“الإبرار” و”الإنزال” و”مسافة صفر”.. مصطلحات عسكرية تحتل الأخبار!

| الجريدة |

يشهد كل من لبنان وفلسطين، منذ عام ونيّف عدواناً همجياً يشنه جيش العدو الإسرائيلي أسفر عن استشهاد الآلاف من النساء والأطفال والمقاومين.

استطاعت الحرب الدائرة، أن تستحوذ على مضمون كل المواد الإعلامية، مما أدى إلى انتشار بعض المصطلحات العسكرية التي قد تبدو غريبة.

تختلف المصطلحات المستخدمة ما بين المعركة البرية والبحرية والجوية، فـ”الإبرار البحري” يختلف عن الإنزال الجوي، ويتمايز عن المواجهة من “المسافة صفر”.

فما هو الفرق بين كل تلك العبارات؟

الإبرار البحري:

الإبرار البحري، وهو المفهوم الذي أطلق على حادثة البترون، هو مصطلح عسكري يخص العمليات الحربية التي تنطلق من البحر، ويعني وصول قوات عسكرية منقولة بحراً إلى اليابسة باستخدام قوارب الاقتحام المطاطية أو زوارق الإنزال المسلحة، انطلاقاً من سفن عسكرية كبيرة تكون في عرض البحر أو من مناطق آمنة.

يهدف “الإبرار البحري” إلى احتلال ما يعرف بـ “رؤوس الجسور”، أي تأمين مناطق برية على الشاطئ لدخول قوات إليها والبدء بعمليات عسكرية في البر. وقد يكون الهدف منه الاستيلاء على نقاط أو خطوط مهمة أو تنفيذ بعض العمليات الخاصة من قبل قوات “الكوماندوز”.

قد يكون الإبرار البحري صامتاً – أي من دون إطلاق النار أو أي عمليات إسناد جوية – وذلك “لتحقيق المفاجأة وإنجاز الهدف بسرعة مثلما حصل في منطقة البترون، وقد يكون الإبرار البحري صاخباً – أي إنزال قوات على اليابسة من البحر بالقوة وتحت إطلاق النار والقصف من الطائرات ونيران الإسناد المختلفة – وذلك يعتمد على “طبيعة الهدف والمهمة”.

وهو يختلف عن الإنزال الجوي، بعد أن التبس المصطلحين على الناس.

ما هو الإنزال البري؟

تمثل عمليات الإنزال الجوي إحدى الخطط العسكرية، التي يتم اللجوء إليها لتنفيذ مهام هجومية خلف الخطوط الدفاعية للعدو، التي لا يمكن الوصول إليها باستخدام تكتيكات الهجوم الواسع.

وتكمن أهمية عمليات الإنزال الجوي في أنها تمكّن الجيش المنفذ من السيطرة على مواقع استراتيجية في عمق العدو بأقل خسائر وفي وقت قصير، مقارنة بالأساليب التقليدية، التي تعتمد على استخدام قوات ضخمة لاختراق تحصيناته الدفاعية.

لكن هذا النوع من الخطط الحربية يحتاج إلى عتاد عسكري خاص وقوات احترافية تستطيع القتال بكفاءة بمجرد وصولها إلى مواقع العدو والاحتفاظ بجاهزيتها القتالية حتى نهاية العملية.

ولكي يتم إتمام مهام الإنزال الجوي يجب أن يكون هناك عمل مشترك بين القوات الجوية وجنود المظلات الذين يستخدمون الطائرات للوصول إلى أهدافهم.

فمن ناحية العتاد العسكري، يجب أن يتم توفير طائرات عسكرية مجهزة لتنفيذ مهام الإنزال الجوي سواء كانت طائرات ثابتة الأجنحة مثل طائرات النقل العسكري الضخمة، أو مروحيات عسكرية يمكنها التحليق على ارتفاعات تحول دون اكتشافها بواسطة رادارت العدو خلال تنفيذ العملية.

ومن ناحية العنصر البشري، فإن جنود الإنزال الجوي أو “المظليين” يجب أن يتلقو تدريبات قاسية تشمل المهام القتالية إضافة إلى التدريب على القفز المظلي في بيئات القتال المختلفة.

الإنزال الجوي تحتاج نوعية خاصة من الجنود الذين يمتلكون 6 صفات:

1.السرعة والمبادرة التي تمكنهم من بدء القتال بمجرد ملامسة الأرض.
2.الحفاظ على أعلى درجات الجاهزية القتالية منذ الهبوط على الأرض حتى نهاية العملية.
3.القدرة على تنفيذ مهام منفردة ضمن المهمة الشاملة لأفراد المجموعة القتالية.
4.قدرة جميع أفراد المجموعة على تنفيذ المهام الهجومية أو الدفاعية في جميع الاتجاهات على مدار الساعة.
5.القدرة على استخدام الأسلحة والوسائل القتالية للعدو واستخدامها في الهجوم والدفاع.
6.القدرة على البقاء خلف خطوط العدو لفترات طويلة والتسلل في عمق قواته وتنفيذ هجمات نوعية لإرباكها.

ما هو الحزام الناري؟

ردد هذا المصطلح كثيراً خلال الحرب الجارية في غزة، بالإضافة إلى جنوب لبنان، حيث شن العدو الإسرائيلي أحظمو نارية علت مناطق عدة ومنها المدن الكبرى كصور والنبطية وبعلبك والضاحية الجنوبية لبيروت، واستخدمته وسائل الإعلام لوصف الغارات المتتالية المكثفة التي تستهدف مكاناً محدداً خلال وقت زمني قصير.

والحزام الناري، عبارة عن غارات مكثّفة وقوية تُشنّ على عدة أهداف تتمركز في منطقة واحدة، ويهدف إلى “خلق قبضة خانقة على الطرف الآخر والحد من قدرته على الرد”، وقد تنفذه القوات الجوية أو البرية أو البحرية، ويستهدف المقاتلين والتجهيزات العسكرية والمباني الإستراتيجية.

إلا أن العدو الإسرائيلي كعادته، يخرق كل المعايير، لينفذ الحزام الناري في الأحياء السكنية التي يقطنها مدنيون، مما يؤدي إلى عجز الاسعافات عن الوصول، وبالتالي يحقق أكبر قد ممكن من الضحايا المدنيين.. شهداء.

وينفّذ الحزام الناري لتمهيد الطريق أمام دخول القوات البرية لمنطقة ما، ومثالاً على ذلك ما حصل في خان يونس خلال الحرب الأخيرة، حين نفذ جيش الإحتلال الإسرائيلي حزاماً نارياً “سمح بتوسيع ممرات عبور القوات البرية إلى المنطقة”، إلا أنه في لبنان لم يتمكن العدو من الدخول بريا رغم تنفيذه لعدة أحزمة نارية، إضافة إلى تنفيذ هذه الأحزمة في أماكن بعيدة نسبياً عن الحدود، وبالتالي كان هدفه الأساسي تحصيل أكبر قدر ممكن من الدمار والخراب والقتل.

ما هي المسافة صفر؟

برز استخدام مصطلح “المسافة صفر” خلال حرب غزة، كما استُخدم في حروب وجولات سابقة من التصعيد في لبنان وفلسطين.
وعادة ما تستخدمه قوات المقاومة اللبنانية والفلسطينية على حد سواء، للتعبير عن المواجهات المباشرة بين عناصرها وقوات الإحتلال الإسرائيلي.

لهذا المصطلح دلالة عسكرية تتعلق بوصف القتال القريب بين الأطراف المتحاربة من مسافات لا تتعدى بضعة أمتار، ولكن في السابق كان يستخدم مصطلح “التحام”، ليتبدل فيما بعض ويصبح “مسافة صفر”، ويعود ذلك بشكل خاص في لبنان، إلى المسافة التي خلفها الخط الأزرق الفاصل بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة، مما يعطي دلال كبيرة لكلمة “مسافة صفر”.
وتجدر الإشارة إلى أن الأسلحة، حتى الصغيرة منها مثل المسدسات، تصبح مؤثرة في هذا النوع من الاشتباك، “كما يُحيّد هذا النوع من القتال النيران المساندة مثل المدفعية والطيران”، إذ يتعذر استخدامها حين تصبح الأطراف المتحاربة على مسافة قريبة جداً من بعضها.

ما هي سياسة الأرض المحروقة؟

سياسة الأرض المحروقة هي أسلوب عسكري يهدف لتدمير أي شيء قد يمنح الطرف الآخر القدرة على شن الحروب. يشمل ذلك، تدمير المحاصيل والثروة الحيوانية والمباني والبنى التحتية.

سياسة الأرض المحروقة قد تطبقها الوحدات العسكرية خلال تقدمها في الأراضي المعادية كأسلوب عقابي ولتقويض قدرات العدو، وقد تطبقها الوحدات العسكرية أثناء انسحابها من مناطق معينة بهدف تدمير أي شيء يحمل قيمة عسكرية للطرف المقابل.

هناك الكثير من الأمثلة التاريخية على تطبيق سياسة الأرض المحروقة، لعل أبرزها ما حصل في المراحل الأولى من الغزو النازي للاتحاد السوفياتي خلال الحرب العالمية الثانية، حين أحرقت ودمرت القوات السوفياتية قبل انسحابها من بعض المناطق الجسور والمحاصيل الزراعية وأي شيء فيها قد يستفيد منه النازيون.