“طوفان الأقصى” والتعتيم الإعلامي.. ماذا عن “ثورة الدعم” على الـ”سوشيل ميديا”!

| حسن شرف الدين |

تلعب مواقع التواصل الإجتماعي دوراً كبيراً بتوجيه أنظار العالم إلى قضية معينة، ومن أهم هذه القضايا هي القضية الفلسطينية، التي أصبحت بوجود مواقع التواصل قضية عالمية.

لم تستطع المنظومة الإعلامية العالمية المسيّرة لصالح العدو الإسرائيلي أن تسيطر على عالم “السوشيل ميديا”، رغم محاولات القمع وإلغاء الحسابات وإزالة المنشورات التي تظهر ما يحصل بفلسطين وتدعم مظلومية هذا الشعب.

استطاع جزء من الشعب العربي، وحتى الغربي المناصر لمظلومية القضية الفلسطينية أن يوصل حقيقة ما يجري في غزة إلى كل العالم، وتغيير الكثير من الأفكار حول هذه الأرض، لدى العديد من الأفراد في مختلف دول العالم، مما دعاهم لمظاهرات مليونية دعماً للشعب الفلسطيني.

لم نعش زمن النكبه 1948، ولا حتى زمن النكسة 1967، إنما اليوم نعيش ما هو أصعب، وما جعلنا نفهم محور القضية وما جعلها تنتشر لتصبح قضية عالمية هي الفيديوهات التي وثقت المجازر الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، والتي تظهر إجرامهم بحق الأطفال والنساء.

وجعلت هذه الفديوهات طلاب وأساتذة الجامعات والمدارس في العالم بشكل عام، وأوروبا بشكل الخاص، التحرك بمظاهرات ضد العدوان.

هل مازال الدعم مستمر لغزة على مواقع التواصل؟

الدعم للقضية الفلسطينية لم ينتهِ وإن خفّ نسبياً، ولكن يواجه عملية تضليل، إذ يتم حظر ومسح أي محتوى يتعلق بالقضية حتى وصلت المسألة إلى حظر حسابات عبر مواقع “فيسبوك” و”إنستجرام” ولأول مرة أيضاً عبر “واتساب”.

وهذا على عكس موقع “اكس” الذي أعطى الحرية الكاملة للمتداولين بنشر حقيقة المجازر الصهيونية بقطاع غزة منذ بداية أحداث 7 تشرين وحتى اليوم.

ولم يقتصر التضامن والدعم للقضية على الناس المتابعين، بل وصل للفنانين والمثؤثرين على مواقع التواصل الإجتماعي، من عرب وأجانب، والذين شاركوا صور وفيديوهات للمجازر الفلسطينية، مع عبارات تنديدية.

وعالمياَ، أعلن الفنان العالمي مساري دعمه لأهل غزة، وذلك في فيديو نشره على “استجرام” يظهر مقتطفات لأطفال جرحى ونساء ومدنيين يتعرضون للضرب المبرح على أيدي العدو الإسرائيلي واختار موسيقى “الحلم العربي” للخلفية.

وأشار مساري في تعليقه على الفيديو إلى أنّ 620 طفلاً دفنوا منذ بداية الصراع وسأل: “ما ذنب الأطفال بما يحصل؟ لماذا عليهم أن يعانوا؟”.

وقال: “إنّهم يستحقون حياة مماثلة للأطفال في الغرب. الأمر لا يتعلّق بتوجيه أصابع الاتهام إلى أطراف الحرب، يجب أن تنتهي المعاناة الآن”.

وأضاف: “عار عليناً جميعاً أن نقف مكتوفي الأيدي بينما تُرتكب هذه الجرائم المروعة في حقّ المدنيين الأبرياء. يحقّ للجميع بأن يكونوا أحراراً ويجب علينا أن نتعايش معاً. هذه الأرض هي أرض الله ولا ينبغي لأحد أن يقتل إنساناً آخرَ”.

وفي عالم الكرة، أعلن عدد من اللاعبين تضامنهم مع القضية الفلسطينية، وعلى رأسهم النجم الفرنسي كريم بنزيما، الذي وجه رسالة دعم لسكان قطاع غزة.

وكتب بنزيما عبر حسابه الرسمي على منصة “اكس”: “كل صلواتنا من أجل سكان غزة الذين يقعون ضحايا لهذا القصف الظالم الذي لا يستثني لا النساء ولا الأطفال حتى كل يوم”.

أما الذين لم يشاركوا بأي حملة تضامن، فقد تعرضوا لحملة مقاطعة واسعة، من المتابعين الذين ألغوا متابعتهم لكل من تغاضى عن ما يجري بفلسطين، أو شارك بضاعة تخضع لقرار المقاطعة.

حملة مقاطعة البضائع الداعمة لكيان الإحتلال، ما كانت لتنجح لولا وسائل التواصل الإجتماعي، التي ساهمت بنشر التوعية، وإخبار الناس بكيفية دعم هذه المؤسسسات للكيان، بالإضافة إلى إخبار الناس بأسماء هذه الشركات وفروعها، وإيجاد البدائل لها.

ولعبت دور عامل ضغط على الناس، حيث بات يتعرض كل من يجاهر باستخدامه البضائع المقاطعة لحملة هجومية.

ساهمت أيضاً وسائل التواصل الإجتماعي، بانتشار حقيقة خسائر العدو الإٍسرائيلي، التي كان يعمل طوال فترة وجوده على إخفائها، يبقى دائماً بصورة مثالية للجيش “الذي لا يقهر”.

وعندما عملت شركة “ميتا” على تقييد الحسابات، وإلغاء المنشورات التي تشارك أخبار فلسطين، حاول البعض التحايل على خوارزميات فيسبوك من خلال وضع فواصل أو رموز في الكلمات الدالة على المحتوى الخاص بالقضية الفلسطينية، ولا سيما التي تتناول أحداث قصف غزة والاعتداء على المصلين بالمسجد الأقصى والتهجير القسري لأهالي حي الشيخ جراح، أو التي تتضمن كلمات مثل القدس، أو حماس أو إسرائيل، وغيرها من الكلمات، إذ تتم كتابتها على سبيل المثال “إسر**ئيل”.

وابتكر رواد مواقع التواصل طريقة أخرى لتمويه اللغة العربية، لخداع خوارزميات فيسبوك وإنستغرام، مع ضمان انتشار المنشورات من دون حجب. الطريقة تعتمد على كتابة النص باللغة العربية بلا نقاط، حيث يتم إدخال النص على أحد المواقع وتحويله إلى آخر بديل بلا نقاط، لكن يمكن قراءته بسهولة.

ووصل بهم الأمر إلى ترميز فلسطين بـ”البطيخ”، حيث ان الأحمر والأسود والأبيض والأخضر ليست ألوان البطيخ فحسب، بل ألوان العلم الفلسطيني أيضاً، وبالتالي يمكن رؤية هذه الرمزية في أنحاء العالم أثناء المسيرات المؤيدة للفلسطينيين وفي عدد لا يحصى من منشورات وسائل التواصل الاجتماعي مع استمرار التوغل الإسرائيلي في غزة.

ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، أصدرت كتائب القسام بانتظام لقطات لضرباتها الناجحة على المواقع العسكرية الإسرائيلية مع مثلثات حمراء فوق الجنود والدروع المستهدفة.

ومنذ الخريف الماضي، توسع استخدام رمز المثلث الأحمر عبر الإنترنت، ليصبح رمزًا يستخدم على نطاق واسع للأشخاص الذين يعبرون عن مشاعر مؤيدة للفلسطينيين أو معادية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، لتحظر شركة “ميتا” استخدام المثلث على المنشورات.