| روان فوعاني |
“طوفان الأقصى”.. عملية أطلقتها المقاومة الفلسطينية، سجلت بصمة عز في تاريخ هذه المقاومة المعبدة بدماء الشهداء، ورصاصات البنادق التي ما رُدّت يوماً.
صنفت هذه العملية الأكبر على مدى عقود من الزمن، استطاع الفلسطينيون من خلالها استعادة أمل التحرير والنصر، والتخلص من قيد الاحتلال، لتكون هذه العملية ترجمة حقيقية للشعر القائل “إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر”.
في 8 أكتوبر 2023، وبعد يوم واحد من انطلاق عملية “طوفان الأقصى” في غزة، أطلق “حزب الله” اللبناني صواريخ موجهة وقذائف مدفعية على المواقع التي يحتلها العدو في مزارع شبعا، بهدف إسناد المقاومة في غزة.
قوبل هذا الهجوم بقصف صهيوني على الأراضي اللبنانية، وتطور لاحقاً لسلسلة من الضربات والمناوشات اليومية على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية.
ظلّ الإشتباك محصوراً في المناطق الحدودية لعدّة أشهر، أي في شريط ضيّق ما بين ال 5 و10 كلم على كلا الجانبين، وذلك ما عُرف بقواعد الإشتباك. وما لبثت أن تعمّقت الإستهدافات لاحقاً بغارات إسرائيلية محدودة وقليلة كانت عبارة عن استهدافات لشخصيات محددة.
توسع العدوان شيئاً فشيئاً، حتى طال بعلبك وبيروت والنبطية وضواحي كل من صور وصيدا وصولاً إلى الضاحية الجنوبية، كما ووصلت الرشقات الصاروخية التي أطلقها الحزب إلى صفد وقاعدة ميرون في داخل الكيان، إضافةً إلى كريات شمونة والجولان، وهو أكبر تصعيد للصراع بين “حزب الله” و”إسرائيل” منذ حرب لبنان عام 2006.
لم تسلم بعض المستشفيات الحكومية ومعها طواقم الإسعاف من الاستهداف الإسرائيلي المباشر في ظل تصاعد العدوان والقصف المستمر على قرى الجنوب اللبناني، مما أجبر إدارات مستشفيات مرجعيون، وميس الجبل، وبنت جبيل الحكومية جنوباً، والسانتيريز في بيروت، على إغلاق أبوابها مؤقتاً، وإجلاء المرضى والجرحى، وهو ما أخرجها بالكامل عن الخدمة.
يأتي هذا التدهور في ظل الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية الطبية جراء اشتداد المواجهات العسكرية بين “حزب الله” و”إسرائيل” في الجنوب، واستهداف المستشفيات وطواقم الإسعاف معا، في حين تواجه المستشفيات الأخرى في لبنان تحديات كبيرة تشمل نقص الأدوية والمعدات الطبية، والضغط المتزايد بسبب ارتفاع أعداد النازحين والجرحى.
وتعرض الجمعة في 4 تشرين الأول حرم محيط مستشفى “الشهيد صلاح غندور” في بنت جبيل لقصف مدفعي صهيوني بـ4 قذائف، مما أسفر عن إصابة 15 فردا من الطاقم الطبي والتمريضي، وتم نقل المصابين إلى مستشفيات مجاورة لتلقي العلاج بواسطة فرق الصليب الأحمر، ليخرج عن الخدمة.
وفي حادثة أخرى، استهدفت مسيرة إسرائيلية ظهر الجمعة في 4 تشرين الأول طاقم إسعاف الهيئة الصحية الإسلامية قرب مستشفى مرجعيون الحكومي، مما أدى إلى استشهاد 7 أفراد وإصابة 5 آخرين، وتتقاطع هذه الاستهدافات مع سياسة ضرب المنظومة الطبية واستهداف الأطقم الصحية.
وبحسب أحدث الإحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة اللبنانية، بلغ عدد الشهداء من العاملين في القطاع الصحي 102، إضافة إلى إصابة 225 آخرين.
وفي الأيام الثلاثة الأخيرة من الحرب وحدها، استشهد أكثر من 40 عاملا من فرق الإسعاف والإطفاء، في حين أُصيب 188 آخرون، وتعرض 45 مركزا صحيا لأضرار جسيمة.
وكانت نعت المديرية العامة للدفاع المدني ـ الهيئة الصحية الإسلامية 11 شهيداً بالعدوان على الصهيوني المباشر على الطواقم الإسعافية في بلدة مرجعيون، ومركز شقرا الإسعافي، ومركز خربة سلم.
كما واستهدف العدو الإسرائيلي مركز شقرا الإسعافي وارتقى من الشهداء: الشهيد المسعف معين تميم، الشهيد المسعف مصطفى علي ذيب.
بالإضافة الى إستهداف مركز خربة سلم ( بئر السلاسل)، وإرتقاء الشهيد المسعف عباس فتوني، والشهيد المسعف حمزة الطويل”.
وكان شنّ الطيران الإسرائيلي مساء الأربعاء – الخميس غارة عنيفة على العاصمة اللبنانية بيروت، مستهدفًا مبنى تابعًا للدفاع المدني -الهيئة الصحية الإسلامية في زقاق البلاط، ما أدى لسقوط 7 شهداء وعدد من الجرحى.
ولا ننسى المجزرة المشابهة ليوم 4 آب التي ارتكبها العدو الإسرائيلي، عندما فجر أجهزة البيجير في 17 أيلول، أدت إلى استشهاد 12 شخصاً وعدد الإصابات تراوح بين 2750 و2800 جريح، بينهم 300 وصفت إصاباتهم بالحرجة.
الجدير بالذكر، أنه من بين الشهداء هناك 4 بين شهداء وجرحى عاملين في القطاع الصحي، اذ لا يختصر استعمال هذا الجهاز لجهة “حزب الله” فقط، إنما يستعمل بين الممرضين والممرضات.
وبهذا يكون العدو قد ارتكب مجزرة طالت القطاع الصحي في لبنان.
ولمستشفيات غزة، حصة الاسد من الإجرام الصهيوني المتمادي، الذي تخطى حتى جرائم الحرب والإنسانية، فعلى مدى عام كامل من العدوان المتواصل على قطاع غزة، اقترف جيش الاحتلال الإسرائيلي مجازر يومية لم تسلم منها المستشفيات ولا المدارس ولا مواقع النزوح التي دعا الاحتلال إلى التوجه إليها باعتبارها “مناطق آمنة”.
وبلغ عدد شهداء هذه المجازر عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين، فضلاً عن الخسائر المادية وما تسببت فيه من دمار على مستوى البنية التحتية للقطاع.
• مجزرة المستشفى المعمداني
جرت وقائعها في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2024، وأدت لاستشهاد 500 فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال الذين لجؤوا إلى المستشفى المعمداني بعد أن تلقوا تهديدات بقصف المربعات السكنية في محيطه.
• مجزرة جباليا
وقعت في 31 أكتوبر/تشرين الثاني 2024 في مربع سكني بمحاذاة المستشفى الإندونيسي في مخيم جباليا شمال شرق مدينة غزة، وخلفت استشهاد وإصابة حوالي 400 فلسطيني معظمهم من الأطفال، وفق ما أعلنت وزارة الصحة في غزة.
• مجازر مدرستي الفاخورة وتل الزعتر
وقعت المجزرتان فجر يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وسقط في مجزرة مدرسة الفاخورة بمخيم جباليا نحو 200 شهيد، في حين سقط بمجزرة مدرسة تل الزعتر شمال قطاع غزة 50 شهيدا.
وكانت المدرستان تؤويان مجموعات من النازحين الذين لجؤوا إليهما فرارا من القصف الإسرائيلي على المنازل والأحياء السكنية.
• مجزرة مستشفى كمال عدوان
وقعت في 16 ديسمبر/كانون الأول 2023، وخلفت استشهاد وإصابة عشرات المرضى والجرحى والأطقم الطبية والنازحين الذين لجؤوا إلى المستشفى الواقع في منطقة بيت لاهيا.
وبدأت قوات الاحتلال التحضير لاستهداف مستشفى كمال عدوان في الأيام الأولى من شهر ديسمبر/كانون الأول، إذ فرضت إخراجه عن الخدمة بالقوة، في الوقت الذي كان يؤوي عشرات المرضى، إضافة إلى الطواقم الطبية والإدارية وأكثر من 3 آلاف نازح.
• مجزرة مخيم المغازي
وقعت في 24 ديسمبر/كانون الأول 2023، وأدت إلى استشهاد 70 فلسطينياً معظمهم من الأطفال والنساء، في غارة جوية إسرائيلية دمرت مجموعة منازل مأهولة في مخيم المغازي وسط قطاع غزة.
ووصفت الضربات التي استهدفت 3 منازل في المخيم بأنها من بين أعنف الضربات التي شنتها القوات الإسرائيلية منذ بدء عدوانها على غزة حتى ذلك الحين.
• مجزرة الطحين
وقعت في 29 فبراير/شباط 2024 بدوار النابلسي شمال قطاع غزة، وسقط فيها نحو 120 شهيدا فلسطينيا وجرح نحو ألف آخرين.
وسقط معظم الشهداء والجرحى برصاص قوات الاحتلال من مسافة قريبة، بينما كانوا في طوابير الانتظار للحصول على المساعدات الغذائية، فأطلق عليها اسم “مجزرة الطحين”.
• مجزرة مستشفى الشفاء
وقعت في أواخر مارس/آذار 2024، وجرى خلالها إعدام أكثر من 300 فلسطيني من النازحين والطواقم الطبية والموظفين الحكوميين بالمجمع الطبي، إضافة إلى اعتقال نحو ألف آخرين.
فقد هاجم جيش الاحتلال الإسرائيلي مجمع الشفاء الطبي غربي مدينة غزة فجر يوم 18 مارس/آذار 2024، وتوغل بالآليات لمحاصرته.
ومع فجر الأول من أبريل/نيسان انسحب الاحتلال من المستشفى الأكبر في القطاع، تاركا خلفه جثث وأشلاء الشهداء متناثرة في محيطه.
• مجزرة النصيرات
جرت في 08 يونيو/حزيران 2024، وأسفرت عن استشهاد 274 فلسطينيا، إضافة إلى مئات الجرحى في واحدة من أكبر المجازر التي تعرض القطاع خلال العام الأول من العدوان بعد عملية طوفان الأقصى.
• مجزرة المواصي
وقعت في 13 يوليو/تموز 2024 في منطقة المواصي الساحلية جنوبي غرب قطاع غزة، وأسفرت عن سقوط نحو 90 شهيدا و300 جريح، نصفهم أطفال ونساء.
• مجزرة مدرسة التابعين
وقعت في 10 أغسطس/آب 2024 بمدرسة التابعين شرق مدينة غزة، وخلفت سقوط أكثر من 100 شهيد وعشرات المصابين والمفقودين معظمهم من الأطفال والنساء.
ولكي لا ننسى بنك أهداف الاحتلال منذ سنوات ومجازره، نفذ مجزرة قانا الأولى في 18 أبريل/نيسان 1996 في مركز قيادة فيجي التابع لقوات اليونيفل في قرية قانا جنوب لبنان، حيث قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصف المقر بعد لجوء المدنيين إليه هربا من عملية عناقيد الغضب التي شنتها إسرائيل على لبنان، أدى قصف المقر إلى استشهاد 106 من المدنيين وإصابة الكثير بجروح. وقد اجتمع أعضاء مجلس الأمن للتصويت على قرار يدين إسرائيل ولكن الولايات المتحدة أجهضت القرار باستخدام حق النقض الفيتو.