غادة عون

غادة عون “المشاغبة”.. قاضي المواجهات الصعبة

/ جيهان زعتر /

يمكن القول إن القاضية غادة عون “لم تترك لها صاحب” من القوى السياسية، أو رجالات المال والأعمال، وأصحاب النفوذ والمواقع الإدارية والأمنية.. وحتى في الجسم القضائي نفسه!

صارت عون “عبئاً” على كل المسؤولين في البلد، وإلى أي موقع انتموا… حتى أن الرئيس السابق ميشال عون الذي كان يدعمها، لم يستطع في مرحلة ما تغطية جنوحها نحو المواجهة الصعبة والشائكة في كل الاتجاهات.

طوّقت عون نفسها بخصومات حادة، حتى بلغت الخصومة إلى داخل القضاء نفسه الذي لم يعد يستطيع تحمّل “مغامراتها”، بينما كان خصومها يتهمونها بـ”الجنون”!

الاعتقاد السائد كان أن غادة عون كانت تتحرّك بإشارة من رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، أو من الرئيس ميشال عون شخصياً. ولذلك كان الرهان على “تعقّلها” بعد خروج الرئيس عون من السلطة. إلا أنها واصلت “الشغب” الذي أزعج كثيرين. ومع خروج الرئيس عون من قصر بعبدا، بدا أن هناك من أراد إخراج “رأس حربته” من قصر العدل.. وهو ما حصل فعلاً يوم الخميس بقرار طردها من القضاء الذي أصدره المجلس التأديبي.

القاضية غادة جورج عون، مواليد 18 شباط 1957، الدامور، نائبة عامة استئنافية في جبل لبنان.. حتى قرار “طردها” يوم الخميس.
تسلّمت عدّة قضايا وملفات فساد، فقد لاحقت قضائياً شخصيات سياسية ومالية، كحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وسطّرت بحقه قرار منع سفر “براً وجواً وبحراً”، ووضعت إشارات قضائية على أملاكه المنقولة وغير المنقولة. كما سجنت شريكه، شقيقه، رجا سلامة، قبل أن يخرج بكفالة مالية.

كذلك خاضت عون معركة مزدوجة مع المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، على دفعتين: العام 2019 ادّعت عليه بجرائم فساد، والعام 2022 ادّعت عليه بإعاقة سير العدالة وتنفيذ المذكرات القضائية.

وفي جعبة غادة عون، مواجهات عديدة مع المصارف ومجالس إداراتها، ومع شركات تحويل الأموال وإداراتها، في ملف تهريب الأموال إلى الخارج بعد انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، ومن ضمنها المدير العام لـ”شركة مكتّف للصيرفة” ميشال مكتف، وقامت بتنفيذ أكثر من مداهمة لمكاتبه بحثاً عن مستندات وملفات فساد، وحتى اليوم لم تكشف عون عن الداتا التي حصلت عليها من “شركة مكتّف”.

كما واجهت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، قبل أن يتولّى رئاسة الحكومة الحالية، في قضية حصوله وعائلته على قروض الإسكان المدعومة.

وفي العام 2019، أصدرت عون مذكرة توقيف بحق مديرة هيئة إدارة السير والآليات والمركبات (النافعة) هدى سلوم، وهي قريبة النائب السابق المحامي هادي حبيش، الذي اتهم بدوره عون بالفساد. وانتشر مقطع فيديو لحبيش أثناء اقتحام مكتب القاضية وتهديدها، فقام قاضي التحقيق في بيروت أسعد بيرم بمنع حبيش من مزاولة مهنة المحاماة أو دخول قصر العدل لمدة 3 أشهر.

ومن بين المعارك التي خاضتها غادة عون، معركة داخل الجسم القضائي كان من المتوقع أن تكون ضربة قاصمة لها، إذ كفّ النائب الاستئنافي القاضي غسان عويدات يد عون عن متابعة ملف تهريب الأموال إلى الخارج. ووصل الحدّ إلى البحث في إمكانية عزلها على يد مجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي… وهذا ما تمت ترجمته اليوم بقرار طردها بعد 40 عاماً من الخدمة في السلك القضائي.

لا أن هذا القرار قابل للاستئناف، وهو ما فعلته القاضي عون، معتبرة أن الاتهامات ضدها “ملاحقات كيدية”.

الصرف من الخدمة

يأتي قرار الطرد في المرحلة ما قبل الأخيرة من العقوبات التأديبية، حيث تكون المرحلة الأخيرة هي العزل مع الحرمان من تعويض الصرف أو معاش التقاعد.

وفقاً للمادة 106 من قانون تنظيم القضاء العدلي، لوزير العدل أن يوقِف عن العمل، بناء على اقتراح مجلس هيئة التفتيش القضائي، القاضي المُحال على المجلس التأديبي. وفي هذه الحالة، يتقاضى القاضي الموقوف عن العمل نصف رواتبه وتعويضاته.
هل تقبل قرارات التأديب الطعن؟

يقبل قرار المجلس التأديبي الطعن من قبل القاضي المعني، أو من قبل رئيس هيئة التفتيش القضائي، في مهلة 15 يوماً من تاريخ صدوره، أمام الهيئة القضائية العليا للتأديب. بالمقابل، لا يقبل قرار هذه الأخيرة أي طريق من طرق المراجعة، بما فيها التمييز، ويكون نافذاً بحد ذاته بمجرد إبلاغه إلى صاحب العلاقة بالصورة الإدارية.

ويحق للقاضية عون ممارسة مهامها إلى حين صدور قرار الإستئناف.