“عباءة” جعجع السعودية: “مكافأة” أم “تعويض”؟

| مرسال الترس |

منذ انتشار صورة تسلّم رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “العباءة السعودية المطرزة” في معراب من سفير المملكة في بيروت وليد البخاري، إنهالت التعليقات والتحليلات السياسية والإعلامية من كل حدب وصوب، مدقّقة في خلفيات تلك “الصورة” غير المتداولة كثيراً عن الديبلوماسية السعودية!

لا شك أن سياسات العباءات في لبنان “عريقة” ومتنوعة، ولعبت أدواراً بالغة الحساسية في توجيه الرسائل إلى من يعنيهم الأمر، أو الذين يجب أن يعنيهم. ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، كيف أن وفداً عسكرياً سورياً عالي المستوى، برئاسة وزير الدفاع السابق مصطفى طلاس، قد ألبس سليمان طوني فرنجية، في ربيع العام 2000، عباءة مطرزة في بلاد الشام.

ناهيك عن العباءات العائلية التي يتم توارثها بين الخلف والسلف وأبرزها في هذا المجال عباءة آل جنبلاط على أكتاف “الشاب” وليد، أوعباءة آل أرسلان على أكتاف “الشاب” طلال… واللائحة تطول، إذا تركنا مسألة المفاتيح جانباً!

أما لماذا العباءة السعودية لجعجع؟ والتي أعطيت العديد من التفسيرات فإن أبرزها يندرج في السياق التالي:

• إن التجاذب بين جعجع ووريث آل الحريري، الشيخ سعد، الذي تخطى شقيقه بهاء، يعود إلى العام 2005 بعد الخروج الشهير لرئيس “القوات” من السجن، حيث بدأ يقتنع أنه الأجدر بترؤس المعارضات في لبنان، نظراً لأنه ماروني والعُرف يقضي ذلك أن يكون “الليدر” كما رسم الفرنسيون عند منح الاستقلال. وثانياً لأن سعد لم يكن متمرساً بما فيه الكفاية بالسياسة اللبنانية وتشعباتها، بل متكئاً على إرث والده ومستشاريه، وأبرزهم في هذا المجال رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة الذي تصدر المشهد بعد استشهاد “الرفيق”.

وتفاقم هذا التجاذب، متنقلاً بين “قرنة شهوان” ولقاء “البريستول” واجتماعات الفنادق في الأشرفية، إلى أن وقعت الواقعة بين السعودية والشيخ سعد قبل سبع سنوات، ووجهت بعض سهام الاتهامات في حينها لقائد معراب.

* البعض فسّر الخطوة على أنها مكافأة على مرحلة سابقة جرى فيها تبادل خدمات في ما يخص السياسة اللبنانية، والدور الذي يجب أن تلعبه “المعارضة” في وجه “الثنائي الشيعي” وتحديداً “حزب الله”!

* آخرون إعتبروا أن الإخفاق في ما كان مطلوباً تطلب خطوة تشكل نهاية لمرحلة لم تعد مطلوبة في الآتي من الأيام، أو أن الفريق اللبناني لم يكن بالمستوى المطلوب منه، لا سيما وأن المشهد الأخير في تجميع المعارضة في “قلعة معراب” لم يكن بالسيناريو المقنع!

*فريق ثالث قرأ في الخطوة توجهاً من المملكة بإعادة تكوين المشهد السني وفق رؤيا محددة، وبخاصة أن هناك قوى خارجية تتمنى، لا بل تسعى للدخول على هذا الخط، لأخذ جانب من هذه الكعكة لصالحها!

في الواقع كانت هناك قراءات متنوعة ولكن أياً منها لم يكن يخدم توجه رئيس “القوات” في تجميع تلك “المعارضة الفعّالة” تحت جناحه. والأيام المقبلة ستلقي المزيد من التساؤلات حول تلك “الرمزية” التي رغب البعض في أن يعتبرها بمثابة “أيقونة”!

 

error: Content is protected !!