هل المطلوب العودة إلى “صيغة الـ43″؟

/ مرسال الترس /

توقف المراقبون مطولاً أمام الكلام الذي أطلقه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أمام اجتماع لنواب الطائفة في دار الفتوى، وبخاصة أن الكلام الذي أتى على لسانه في مستهل اللقاء، شكّل لغة كانت غابت منذ فترة طويلة عن التداول، ولاسيما في زمن الحروب والصراعات. فهل كان الكلام توجّساً من أمور لم تتضح تلابيبها، أم هو تصويب لمسار غوغائي سيطر على الشارع لمرحلة عصيبة وأتت الفرصة لكي يتم إعتماد نمط جديد في الآتي من الآيام؟

قد تضمن خطاب المفتي دريان التالي: “إن  الرئيس هو رمز البلاد ، وحامي دستورها الذي عليه يقسم ( وأشير هنا إلى الأَهمية الفائقة لمنصب رئاسة الجمهورية في لبنان بالذَّات، فالرئيس المسيحي، رمز وواقع للعيش المشترك، الذي يقوم عليه النظام الذي اصطلح عليه اللبنانيون. وينظر إليه العرب باعترافٍ وتقديرٍ للتجربة اللبنانية، لأنه الرئيس المسيحي الوحيد، في العالم العربي) إن رئيس الجمهورية في النظام السياسي اللبناني، هو رأس المؤسسات الدستورية القائمة. ولا ينتظم عملها ولا يتوازن إلا بحضوره”.

وفي حين رأت مصادر متابعة حرصاً من المفتي على إعادة الاعتبار الى العمق الوطني الداخلي والعربي والدولي، لموقع رئيس الجمهورية اللبناني المسيحي تحديدًا، اعتبرت مصادر سياسية أن كلام المفتي دريان أعطى اللقاء بعداً وطنياً وليس فقط إسلامياً. في حين أن البطريرك الماروني بشارة الراعي قد قال في عظة الأحد التي تلت الكلام الذي تُلي في دار الفتوى: “إن أي سعي لتعطيل الاستحقاق الرئاسي إنما يهدف إلى إسقاط الجمهورية وإقصاء الدور المسيحي والماروني تحديدًا عن السلطة”.

على خطٍ موازٍ قرأت “وجوه لصيقة” بالصرح البطريركي الماروني، لموقع “الجريدة”، في كلام المفتي دريان، تحميلاً للمسيحيين مسؤولية التشرذم وعدم التوافق على شخصية معينة، لأنهم باتوا مقسّمين بين فئة متقربة من الشيعة وأخرى تدور في الفلك السني. في وقت يؤكد فيه المفتي دريان على المكتسبات التي نالتها الطائفة السنيّة في اتفاق الطائف الذي تم التوصل إليه عام 1989، ووضع خط أحمر أمام أي إمكانية لأي تعديل عليه.

ورأى المقربون من بكركي في كلام المفتي دريان إتجاهين:

الأول خشية، لا بل توجساً، من أمر بحجم تسلّق الطائفة الشيعية إلى السلطة، ولذلك أبدى ذلك التشبث اللافت بموقع الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي.

الاتجاه الثاني، هو الرغبة في رفع الصوت الوسطي إلى حد طمس الغوغائية التي فرضت نفسها على الشارع السني لسنوات، لا بل لعقود، واستدراك الأمور كي لا يحصل في الشارع السني ما حصل ويحصل في الشارع الشيعي، الذي تقوده أحياناً “حركة أمل”، والذي بات يفرض نفسه على الدولة، من خلال عشرات الآف الموظفين الذين وثقت انغماسهم داخل المؤسسات الحكومية إحصائياً مؤسسة “لابورا” التي لا تبعد كثيراً عن بكركي، كيف دخلوا بالشكل وليس في المضمون، بحيث أنهم موظفون في الدولة ويقبضون رواتبهم من دون أن يمارسوا أي عمل.

في موازاة ذلك، والى جانب كلام المفتي، جاء في  البيان الذي صدر عن المجتمعين كلام يحذّر من أنّ “لبنان لا يستطيع أن يتوقع يدًا عربية شقيقة تمتد إليه للمساعدة، وفيه من يفتري ظلمًا على الدول العربية الشقيقة إلى حد الاستعداء، (والمقصود هنا بالتأكيد “حزب الله” المستهدف بشكل مباشر من قبل العدو الاسرائيلي).

وعطفاً على ما تقدم، يشير المقربون من بكركي، إلى أنه إذا كان المقصود إعادة إحياء صيغة العام 1943، فهناك سبل أخرى يمكن اعتمادها، وليس البكاء على حكم ضاع من يد رجال!