| رندلى جبور |
للحرب الدائرة الآن، انطلاقاً من فلسطين وصولاً إلى الحدود الجنوبية اللبنانية وسوريا والعراق واليمن، وجوه عدّة.
ففي حين تتساقط الصواريخ والصواريخ المضادة، وتأخذ طابعاً إجرامياً دموياً على غزة، وتأخذ شكل المناوشات والاستهدافات والردود المحدودة حتى الآن على حدود لبنان، يبقى الوجهان الإعلامي ـ النفسي، والسياسي ـ الدبلوماسي، هما الأهم لقراءة المسار الذي ستسلكه هذه الحرب، مع إشارة مهمة في الميدان تتمثل بتسليم “حماس” محتجزتين أميركيتين في مقابل فتح جزئي لمعبر رفح لدخول المساعدات الانسانية إلى قطاع غزة.
في الاعلام تمارَس حرب نفسية. الغرب الداعم للعدو “لإسرائيلي” يطلب من رعاياه المغادرة، أو عدم التوجه إلى المنطقة، ويطلق التهديد والوعيد، ويحذر، ويشوّه الحقائق، ويجعل من المحتل مسكيناً ومن الضحية إرهاباً، ويضغط في حركة الطيران والاقتصاد وأمور أخرى، من دون أن يدخل بالمباشر العسكري على الخط، ومن دون أن يفتح الباب أمام “إسرائيل” لتنفيذ تهديداتها وأولها الغزو البري. وهذا يعني حرباً إعلامية نفسية حتى الآن لا ترتقي إلى مستوى النار الكبرى.
في المقابل، يبقي محور المقاومة صوته عالياً لناحية الاستعداد والجهوزية، وإمكان المواجهة في أي توسّع للحرب، ووضع يده على الزناد، من دون أن يبادر هو إلى توسيعها، ومن دون أن يطمئن العدو على حد سواء، ضمن سياسة “الغموص البنّاء”. فالمقاومة غير معنية بإعطاء الاجابات إلا عندما ترى الوقت مناسباً بناء على التطورات.
أما على الخط الدبلوماسي، فالصورة مغايرة لما نشهده في الإعلام وفي الميدان. وزراء خارجية دول فرنسا وألمانيا وتركيا صالوا وجالوا في بيروت متمنين إبقاء الإيقاع مضبوطاً، وسفراء الدول الكبرى يبعثون برسائل إلى حزب الله ومن يعنيهم الأمر أن “لا تقدموا على أي خطوة تصعيدية، فإسرائيل لا تريد حرباً مفتوحة الجبهات”.
وتُعقد اجتماعات متواصلة محورها مصر والأردن اللتان تريد “إسرائيل” تصفية القضية على حسابهما بتهجير فلسطينيي غزة إلى سيناء والأردن، والدولتان العربيتان ترفضان المشروع وتحثّان على حل إقامة الدولتين بعيداً عن تحمّلهما العبء الكبير.
وستنشط المساعي أكثر في الأيام المقبلة، وتبقى عين على الميدان وعين على النشاط السياسي والدبلوماسي الذي يتجه إلى الوصول ولو لتسوية موقتة، لعدم وقوع الانفجار الكبير.
ويبقى السؤال الذي يعنينا، عدا عن الحرب، هو: هل من مخطط لتفريغ الشريط الحدودي من سكانه وملئه بالنازحين السوريين الذين تطمئن لهم “إسرائيل” على حدود فلسطين المحتلة، و”إسرائيل” هي الداعمة الأولى للقوى المعادية للحكم في سوريا؟
والسؤال مشروع بعد الذي حصل في رميش من اقتحام النازحين، والذي بدوا كأنهم يريدون الاستيطان هناك بعد خروج أبناء المنطقة خوفاً!