“الكتائب”.. من “حزب العائلة” إلى “ثورة سامي غيفارا”!

/ خلود شحادة /

مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في أيار، شرعت كل القوى السياسية، التي ستخوض هذا المعترك، الى صبّ جهودها باتجاه “الحملات التسويقية”، من الخطابات، الى الحملات الانخابية وتطول القائمة.

من الواضح أن “الطبخة البرلمانية” على نار حامية، نظرا الى الظروف الحساسة التي يمرّ بها لبنان. فمع ازدياد النقمة الشعبية على القوى السياسية الحاكمة، تزداد الانتخابات سخونة، بانتظار ما ستنتجه في المجلس النيابي، من تغييرات.

يذهب البعض الى القول أن النتائج ستكون شبيهة بانتخابات العام 2018، نظراً لأن الواقع اللبناني يفرض نفسه، مع خرق بسيط لما يعرف بـ “المجتمع المدني”، وهم فئة تقدم نفسها على أنها “مستقلة” عن كل الأحزاب التقليدية “المتورطة” بالانهيار الذي يعيشه لبنان.

والبعض الآخر، يرجّح أن تكون هذه الانتخابات نقطة تحول في تاريخ السياسة اللبنانية، حيث أن الأكثرية النيابية، ستكون من حصة “المستقلين” عينهم، بسبب ما أنتجته الأزمة من نفور شعبي تجاه الأحزاب التقليدية.

ومن القوى التي شدّت أواصر حملاتها الانتخابية، حزب “الكتائب اللبنانية”، الذي بادر الى نشر اللوحات الاعلانية التي تحمل رسائل عدّة، منها ما هو هجومي ضدّ “الطبقة الحاكمة”، ومنها ما هو تسويقي لمشروعه الانتخابي الجديد.

حزب “الكتائب”، كرر مراراً أنه يشارك المواطن اللبناني نقمته على السياسيين الموجودين في السلطة.

تاريخ “الكتائب”

تأسس حزب “الكتائب اللبنانيّة” خريف العام 1936 خلال حقبة الانتداب الفرنسيّ على لبنان. دخل “الكتائب” الى المشهد البرلماني مع نهاية الأربعينات، واستمر حتى استقالة نوابه عقب انفجار مرفأ بيروت في آب 2020.
شغل رئيس “الكتائب”، بيار الجميل، الجد، منصب وزير الأشغال، وكان للحزب تمثيل نيابي في الحقبة ذاتها، أي أواخر الخميسنات.
عام 1982، وبعد اجتياح إسرائيل لبنان، واحتلال العاصمة بيروت، والقصر الجمهوري في بعبدا، ووسط انتشار الدبابات الإسرائيلية، انتخب بشير الجميّل، الابن الأصغر لرئيس “الكتائب” بيار الجميّل، رئيساً للجمهوريّة، لكنه اغتيل بتفجير عبوة ناسفة زرعت في بيت “الكتائب” في الأشرفية في بيروت.
وعقب اغتياله، “ورث” شقيقه أمين الجميّل الموقع بانتخابه من قبل المجلس النيابي.
وعام 2000، استكمل بيار أمين الجميل، الخط الوراثي ـ السياسي لآل جميل بانتخابه نائباً في البرلمان النيابي، لكنه اغتيل صبيحة يوم 21 من تشرين الثاني من العام 2006.
ورث سامي أمين الجميل عن ابيه رئاسة الحزب، وعن عائلته النيابة، حيث انتخب نائباً عن دائرة المتن الشمالي في حزيران من العام 2009، وبقي في المجلس النيابي حتى استقالته عام 2020.
وكذلك نديم بشير الجميل، دخل النيابة في العام نفسه مع سامي، وخرج معه أيضاً.

تحضيرات الانتخابات:

بدأت التحضيرات اللوجستية والانتخابية عند “الكتائب” باكراً، منذ أن اشتمّ الكتائبيون “الانهيار” المقبل على لبنان.
فعلى صعيد الخطابات، تغيرت نغمتها، لتصبح على هيئة مساءلة ومطالبة الدولة في المجلس النيابي.
وعلى صعيد التحركات، فبعد أحداث 17 تشرين الأول من العام 2019، نسب “الكتائب” لنفسه صفة “الثورة”، فنزل عناصره الى الشارع، للتنديد بالفساد الذي أنتجته السلطة، والتي كان هو جزءا منها منذ الاستقلال.

وقد شارك مرات عدة، رئيس الحزب سامي الجميل بالتظاهرات، وخاصة في منطقة جل الديب، والتي شهدت حينها قطعاً لطرقاتها، واحتجاجات متكررة.

أما على صعيد الاعلانات، فكان شعاره للانتخابات المقبلة “ما منساوم”، عبر حذف الـ “أو” وإبقاء “واو” العطف في شعار “سيادة أو إصلاح” وذلك ترويجاً لفكرة “ما منساوم” والمطالبة بالسيادة والإصلاح معاً وأنه لا يتنازل.

سامي أمين بيار الجميل، وابن عمه نديم بشير بيار الجميل، قررا خوض معركة جديدة في مشروعهما الانتخابي، وهي فرض “التوريث السياسي”، وتحويل السلطات الى “مشروع عائلي”، لدى البعض. فتم اختيار شعار “عائلية وتوريث سياسي” من حملة “ما منساوم” ضمن الحملة الانتخابية، تأكيداً على رفض “الكتائب” “العائلية” و”التوريث السياسي” معاً وليس الاختيار بينهما!

فهل هذا الشعار مرّ بالخطأ على الكتائبيين؟ أم أن “عباءة الثورة” أبطلت عناوين “الإيديولوجيا” التاريخية لحزب “الكتائب”: “الله ـ الوطن ـ العائلة”؟ أم أن حزب “الكتائب” قد تخلّى عن هذه “الإيديولوجيا” لصالح مفاهيم ماركسية أو سلوكيات “غيفارية”؟ وهل أخفت “عباءة الثورة” الواقع التاريخي لحزب “الكتائب” بأنه “حزب عائلة الجميّل”، على الرغم من اضطرار العائلة للإنكفاء 23 سنة لاعتبارات سياسية مرتبطة أولاً بمرحلة وجود أمين الجميل في رئاسة الجمهورية، ثم بحكم التسوية التي أطاحت بميشال عون من قصر بعبدا، قبل أن يستعيد الرئيس الجميل رئاسة الحزب بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وفي الفترة الفاصلة، وبشبه تكليف من الرئيس أمين الجميل، تولّى رئاسة الحزب، على التوالي كل من:  إيلي كرامة (1984 – 1986)، جورج سعادة (1986 – 1998)، منير الحاج (1998 – 2001)، كريم بقرادوني (2001 -2007).


هل قرّر سامي الجميّل تقليد نموذج تشي غيفارا، وانتفض على العائلية والتوريث السياسي والسلطة، ليناضل مع أولئك الفلاحين والفقراء والبسطاء؟ أم أنه تراجع خطوة إلى الوراء لينقض لاحقاً على السلطة؟ وهل يعتقد الجميل أنه أصبح “غيفارا لبنان”؟