تخبّط أميركي – “إسرائيلي” بين الحرب واللاحرب!

| غاصب المختار |

يعيش الكيان الاسرائيلي منذ أشهر حالة من التخبّط والضياع، بين احتمالات توسيع المواجهات في جنوب لبنان، أو شن ضربة عسكرية كبيرة ضد المقاومة، أو القيام بهجوم على محاور محددة داخل الجنوب، أو بحرب محدودة، لكن دوماً ثمة من يحذر من كل هذه السيناريوهات داخل الكيان وخارجه، وبالأخص من قبل مسؤولين أميركيين، حتى لا يدفع جيش الاحتلال أثماناً اضافية باهظة بين جبهتي غزة والجنوب.

حالة التخبط الإسرائيلي انتقلت إلى الإدارة الأميركية، وثمة معلومات عن تباينات داخلها حول ما يجب أن تقوم به “إسرائيل” في لبنان، فهناك من يرى وجوب توجيه ضربة “بحجم ما مدروس” إلى المقاومة لردعها عن الاستمرار في إشغال جيش الاحتلال، ويقال أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن يمثل هذا الخيار مع بعض السياسيين والجنرالات، وثمة من يرى أن أي عملية عسكرية داخل الأراضي اللبنانية ستدفع المقاومة إلى ردّ صاعق ما قد يؤدي إلى تدحرج الامور نحو حرب لا تريدها هذه الجهات، ومنها الموفد الأميركي المستشار آموس هوكشتاين ويدعمه في توجهه الرئيس جو بايدن. ولذلك أوفد بايدن هوكشتاين إلى الكيان الاسرائيلي لتبريد الرؤوس الحامية فيه بعد تبريد الرؤوس الحامية في واشنطن.

سبب التخبّط الأميركي أيضاً وجود رغبة دفينة لدى معظم أركان الادارة بالتخلص من المقاومة في لبنان، وفي الوقت ذاته وجود قناعة بأن أي خطوة تصعيدية إسرائيلية في جنوب لبنان قد تشعل المنطقة، بينما أميركا في عز معركتها الانتخابية الرئاسية، وفي الوقت ذاته في عزّ مواجهتها بالبحر الأحمر والخليج والعراق مع محور المقاومة الواسع، ولا تعرف بعد طريقاً للخروج من هذا التخبط، سوى بوقف إندفاعة نتنياهو نحو التصعيد في غزة، وربما الحرب ولو المحدودة في لبنان للخروج من مشكلاته الداخلية المتراكمة.

ولعل ما نُقِل عن مسؤولين أميركيين يومي الجمعة والسبت من قلقهم المتزايد من احتمال أن تبدأ “إسرائيل” الحرب ضد “حزب الله”، وأن ضربات “إسرائيل” الأخيرة داخل لبنان قد تكون تمهيداً لهجوم أوسع، دليل على فلتان الامور من بين أيدي الادارة الأميركية التي فشلت حتى في تحقيق وقف لإطلاق النار في غزة وبقرار من مجلس الأمن الدولي.

وحسب التقارير الأميركية والإسرائيلية، فإن رد المقاومة الواسع والعنيف على اغتيال القائد طالب عبد الله، والذي طال أهم قواعد وثكنات ومواقع العدو من الناقورة وأطراف عكا على البحر المتوسط إلى هضاب جبل حرمون والجولان، وفي العمق إلى صفد و”ميرون” ومناطق اخرى، هو أُولى المفاجآت العنيفة التي تخبئها المقاومة لجيش الاحتلال، عدا عمّا تخبئه المقاومة من سلاح نوعي لم يظهر منه مؤخراً سوى الصواريخ المضادة للطيران الحربي لا المُسيّر، وبعض الصواريخ الثقيلة ذات القوة التدميرية الكبيرة.

واذا كانت أميركا عاجزة عن لجم نتنياهو، فهي أعجز عن لجم المقاومة أو الضغط عليها، لذلك تتوجه برسائلها وتحذيراتها وتهديداتها إلى السلطات الرسمية اللبنانية عبر رئيسي المجلس نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، لعلّ وعسى يسهمان في اقناع المقاومة بعدم التصعيد ايضاً، لكن كان الجواب الرسمي أيضاً أن ما تقوم به المقاومة هو رد فعل وليس الفعل، ولو أرادت لفعلت أكثر. عدا عن أن لا نيّة لدى المقاومة بتوسيع الحرب، ولو تعاظم ردها المدروس أحياناً على الاغتيالات واستهداف المدنيين الجنوبيين.