب الله”، فكيف سيتم تلقّف الأمر؟
هنا، ستكون كتلة “القوات” أمام مسار من اثنين:
الأول يقضي أن تسمي كتلة “القوات” ميقاتي، من دون أن تشارك بالحكومة، بحجة مشاركة “حزب الله” فيها. وبهذه التسمية، تكون قد ردت الجميل الانتخابي لميقاتي.
الثاني يقول، بأن يعيد حزب “القوات اللبنانية” الكرّة مع ميقاتي، وهو ما اعتاد عليه مؤخراً، ليتلقّى الطعنة “القواتية” كما تلقاها سلفه الرئيس سعد الحريري، وذلك بعدم تسميته رئيساً للحكومة.
وفي حال امتنعت “القوات” عن تسمية ميقاتي، فإن الأخير سيحصل على حوالي 50 صوتاً، تضمّ أصوات: “التنمية والتحرير” (15)، “الوفاء للمقاومة” (13)، “المشاريع” (2)، تيار “المردة” وحلفاؤه (3)، اللقاء الديموقراطي (٩) وعدد من نواب السنّة والنواب المستقلين.
وفي انتظار انتهاء الاستشارات الملزمة، يبقى النقاش مفتوحاً، وقد يخرج اسم للضوء يشكل مفاجأة، ويخالف كل التوقعات!