لا محاضر ضبط لـ”إعادة الإعمار” جنوباً.. ولكن!

| فرح سليمان | 

في الوقت الذي تتعرض فيه البلدات الجنوبية للاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، ما يؤدي إلى تدمير المنازل والمرافق الحيوية، ظهرت مؤخراً أنباء تشير إلى محاضر ضبط طالت المواطنين الذين بدأوا في إعادة بناء منازلهم المتضررة.

بعد انتشار هذه الأخبار، تبين بعد التواصل مع المعنيين أن هذه المعلومات لا صحة لها على الإطلاق.

تصريحات مسؤولي البلديات: الواقع مغاير

تواصل موقع “الجريدة” مع رئيس بلدية كفركلا، حسن شيت، الذي نفى بشكل قاطع ما تداولته وسائل الإعلام حول تسطير محاضر ضبط بحق المواطنين، وقال: “كفركلا مدمرة، الكهرباء والاتصالات مدمرة بشكل كامل، والبلدة منكوبة”.
وأوضح أن الجيش والدرك يتعاونون معهم، ولم تحصل أي مداهمات أو محاضر ضبط، فقط قام الدرك بالكشف على ملكية أصحاب المنزل حتى لا يكون هناك تعدياً على أملاك الآخرين، والقوى الأمنية لم تطلب تراخيص حتى”.

من جانبه، أكد رئيس بلدية ميس الجبل، عبد المنعم شقير، أن “ميس الجبل، مثل بقية القرى الحدودية، تعاني من دمار واسع، والدولة موجودة بأجهزتها، ولكن لم يُحرر أي محضر ضبط بحق أي شخص، معتبراً أن المسألة بسيطة، فكل شخص له الحق في إعادة بناء منزله المدمّر”.
وأوضح أن “القرار الصادر عن وزارة الداخلية ينص على ضرورة بناء أي منشأة وفق تنظيمات مدنية، وهذا هو جوهر المسألة”.

إعادة الإعمار رهينة التعقيدات السياسية

بينما يواجه المواطنون تحديات كبيرة في إعادة بناء منازلهم بسبب التعقيدات السياسية والإدارية، يظل مشروع “إعادة إعمار الأبنية المدمرة” حبيس أدراج مجلس النواب، وسط غياب إجراءات ملموسة لتنفيذ الوعود الحكومية.

وفي الوقت نفسه، تواصل المساعدات الدولية التي كانت قد وعدت بها لبنان التأجيل، كونها مشروطة بتوفير “الشفافية” و”الاستقرار الأمني”، ويستمر التأخير في إقرار المشروع الذي يعد خطوة هامة نحو إعادة الإعمار.

السيادة أم الخضوع؟

تزداد مشاعر الإحباط لدى أهالي الجنوب الذين يشعرون بتخلي الدولة عنهم في وقت حرج، حيث يتساءل المواطنون إذا كان من المفترض أن يبقى الجنوب اللبناني منكوباً، وأن يبقى المواطنون محاصرين بين القيود الإدارية والتعقيدات القانونية، أم أن هناك من يسعى لفرض واقع جديد يجعل العودة إلى مدنهم وقراهم مجرد حلم بعيد المنال.

مشروع قانون لإعادة الإعمار: خطوة ضائعة؟

في السابع من كانون الأول الماضي، صادقت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على مشروع قانون يهدف إلى تسهيل عملية إعادة البناء في المناطق المتضررة، من خلال إلغاء التعقيدات الإدارية والرسوم المالية التي تعرقل المواطنين.

المشروع الذي لاقى ترحيباً في البداية، يُتوقع أن يُسهل إعادة بناء المنازل المتضررة من دون الحاجة إلى تراخيص معقدة أو تكاليف إضافية، ولكن، وبعد ثلاثة أشهر من إقراره، لا يزال المشروع حبيس الأدراج من دون مناقشة أو إقرار في البرلمان.

ويشمل مشروع القانون بنوداً تتعلق بـ “تسوية مخالفات البناء” التي حدثت بين عامي 1971 و2018، مما يتيح للمواطنين إعادة بناء منازلهم وفقاً للمواصفات السابقة للهدم، باستثناء الأجزاء التي تتعدى على الأملاك العامة والخاصة، كما يتضمن المشروع إعفاءً من الرسوم والغرامات المرتبطة بالبناء، بما في ذلك الرسوم الخاصة بالإنشاءات وأتعاب المهندسين.

التأخير يعمق الأزمة

ورغم أن المواطنين المتضررين من الأزمات السابقة ينتظرون بفارغ الصبر تنفيذ هذا المشروع، فإن التأخير في إقراره يفاقم الأزمة الإنسانية.
ومع استمرار الملاحقات الأمنية والقانونية للمواطنين الذين بدأوا في إعادة بناء منازلهم، تزداد معاناتهم في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد، ليجد المواطن اللبناني نفسه محاصراً بين مطرقة التعقيدات القانونية وسندان الأوضاع السياسية المتدهورة. فما الذي ينتظره المواطنون؟ هل سيظل الجنوب اللبناني يعاني من الخراب، أم أن هناك خطة حقيقية لإعادة إعمار تلك المناطق المنكوبة؟