لبنان يدخل حالة الحرب!

| خلود شحادة |

“في حرب؟”

هو السؤال الأكثر تداولاً بين الناس، حديث “الجمعات” والجلسات والسهرات، وموضع تداول ونقاش بين كل صاحب محل وزبون، وأخذ ورد بين سائق “التاكسي” والركاب… وتطول القائمة.

في الحقيقة، يبقى هذا السؤال مفتوح الأفق، لا يمتلك الجواب عليه لا المعتدي “إسرائيل”، ولا المعتدى عليه والمدافع عن أرضه ونفسه لبنان بشكل خاص، ومحور المقاومة بشكل عام.

منذ بدء عملية “طوفان الأقصى”، كان واضحاً تعامل المقاومة في لبنان مع التعديات الإسرائيلية على مبدأ العين بالعين، وفق قواعد الإشتباك المحددة.

وهذه القواعد تتمثل بالموقع مقابل الموقع، والأرض مقابل الأرض.
وقد ظهر حرص المقاومة في لبنان، على عدم جر المنطقة إلى حرب إقليمية غير محسوبة النتائج، إلا أن قوات الاحتلال “مش قاعدة عاقلة”.

لكن التحليلات الإستراتيجية لواقع الإشتباك الحاصل، والقراءة في خطاب العدو الإسرائيلي، وتغيّر مسار الحرب، ترسم توقعاً حول الأيام المقبلة ومع ما تحمله من مفاجآت.

تذهب التحليلات في القول إن الحرب واقعة لا محالة. لا يرتبط هذا الحديث بتوقعات في علم الغيب، إنما مبنية على قرار واضح وعلني كان قد أطلقه محور المقاومة الذي يضمّ إيران، اليمن، العراق، سوريا و”حزب الله” في لبنان، أنهم سيدخلون الحرب لمؤازرة فلسطين في حال قررت “إسرائيل” شن الغزو البري.

لم تتمكن قوات الإحتلال من التجرؤ والإعلان رسمياً عن عملية الغزو البري، وقد جرى تأجيلها مراراً، أحياناً لأسباب داخل كيان الاحتلال، والتعارض بالآراء تجاه هذا القرار، وحيناً بسبب الرفض الأميركي لخطوة كهذه، لما ستنتجه من حرب إقليمية حقيقية.
تسلل العدو ليلاً، كعادته بأساليب اللصوص، إلى قطاع غزة، إلّا أنه جوبه بمقاومة شرسة حالت دون وصوله إلى قلب القطاع.
عاد ليتوغّل برياً، عبر قواته نهاراً، لكنه ما زال محاصراً في الأراضي الخالية بمحيط القطاع.

يعمل العدو الإسرائيلي، على الدخول إلى قطاع غزة من الجهة الشمالية الشرقية، والشمالية الغربية، ومن وسطه، للاستحواذ على القطاع من شماله حتى أوسطه، وإستبعاد الفلسطينيين، أهل الأرض، إلى جنوب القطاع.

هذه الخطوة يعمل العدو لتحقيقها منذ فترة طويلة، عدا عن طمعه في الأرض، إلا أنه أيضاً يحاول حماية نفسه من العمليات البطولية التي كان ينفذها الفلسطينيون قبل عملية “طوفان الأقصى”، والتي كان معظمها نتيجة التسلل من القطاع إلى الأراضي المغتصبة من قبل العدو الإسرائيلي.

محاولة بدء الغزو البري تحت عبارات مختلفة، لم تمر مرور الكرام على المحور. لا يمكن التغاضي عن ما تقوم به حركة “أنصار الله” في اليمن، بقيادة الحوثي، بدكّ مواقع العدو وصولاً إلى مستعمرة “إيلات”، وهي بمثابة رسالة واضحة المعالم “المحور بالمرصاد.. توقّفوا وإلّا!”.

يتهيّأ لبنان اليوم، لحرب حقيقية مع العدو الإسرائيلي في حال دخلت قوات الإحتلال غزة براً، وتأتي هذه الإحتمالية بعد مرحلة طويلة من الضربات المتقطّعة، وعقب ارتقاء أكثر من 50 شهيداً في المواجهات عند الحدود الجنوبية.
تهديد المحور سينتج إحتمالين:

أولاً، ردع “إسرائيل” عن وحشيتها ولجم أطماعها، ووقف التوغّل البري، والذهاب باتجاه تسوية تمهّد لشرق أوسط جديد، يكون محور المقاومة لاعباً أساسياً في وضع أسسه.

ثانياً، تعنّت رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو، تخوفاً من رد فعل الصهاينة تجاهه بحال أعلن الإستسلام، والدخول بحرب ضروس، ستفتح على كيان الإحتلال جبهات قتالية من كل الإتجاهات، أولها الجنوب اللبناني أي شمال الأراضي المحتلة، وثانيها الصواريخ اليمنية التي ستعبر البحر والبر، وثالثها جبهة الجولان، وليس آخرها القوات الإيرانية وقدراتها العسكرية التي ستسخّر لنصرة فلسطين.

وفي الحالتين، لا يختلف اثنان على أن العدو الإسرائيلي قد تلقى صفعة كبرى، وأُكدت المعادلة القائلة أنه لم يعد يجدي في فلسطين إلا المقاومة، والمقاومة وحدها القادرة على استرجاع الحقوق المهدورة والأراضي المسلوبة، لأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.. والثابت الحقيقي في هذه المعركة أن ما بعد “طوفان الأقصى” ليس كما قبله!

error: Content is protected !!