سيناريوهات “مقلقة” لخلفيات “نكبة” إيران

| خلود شحادة |

‏لم يمر الليل في سكون على العالم، بعد سقوط الطائرة التي كانت تقل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان ومرافقيهما، شمال غرب إيران. فقد انشغل العالم بهذه الحادثة، ليقطع الرئيس الأميركي جو بايدن سفره ويعود إلى البيت الأبيض، وتبدأ الاتصالات الدولية بالعمل للجم أي تداعيات لهذا الحادث في حال كان مفتعلاً، فقد كان العالم كله على شفير حرب عالمية ثالثة، ربما، لن ينجو منها أحد!

ومنذ إعلان خبر الوفاة صباح الاثنين، إثر تحطم الطائرة على قمة أحد الجبال، حتى بدأت تتدحرج من على قمته أسئلة عديدة حول سقوطها، وما إذا كان حدثاً أمنياً مدبراً، “خارجياً” أو “داخلياً”، أو إنه “القضاء والقدر”.

ومما زاد التساؤلات وعلامات التعجب والاستغراب، هو الارتباك الإيراني على الصعيدين السياسي والإعلامي، والتخبط بالمعلومات والبيانات على مستوى إدارة الأزمات، خصوصاً أنها حادثة اختفاء رئيس البلاد، ووزير خارجيتها لمدة تزيد عن 15 ساعة، من دون وجود أي معلومة تشرح أو توضح ما حصل، ولو جزئياً، وتزيل الالتباسات الهائلة في الحادثة.

وما بين حادث “الهبوط الصعب” لطائرة الرئيس الإيراني، والعثور على حطام الطائرة في رأس جبل، كانت الأسئلة تتدحرج في كل اتجاه.

ومن هذه الأسئلة: لماذا لم تهبط الطائرتان المرافقتان، اللتان من المفترض أنهما مولجتان بحماية الطائرة التي تقل الرئيس والوفد المرافق له، في مكان سقوط الطائرة؟ لماذا سقطت حصراً الطائرة التي كانت تقل الوفد، ووصلت الطائرتان المرافقتان إلى وجهتهما بسلام، بحسب ما ذكرت وكالة “تسنيم” الإيرانية؟

الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي تمتلك كفاءة عالية بالصناعات التكنولوجية المتطورة، وخصوصاً في قطاع المسيرات، ولديها المئات منها، لماذا استعانت بمسيرة تركية للبحث عن ركام الطائرة؟

إيران التي أطلقت منذ مدة 3 أقمار صناعية نحو الفضاء، ما الذي دفعها للإستعانة بقمر صناعي أوروبي للمشاركة في عملية الرصد للطائرة؟ في الوقت الذي من المفترض أن تسخّر كل قدرات الدولة للبحث عن رئيس البلاد، حياً كان أم ميتاً؟

هذه الحادثة أظهرت ضعفاً في إدارة الأزمات، فالجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي استاطعت أن تتغلب على العقوبات الأميركية والحصار الشامل، أظهرت ارتباكاً انعكس ضعفاً في هذه الأزمة التي يفترض أن تتعامل معها بحيوية أكثر، وبقدرة استيعاب أكبر.

هذه الأسئلة أخفت في طياتها توقعات وتحليلات “مقلقة” لما وراء “النكبة” التي ضربت إيران، لينتج ثلاثة سيناريوهات:

الأول، يشير إلى أن ما حصل “مؤامرة خارجية”، تمت حياكتها بالتعاون بين “الموساد” الإسرائيلي والمخابرات الأميركية، والتي أدت إلى الإطاحة بممثل “المتشددين” في إيران إبراهيم رئيسي، ومهندس العلاقات الخارجية لإيران حسين أمير عبد اللهيان الذي تميز بدبلوماسيته العالية ومرونته بالتعاون والتفاهم الدوليين.

الثاني، يرجّح أن تكون “مؤامرة داخلية”، هدفها تغيير وجه الحكم في إيران، وإعادته إلى حضن “الانفتاحيين” في البلاد.

أما الثالث، فيتبنى نظرية “القضاء والقدر”، وأن ما جرى كان نتيجة العاصفة الطبيعية التي ضربت المنطقة، وأدت إلى انعدام الرؤية لدى طاقم الطائرة، مما أدى إلى اصطدامها بالجبل. وهذا ما يطرح علامات استفهام، حول سبب استخدام رئيس الجمهورية طائرة تعتبر “متخلّفة” في الوقت الذي تقارع بلاده الدول الكبرى في مجالات التطور والابتكار.

هل الطائرة غير مجهزة بخرائط طوبوغراف للمناطق التي ستعبر فوقها؟

ربما يصعب على أحد ترجيح مسار على آخر، إلا أن الثابت في هذه المعادلة، أن إيران خسرت رجالاً كانوا من خيرة رجال السياسة والجهاد بوجه العدو الإسرائيلي. لكن أرض فارس ولّادة لآخرين سيحملون اللواء تحت نفس العناوين المتجذّرة بعقائدهم، وهي “قتال اسرائيل واجب، والقوة حق، وفلسطين القضية والبوصلة”.