| مرسال الترس |
يتّهم العديد من السياسيين اللبنانيين علناً، ولا سيما في المجتمع المسيحي، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، من خلال قيادته للحكومة “المحدودة الصلاحيات بحكم استقالتها إجبارياً”، بأنه يتصرّف على نمط ذاك المثل اللبناني الذي يقول: “يا رايح …كتّر القبائح”. أي بمعنى ان الشخص عندما يدرك أنه لن يعود إلى المركز الذي هو فيه، أو المكان الذي يقطنه، فإنه مهما اقترف من أخطاء أو سوء سلوك، فلم يعد يهتم بالنتائج التي تصدر عن تصرفاته.
وبعيداً عن حالة الجفاء السائدة بين ميقاتي والأحزاب المسيحية ذات الأكثرية النيابية (التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية والكتائب…)، وتحفظات هذه القوى على خلفية إدارة جلسات حكومة تصريف الأعمال، انضمت بكركي أيضاً إلى تكوين “فواصل” مع رئيس الحكومة الذي يَعِد أحياناً بأمور ويفعل ما هو بعيداً عنها، حتى تعرضت العلاقة بين الجانبين الى خدوش بالغة، إن لم نَقُلْ “طلعات ونزلات”.
وفيما يتعرض أداء ميقاتي لتنمّر من سياسيين من طوائف ومذاهب أخرى، تبدو علاقته مع الشارع وكأنها تتدحرج من سيء إلى أسوأ، بدءاً من العسكريين المتقاعدين الذين يرفعون من وتيرة “قصفهم” على السراي الحكومي وعلى شخصه كلما انعقدت جلسة للحكومة، وليس أقل منهم الاساتذة على اختلاف توجهاتهم من خاص وعام ومتقاعدين) ناهيك عن موظفي الإدارة العامة الذين “يبلعون موس الكلام بالعرض”، ويعوضون عن ذلك بالإضرابات المفتوحة التي لا تنتهي إلاّ بمزيد من نقمة الناس على الحكومة التي لم يعد لديها أي مخرج سوى زيادة الضرائب إلى الحد الذي “يكفّرهم” بكل ما يمت بصلة إلى الدولة. وأحدث الشوائب تخصيص موظفين بمساعدات مالية من دون الآخرين، الأمر الذي سيفتح الكثير من الأبواب المغلقة.
إلى جانب ذلك، لم يقم ميقاتي بأية خطوة لامتصاص نقمة الناس في الظروف المؤلمة التي حلّت بالبلد، وهو المقتدر مالياً، حتى داخل مدينته عاصمة الشمال. متجاهلاً حتى المئة مليون دولار التي أقرتها إحدى حكوماته للفيحاء، ومتناسياً “الحركة المالية” الناشطة التي كان يقوم بها إبان أية انتخابات نيابية باستثناء الأخيرة منها.
من المرجح ان لا تطول الفترة الفاصلة عن الانتخابات الرئاسية إلى المستوى الذي بلغه الفراغ في موقع الرئاسة، وليس هناك أي مؤشر أن ميقاتي سيكون أحد أركان العهد الجديد، لأسباب كثيرة لا يتسع المجال لتعدادها، إلاّ إذا كان هذا الأمر “قدراً مقدوراً”!