كتب القاضي حاتم ماضي في” اللواء”:يعتبر لبنان بلد الحصانات القضائية بإمتياز. من المعروف ان الحصانات هي ملاذ آمن للفساد وللإفلات من العقاب تالياً. الحصانات لا تعني الحماية من الملاحقة القضاية وانما تعني ان هذه الملاحقة دونها اجراءات غالباً ما تتسم بالتعقيد.
في رأس المحاكم الخاصة الإستثنائية يأتي المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء الذي هو احد اهم انجازات اتفاق الطائف على المستويين القانوني والسياسي. ولهذا صدر بتاريخ 18/8/1990 قانون اصول المحاكمة لدى هذا المجلس رقم 13 (المستوحى في معظم بنوده من القرار التشريعي رقم 1/59 الذي نظم محكمة العدل العليا في فرنسا) الذي جاء تطبيقاً للمادة 80 من الدستور.
لا تتحرك الدعوى العامة امام المجلس الأعلى الا نتيجة «عريضة اتهام» يوقعها خمس (5/1) اعضاء المجلس النيابي على الأقل وتكون معللة وتتضمن اسم المطلوب اتهامه والجرم المسند اليه وسرد كاف للأدلة والوقائع.
بعد ورود عريضة الإتهام يبلغها رئيس المجلس من جميع النواب ومن اصحاب العلاقة ثم يدعو المجلس الى جلسة خاصة مكتملة النصاب ويتم الإستماع خلالها الى الإدعاء والدفاع ثم يقرر بالأكثرية المطلقة اما احالة القضية الى لجنة نيابية خاصة تدعى ««لجنة التحقيق»، وهي غير اللجنة المنصوص عنها في النظام الداخلي لمجلس النواب، او رد الإتهام.
تؤلف لجنة التحقيق من رئيس وعضوين اصيلين وثلاثة اعضاء احتياطيِّين ينتخبهم المجلس بالإقتراع السري وبالغالبية المطلقة. وتتمتع هذه اللجنة بكل السلطات التي تملكها هيئات التحقيق وقراراتها مبرمة.
بنهاية التحقيق تجتمع اللجنة بجلسة سرية فتتذاكر وتضع قرارها النهائي وتحيل هذا القرار الى المجلس النيابي وتبلغه من الفرقاء. وعلى المجلس النيابي ان يجتمع في مهلة لا تزيد عن عشرة أيام في جلسة يستمع فيها الى المرافعات ومن ثم يصوت على الإتهام بالإقتراع السري وبغالبية الثلثين.
بعد صدور القرار يبلغه رئيس مجلس النواب الى رئيس المجلس الأعلى وللنائب العام لديه. وعلى المجلس الأعلى ان يصدر قراره في مهلة اقصاها شهر قابل للتجديد مرة واحدة.
المحاكمة امام المجلس الأعلى علنية ويمكن اجراؤها سرا. ويبقى المتهم طليقا حتى صدور القرار الذي يجب ان يتضمن اقالته.