هل يدفع المسيحيون “آخر الأثمان”؟

| مرسال الترس |

عندما تم إقرار اتفاق الطائف في مجلس النواب، في نهاية العام 1989، ظن العديد من الأفرقاء على الساحة اللبنانية، ومنهم بالتأكيد جزء كبير من المسيحيين، أن “الميثاق الوطني” قد ذهب الى غير رجعة، علماً أن هذا الميثاق هو اتفاق غير مكتوب نظّم أسس السلطة والحكم في لبنان منذ العام 1943 لجهة التوزيع الطائفي ومستلزماته.

ولكن، بعد مرور 34 على هذه الواقعة، وبعد الفشل في تطبيق كامل اتفاق الطائف الذي نقل معظم صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء، والذي أطلقت عليه رسمياً تسمية “وثيقة الوفاق الوطني”، بات يشعر العديد من الأفرقاء أن ذاك “الميثاق الوطني” قد ذهب فعلاً مع الريح.

بالنسبة للميثاق، كان الاتفاق على توزيع المناصب الأساسية في الدولة وفق الآتي: يجب أن يكون رئيس الجمهورية من الموارنة، ورئيس مجلس الوزراء من السنّة، ورئيس مجلس النواب من الشيعة، ونائب رئيس مجلس النواب من الروم الأرثوذكس، وأن تكون نسبة النواب المسيحيين والمسلمين مناصفة، وأن يكون رئيس الأركان العامة في الجيش من الدروز.

والى ذلك قبول الموارنة الهوية العربية بدلاً من الهوية الغربية، وتخلي المسلمين عن مطمح الوحدة مع سوريا. وبمعنى أوضح “لا للشرق ولا للغرب”.

أما اليوم، فلاحظ المتخوفون على الصيغة، أن لبنان يمضي سنوات بدون رئيس للجمهورية بحجة عدم توافق مجلس النواب على انتخاب رئيس، فيما تم نقل صلاحيات حاكم مصرف لبنان إلى نائبه من الطائفة الشيعية، وربما في الغد القريب سينسحب الأمر على قيادة الجيش والمراكز الأخرى …وكأن الأمر طبيعي جداً وتجري معه الأمور بسلاسة!

أضف الى ذلك، ومع إمكانية دخول لبنان في الحرب المستجدة منذ السابع من تشرين الأول الحالي على خلفية “طوفان الأقصى”، ورغبة “حزب الله” في دعم ما فعلته حركتا “حماس” و “الجهاد الاسلامي” في قطاع غزة، بدأت أوساط مسيحية عدة، ومنها أوساط قريبة من بكركي كان يدغدغها حلم الوصول إلى الفدرالية أو اللامركزية الموسعة، بطرح الاسئلة التالية:

* هل بات قرار الحرب والسلم بيد “حزب الله” وليس بيد الدولة اللبنانية، وبخاصة بعد تبرؤ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من الجواب عن هكذا سؤال؟

* لماذا يجب على بكركي وسيدها أن يقفا إلى جانب طرف محدد في الصراع، وكلاهما يضطهدان المسيحيين ويدفعان بهم إلى خارج الأراضي المحتلة؟

* لماذا لا يتم اعتماد النأي بالنفس إزاء كل القضايا الحربية التي تعني هذا الشرق أو ذاك الغرب؟

* هل طُوي الميثاق نهائياً، أم أن هناك بحثاً جدياً في الكواليس عن نسفه من أساسه، والاتجاه الى تركيبة تُرضي جميع الأفرقاء، ويدفع المسيحيون آخر الأثمان؟

error: Content is protected !!