في شهر التوعية بسرطان الثدي، تكشف الدراسات والأبحاث يوماً بعد يوم عن وجود عوامل عديدة أثبتت قدرتها على زيادة مخاطر الإصابة بهذا المرض.
فقد كشفت دراسة جديدة في مركز “ليون بيرار” في فرنسا عن أن التعرّض إلى خمس ملوّثات بيئيّة له تأثير مباشر في تعزيز خطر الإصابة بسرطان الثدي.
يعتبر سرطان الثدي الأكثر انتشاراً في العالم مع تسجيل 58500 حالة جديدة في العام 2020. وقد يُصبح أكثر شيوعاً وانتشاراً نتيجة التعرّض المزمن لبعض الملوّثات البيئية.
صحيح أنها ليست المرة الأولى التي تُطرّح فيها هذه الفرضية، لكن الباحثين في مركز ليون بيرار المتخصّص في مكافحة السرطان نجحوا في إظهار العلاقة بين التعرّض للملوّثات وتطوّر الإصابة بسرطان الثدي، وفق ما نشر موقع Topsante.
ووجدت الدراسات الوبائيّة والتجريبيّة أن التعرّض لملوّثات الهواء، خصوصاً تلك التي لها تأثير على الغدد الصماء، يمكن أن يؤدّي دوراً في تطوير سرطان الثدي.
ولتحقيق هذه النتائج، تمّت متابعة أكثر من 10 ألف امرأة مريضة وغير مريضة خلال الفترة الممتدة ما بين 1990 و2020، ضمن برنامج علميّ باسم “Xenair”. ومن بين الملوّثات الثمانية التي تمّت دراستها، أدرجت الوكالة الدوليّة لأبحاث السرطان 6 منها ضمن الزمرة المسبّبة للسرطان عند الإنسان، في حين أن خمسة منها مسؤولة عن زيادة خطر الإصابة بالمرض.
ما هي الجزيئات التي تزيد من مخاطر الإصابة؟
يزيد ثاني أكسيد النيتروجين (NO2) من خطر الإصابة بالسرطان بنسبة 9%، وهو ناتج من انبعاثات المرور الكثيفة، في حين أن جزيئات (PM10) والجزيئات الرفيعة (PM2.5) التي تنبعث من حرق وقود السيّارات والأخشاب والانبعاثات الصادرة من المعامل الصناعية والبناء تزيد من مخاطر الإصابة بين 8 إلى 13%.
وتزيد جزيئات البينزوبيرين (BaP) الموجودة في دخان السيجارة واللحم المشوي من خطر الإصابة بالأورام بنسبة 15%. ولكن ثنائي الفينيل متعدّد الكلور (PCB153) الناتج من احتراق الانبعاثات الصناعيّة يحتلّ قائمة الملوّثات في زيادة خطر الإصابة بالسرطان بنسبة 19%.
وتشير الباحثة في علم الأوبئة والمشاركة في الدراسة دلفين برود إلى أننا “قارنا تعرض النساء المريضات من الفئة العمريّة نفسها بالنساء غير المريضات، ضمن مهلة محدّدة، من خلال تقدير متوسط التعرّض السنويّ في أماكن السكن لملوّثات بيئيّة، جعلتنا نحدّد أكثر الملوثات المسبّبة لزيادة مخاطر الإصابة”.
أكثر من 9% من حالات سرطان الثدي يمكن تفاديها
وقد أظهرت تحاليل إضافية أنّ الخطر يزيد عند النساء خلال مرحلة انقطاع الطمث وتعرّضهن لبعض الملوّثات البيئيّة، خصوصاً اثنين منها، والتي صُنفت على أنها تؤدّي إلى اختلال في الغدد الصماء، وهي: جزيئات البينزوبيرين (BaP) و ثنائي الفينيل متعدّد الكلور (PCB153).
وفي النهاية، تحسين نوعية الهواء يبقى الوسيلة الأفضل للوقاية من خطر الإصابة بسرطان الثدي، بل للتقليل من عدد الوفيات المبكرة، إذ يُسبّب تلوّث الهواء وفاة أكثر من 7 ملايين شخص سنوياً حول العالم، وفق منظّمة الصحة العالميّة. ولو كانت مستويات التعرّض لثاني أكسيد النيتروجين أقلّ من توصيات منظّمة الصحّة العالمية في العام 2022، لكان في الإمكان تفادي 1% من حالات سرطان الثدي، في حين كان يمكن تفادي 9% من حالات سرطان الثدي في العام 2021 من خلال التعرّض لهذه الجزيئات بالمستوى الموصى به”.