هل يطرح برّي في الحوار المعضلات الدستورية المعطّلة للإستحقاقات؟

/ غاصب المختار/

سلّم رئيس المجلس النيابي نبيه بري وسائر الكتل النيابية بإستحالة انتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، نتيجة الانقسامات الحادة بين القوى السياسية وكتلها النيابية، لذلك لم تتم الدعوة الى جلسة خامسة لإنتخاب الرئيس، بل قرر بري فتح الحوار مع الكتل، في محاولة ستكون مضنية لإقناعها، او اقناع الكتل الاساسية الكبرى منها، بالتوافق على شخص تتقاطع حوله مواصفات الجميع.

وبحسب معلومات موقع “الجريدة”، فإن بري لن يدعو الى اي جلسة قبل انتهاء ولاية الرئيس عون، وسينتظر انتهاءها ليبدأ مشاورات مع الكتل النيابية بعد يوم الاثنين المقبل، لإستمزاج رأيها في شكل الحوار الذي سيدعو اليه للتعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية منعاً لإطالة امد الفراغ الرئاسي، وفي ضوء المشاورات وموقف الكتل يقرر بري هل يدعو رؤساءها مجتمعين الى طاولة حوار جامعة، أو ترفض الكتل الطاولة وتكتفي بحوارات ثنائية بينه وبينهم. المهم في الموضوع، ان الفراغ سيحكم البلد، مع ما يُرتبه من ازمات اضافية سياسية واقتصادية ومعيشية، بخاصة اذا تعذر تشكيل الحكومة قبل نهاية ولاية الرئيس عون وذهب الرئيس نجيب ميقاتي والنائب جبران باسيل الى معركة كسر عظم سياسية لن يخرج منها منتصر، بل سيتهشم خلالها الجميع.

وحتى الآن لا تشي الاجواء السياسية بقرب التفاهم على حلول ومخارج لتدوير الزوايا الحادة التي تُجرّح الوطن واهله، ولهذا فالأرجح ألّا تؤدي الحوارات التي ينوي بري إجراءها الى نتائج او تفاهمات تُؤدي الى انتخاب رئيس للبلاد، بخاصة بعد ظهور ولاءات لدى بعض الكتل والنواب ناتجة عن التدخلات الخارجية للسفراء “فوق العادة”، بحيث صار لبعضهم كتل نيابية كبيرة أوصغيرة، وبعد تردد نواب آخرين في حسم خياراتهم، وبعد حسم البعض الآخر لخيار لا يوصل الى رئيس. وطالما ان الحوار قائم بين الكتل، لماذا الرئيس بري لا يطرح عليهم المعضلات الدستورية التي تعرقل المسار الدستوري للإستحقاقات، من إشكالية المهل الى تشكيل الحكومة، الى انتخاب رئيس للجمهورية، بحيث نتج عن هذه المعضلات سنوات من الفراغ الرئاسي والحكومي وحكومات تصريف الاعمال غير المنتجة، وزيادة التوترات والانقسامات الداخلية، والتفسيرات المتناقضة لبعض مواد الدستور.

وطالما ان الرئيس بري يعتبر ان المجلس النيابي “سيد نفسه” وله حق تفسير الدستور، فليبادر الى طرح فكرة بحث الثغرات القائمة في بعض مواده وتوضيح او تعديل ما امكن منها، من دون المس بجوهر اتفاق الطائف وميثاقه الوطني ودستوره “العظيم”. بحيث لا يتلطى اي فريق بالصلاحيات الطائفية لتعطيل المسار الدستوري للإستحقاقات، ولا بالمهل التي توصف تارة انها “للإسقاط” وطوراً “للحث”، ولا حتى بنصاب الجلسات، وسوى ذلك من ثغرات تفرض تفسيرات مختلفة لا توصل الى نتيجة سوى استمرار التعطيل وإضاعة الوقت والفرص الثمينة للخلاص. وقد ظهر من خلال تجارب السنوات العشر الاخيرة على الاقل، الكثير من العلل والثغرات في الدستور، تستلزم طرحها للبحث، عدا ضرورة البدء بتطبيق ما لم يُطبّق من هذا الدستور الذي بات بحكم “المُنزل” ممنوع التغيير او المس فيه. فقد باتت كل المواد الملتبسة واضحة وضوح الشمس، وما عاد ممكناً الاستمرار بهذا اللعب السياسي على حفافي الهاوية السحيقة.