مقدمات نشرات الاخبار الأخبار المسائية

مقدمات نشرات الأخبار المسائية 12/3/2023

ضخٌّ غزيرٌ للقراءات في ثنايا الإتفاق السعودي – الإيراني لا ينضب مَعِيْنُهُ مع مرور ثلاثة أيام على هذا الإنجاز – الحدث.

معظم هذه القراءات يَتَّسم بالإيجابية أقلُّه من حيث تعبيدُ الإتفاقِ الطريقَ أمام الإزدهار والإستقرار في المنطقة.

وفوائد هذا التقارب لن تنعم بها المملكةُ السعودية والجمهوريةُ الإسلامية فقط بل إنها ستشمل المنطقةَ بأسرها.

ويرجح أن تصيب بركاتُ هذا الإتفاق اليمن قبل غيره وهو ما عكسته تصريحات إيرانية توقعت التوصل سريعاً إلى وقف لإطلاق نار في هذا البلد الذي أنهكته المعارك.

وحدَهما الولاياتُ المتحدة وإسرائيل شذّتا عن شبه الإجماع على الترحيب بالاتفاق السعودي – الإيراني.

فوساطة الصين اختبارٌ صعب لواشنطن التي باتت تشعر بأن بكين بدأت في احتواء الهيمنة الأميركية على المنطقة.

وإذا كان التنين الصيني مصدر قلق للولايات المتحدة فإن لإسرائيل هاجسَ بناءِ طهران علاقاتٍ أوسعَ مع دولٍ إقليمية كبرى بينها مصر بعد السعودية.

العدو الإسرائيلي   عَكَسَ هذا الهاجس من خلال عدوان جديد على سوريا وتكثيف قمعه في الأراضي المحتلة حيث قَتَلَ اليوم ثلاثة فلسطينيين.

بالنسبة للبنان كان الإتفاق السعودي – الإيراني مبعث ارتياح وتفاؤل وسط ترقب الترياق الذي يحل الأزماتِ الكبيرة في البلد الصغير.

وبعد مواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري بالأمس بشأن مفاعيل الإتفاق السعودي – الإيراني قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اليوم إن الإرتياح الذي قد ينجم عن هذا المسار لا بد أن ينعكس إيجاباً على كل المنطقة ومن ضمنها لبنان.

من جهته بارك البطريرك الماروني بشارة الراعي الخطوة السعودية – الإيرانية التي تندرج في خط المصالحة السياسية على حد تعبيره.

وقد علمت الـNBN أن اجتماعاً سيُعقد صباح غد بين ميقاتي والراعي في بكركي قبل أن يسافر رئيس حكومة تصريف الأعمال منتصف الأسبوع المقبل إلى الفاتيكان.

بالتأكيد ليس فجأةً، لكنَّ الكشفَ عنها جاء مفاجئًا: من واشنطن إلى طهران، ومن بكين إلى الرياض فطهران، المنطقةُ تحت ارتدادات زلزالٍ ديبلوماسي، بعدَه بالتأكيد لن يكون كما قبلَه، خصوصًا ان أحداثه غيرُ معزولة عن بعضها البعض، وإنْ كانت في الظاهر تبدو كأنها معزولة.

اليوم حدثُ الإعلان عن تبادل سجناءَ بين واشنطن وطهران،  وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان يعلن في مقابلة تلفزيونية “في الأيام الماضية، توصلنا الى اتفاق حول تبادل سجناءَ بين ايران والولايات المتحدة. إذا سار كل شيءٍ على ما يرام من الجانب الأميركي، فاعتقد انه يمكن ان نشهد ذلك في المستقبل القريب”.

يأتي هذا الأنفراج غداة الانفراج السعودي الإيراني برعايةٍ صينية وجهود عراقية وعُمانية ، ومن أولى مفاعيله بدءُ محادثات يمنية في سويسرا للإفراج عن الاسرى .

ومع الإنفراجات الديبلوماسية انتعاشٌ اقتصادي هائل ، فقد أعلنت مجموعة أرامكو النفطية السعودية اليوم  أن أرباحها الصافية ارتفعت بنسبة 46,4 بالمئة في 2022 مقارنة بالعام 2021، وقالت المجموعة العملاقة إنّ صافي دخلِها وصل إلى 604 مليارات ريال سعودي ، بما يوزي  161 مليار دولار.

تزامن إعلانُ أرقام الأرباح مع إعلان المملكة اليوم عن إطلاق ناقلٍ جوي جديد تحت اسم “طيران الرياض”، في جزء ٍمن سعيها لتحويل العاصمة الرياض إلى مركز طيران دولي ينافس مراكز إقليمية مثل دبي والدوحة. وأوردت وكالة الأنباء السعودية ، أنّ طيران الرياض يهدُف إلى “إطلاق رحلاتٍ تصل لأكثرَ من 100 وجهة حول العالم بحلول العام 2030”.

أين لبنان وسْط هذه التطورات الهائلة ، تبادُلُ التعقيدات الداخلية، تقابلُه لامبالاة ٌخارجية، لا أحدَ في الخارج لفَظ إسم لبنان في كل المداولات والمفاوضات والاتفاقات التي حصلت، كأن الخارج يقول للبنانيين : ساعدوا أنفسكم تساعدكُم السماء .

لبنان كأنه في عزلةٍ طوعية ، فلا بصيصَ رئاسيًا ، ولا تحديدَ لجلسة لمجلس النواب، والمراوحة ُسيدة الموقف ، والوضع المالي ليس افضل حالًا في ظل عودة المصارف إلى الإضراب اعتبارًا من بعد غد الثلاثاء .

البداية من الحدث العالمي بين واشنطن وطهران.

هل سَقطَ حُكمُ المصرِف الاميركي؟ فقد هوى السليكون فالي من أعلى قمةٍ مصرِفية اميركية في اوسعِ النكساتِ العالمية منذُ عام الفين وثمانية فتحوّلت كاليفورنيا المَقرُّ الرئيسي للمصرف الى ولايةٍ يَقصدُها صغارُ المودعين وتترقّب أسهمَها شركاتُ الانترنت والذكاء الصناعي حولَ العالم ولم تكُنْ صدمةُ السليكون فالي غريبةً عن لبنان الذي أصبح لمودعيه نظراءُ أميركيون وبريطانيون.. وباتَ الجميعُ تحتَ عباراتٍ شيطانية.. الودائع, الأصول, رفعُ الفائدة من المركزي, التعثّر عن الدفع, الدمج, اعلانُ الافلاس وغيابُ عاملِ الثقة لكنّ اميركا سارعت بعدَ ثمانٍ واربعين ساعة الى احتواءِ الازْمة.. وقالت وزيرةُ الخزانةِ الأميركية جانيت يلين إن الحكومةَ الفيدرالية لن تُنقِذَ بنك سيليكون فالي، لكنّها ستعملُ على مساعدةِ المودعين الذين يشعرون بالقلق بشأنِ أموالِهم هذه الاموال بدأت بالتبخّر ودَفعت سيليكون فالي إلى الإفلاس عندما بدأ عملاؤُه بسحبِ ودائعِهم.. ومعظمُهم من شركاتِ التكنولوجيا التي كانت بحاجةٍ إلى السيولة.. واضُطرَّ البنك إلى بيعِ السندات بخَسارة لتغطيةِ عملياتِ السحب، ما تسبّبَ بالانهيار السريع لكنّ المعالجات سوفَ تبدأ من الاثنين المقبل في اجتماعاتِ المركزي الاميركي والاحتياطي الفدرالي وعلى مستوى الولاياتِ المتحدة فإنّ المعالجات ستكونُ بالدمجِ والاستيعاب.. حيث لن تأتيَ الحلولُ مستوحاةً من حكومةِ حسان دياب، والسلّةِ المثقوبة لوزيرِ الاقتصاد راوول غونزالس نعمة، أو وزيرِ مال يَسألُ مرجِعيتَه السياسية.. او حكومةِ تصريفِ اعمالٍ منشقّة عن التيار، والتيار منقلبٌ عليها.. أو جمعيةِ مصارف تحمّلُ الدولةَ مسؤوليةَ الخسائر، والدولةُ برؤوسٍ تفاوضيةٍ عديدة معَ صُندوقِ النقدِ الدولي.. والكابيتال كونترول يتأخّر ثلاثَ سنواتٍ عن موعدِه فيما حاكمُ المركزي سوفُ يبدأ رحلةَ استجوابٍ محلية على أوروبية فنحنُ في وادٍ من السليكون السياسي، الذي يَجعلُنا دولةً لا تشبهُ أحداً في ازَماتِها سوى الاستدانة، التي يبدو انها ستَعُمُّ المجتمعَ الاميركي كما اللبناني وبالسيولةِ المحلية المقتطَعة من الاتفاقِ السُعودي الايراني.. فإنّ لبنان على قارعةِ الانتظار، إذ تتقدّمُه دولٌ لها اولويةٌ في المعالجاتِ والحلول وبينَها اليمن وسيكونُ هذا الاتفاقُ الثنائي في المختبرِ الجنائي على مدى شهرين.. لكنّ قاعدتَه الاساسية، وهي سياسةُ عدمِ التدخّل في شؤونِ الدول، سوف تُحيّدُ لبنان مرحلياً عن التدخّلِ المباشر وللاتفاق ذيولٌ عالمية تَضرِبُ بنتائجِها مساعيَ كلٍ من الولاياتِ المتحدة وإسرائيل على وجهِ التحديد ولم يعُدْ خافياً أن سياسةَ وليِ العهدِ السُعودي الامير محمد بن سلمان قد تعاملت معَ اميركا كدولةٍ ثالثة وليس كقوّةٍ عظمى.. وفَرضت اولوياتِ المملكة والمِنطقة على ما كانَ من البديهياتِ الاميركية.. وزمنَ السعودية بقرةً حلوب انخفضَ عاملُ الثقة كسيليكون فالي في أميركا منذ أن قررت التخلّي عن حلفائِها في افغانستان، وتَرْكَهم يَلحقون بطائراتِها هرباً من الجحيم وتجلّى التخلي في أرفعِ صُوَرِه بالاحتفاء بالرئيس الصيني في المملكةِ العربية السُعودية واستقبالِه كقائدٍ يمثّلُ إمبراطوريةً شريكة للمستقبل، على عكسِ الاستقبالِ البارد للرئيسِ الاميركي جو بايدن في السعودية وعودتِه منها منزوعَ الفوائدِ المالية الاقتصادية بخلافِ غريمِه دونالد ترامب وواكبتْ السُعودية هذا الأداء بتمنّعِها عن اتخاذِ موقفٍ من حربِ اوكرانيا ضِدَ روسيا وسحبِها الى معسكرِ التسلح، ورفضِها زيادةَ انتاجِ البترول بناءً على دعوةٍ اميركية.. كما انها استَبقت هذا الحِياد بمصالحةِ قطر ودعمِ تُركيا بالودائع، وتخطّي حاجزِ الإخوان المسلمين لديها فهل يَنسحبُ هذا المسار على  الاستمرارِ في سياسةِ رفضِ التطبيع معَ اسرائيل؟ فـ”تل ابيب” تَصرُخُ اليوم من الداخل.. لكنّ صرخاتِها ستكونُ اوسعَ مدى عندما تُمنَعُ طائراتُها من التحليقِ فوقَ الاجواءِ العربية الخليجية لتوجيهِ ضرَباتٍ عسكرية ضِدَ ايران.