“جمعية المودعين” لـ”الجريدة”: التواطؤ وغياب الرقابة والمحاسبة يشجّع البنوك
مرة جديدة، تضرب المصارف ضربتها بحق المودعين واللبنانيين الذين لم يعودوا قادرين على تحمل “فرعنة” البنوك، في ظل غياب كامل لمصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، وهو غياب صار تواطؤاً فاضحاً مع المصارف، يسمح بسلب أموال المودعين، وباتخاذ تدابير تؤدي إلى مزيد من الأضرار بحق الذين وضعوا جنى أعمارهم في مصارف أساءت الأمانة.
ولأن المصارف تعتمد قاعدة “ما لنا، لنا وحدنا.. وما لكم، لنا أيضاً”، فإنها لم تكتف بمصادرة أموال المودعين، بل أيضاً بدأت بتنفيذ خطة جديدة لسلب أموال الناس بهدف تعويم خزائنها.
وعلى الرغم من لجوء المصارف إلى منصّة “صيرفة” تحت مظلّة التعميم 161 للمتاجرة بالدولار في السوق السوداء، عبر شراء الدولار من مصرف لبنان، بطريقة التحايل على التعميم، وعلى الأرجح بعلم مصرف لبنان، وبيعه في السوق السوداء لتحقيق أرباح خيالية يومياً، وزيادة حجم أمولها لمنع إفلاسها، إلا أنها لا يبدو أنها “تشبع” من أموال “صيرفة”، وباشرت بتنفيذ خطة للحصول على أموال جديدة من اللبنانيين.
وتقضي الخطة الجديدة بأن تفرض المصارف على الدائنين تسديد القرض مباشرة في حساباتها، ولا تقبل بالشيكات المسحوبة على مصرف لبنان من مصارف أخرى.
فضيحة الجديدة تستدعي تحركاً عاجلاً وحازماً من مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، وكذلك من المودعين أنفسهم، بمختلف مسمياتهم، لأن السماح للمصارف بالاستمرار في سياسة مصادرة حقوق المودعين وأموالهم، يعني أن المصارف ستكون قادرة لاحقاً على التنصّل من حقوق الناس عليهم، والفرار من ملاحقتهم لتحصيل أموال المودعين، من دون أن يكون لأحد القدرة على محاسبتهم.
أما تفاصيل الفضيحة، فتظهر في عدم اعتراف المصارف ببعضها، على الرغم من اجتماعها في “جمعية المصارف”، وعلى الرغم من توحّدها في سلب أموال المودعين، وعلى الرغم من تعاونها الوثيق لمنع إقرار القوانين التي تحمي حقوق الناس في المصارف.
تمارس البنوك سياسة جديدة، هي “فيدرالية المصارف”. أي أنها تمتنع عن قبول أي تسديد لحساب من مصرف آخر. تلتقي المصارف ضد المودعين، وتتعاون في عدم اعترافها ببعضها ضد المودعين!
ببساطة شديدة، يرفض المصرف أن يسدّد عملاؤه قيمة القروض المتوجبة عليهم بموجب شيك مسحوب على مصرف لبنان من مصرف آخر، ولا يقبل التسديد إلا بموجب شيك مسحوب من المصرف نفسه!
تصادر المصارف ودائع الناس، وتطالبهم اليوم بتسديد القروض بإحضار أموال جديدة إلى المصرف!
بهذه الطريقة، يمارس كل مصرف فيدراليته الخاصة، ويتعاونون من خلف الستارة لسلب الناس أموالاً جديدة، ولا يعترفون بوجود حسابات للمودعين لديهم.. وفي هذا سرقة جديدة تلجأ إليها المصارف لتعويم أوضاعها أو لتهريب الأموال مجدداً إلى خارج لبنان.
إذا كانت المصارف نفسها لا تثق ببعضها، فكيف يمكن للناس أن يثقوا بهم؟!
كل مصرف يرفض شيكاً من مصرف آخر، يعني أنه لا يعترف به، وأنه لا يثق به، وأنه يعلم ضمناً أنه يسلب أموال الناس بطريقة احتيالية جديدة، بعد أن سلبوهم جنى أعمارهم بتبديد ودائعهم.
كما أن كل مصرف لا يقبل شيكاً من مصرف آخر مسحوب على مصرف لبنان، يعني أنه لا يعترف بمصرف لبنان أصلاً، مع أن “لحم أكتافه” من “هندسات” مصرف لبنان التي أُعطيت على شكل هبات للمصارف نفسها!
كل المحاولات التي جرت مع مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، لاتخاذ تدابير بحق المصارف تلجم إجراءاتها التي تستبيح حقوق الناس وتمنعها من التحوّل إلى دويلات مصرفية لا سلطة عليها، باءت بالفشل. ذلك يكشف أن ما تقوم به المصارف هو بعلم مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، وغضّ نظر منهما، وربما أيضاً بتواطؤ مفضوح.
“حزب المصارف” يحكم لبنان، في كل المواقع والمفاصل. لكن ذلك لا يعني أن الأمور يمكن أن تستمر على حالها. فالمودعون يتّجهون لخوض مواجهة بكل الوسائل مع المصارف، ولدفع مصرف لبنان ولجنة الرقابة إلى اتخاذ التدابير التي تحمي حقوق الناس المتعاملين مع المصارف.
رئيس “جمعية المودعين اللبنانيين” حسن مغنية أكد لموقع “الجريدة” أن المصارف “تتصرّف كما يحلو لها من دون حسيب أو رقيب، في ظل انعدام فعالية لجنة الرقابة على المصارف وتخبّط السلطات القضائية وعدم محاسبة مصرف لبنان لها”.
رأى أنه “ليس صحيحاً أنه لا توجد خطة لمعالجة الأزمة، بل بالعكس، هناك خطة وهي تقوم على اللاخطة بهدف إطفاء الدين العام كيفما كان، ويضطر المواطنون لسحب ودائعهم على سعر منخفض على قاعدة مجبر أخاك لا بطل”.
وعن عملية رفض المصارف قبول الشيكات من بعضها أكد مغنية لـ”الجريدة” أن هذا الأمر “هدفه إطفاء ديون المصارف وتعويم وضعها بأموال الناس لشطب أكبر قدر ممكن من الخسائر”.
ورأى أن هذه العملية هي “لشراء الوقت للتخلّص من الودائع والحصول على أموال بطرق مختلفة، ومنها هذه الطريقة، إضافة إلى ما يحصلون عليه من “صيرفة”، حتى يكونوا قد بقي عليهم الحدّ الأدنى من المطلوبات عند الوصول إلى مرحلة هيكلة المصارف”.
وسأل مغنية “نحن نواجه المصارف، لكن الواقع الحقيقي هو التواطؤ وغياب الرقابة والمحاسبة، وهذا ما يشجّع المصارف على التعامل مع المواطنين بهذه الطرق. نحن سنتحرّك مجدداً بكل الوسائل السلمية، وسنلاحقهم قانونياً، ولن نستسلم”.