رمضان طرابلس.. “خيالي”! (فيديو)

| نادين نجار |

لا يشبه شهر رمضان في مدينة طرابلس، أي مكان آخر في لبنان، أو حتى في العالم الإسلامي.

وعلى الرغم من أن المدينة اشتهرت بخصوصية في شهر رمضان، إلا أنها تشهد في رمضان هذا العام نشاطاً استثنائياً، وتعيش حالة خاصة، سواء على المستوى الروحاني ـ الديني، أو على المستوى التجاري، أو على صعيد إحياء العديد من التقاليد والتراث.

كل طرابلس تضجّ بالحياة والحيوية، المطاعم والمقاهي ممتلئة عن بكرة أبيها، وحركة الأسواق كأنها في “يوم الحشر”، والمفارقة أن أسواق طرابلس هي الأكبر في لبنان، وعددها يصل إلى ما يوازي عدد أسواق لبنان تقريباً.

فمدينة طرابلس تحمل طابعاً خاصاُ وتاريخاً عريقاً يصل إلى مئات السنين، وشهر رمضان يأتي كل عام بمثابة فرصة ذهبية يعبر فيها “الطرابلسيون” عن ثقافة مميزة بالنسبة بقية المناطق اللبنانية.

في طرابلس، عادات رمضانية بسيطة ومميزة في الوقت نفسه، مستمدة من شخصيات سكانها المتميزة بالكرم والبساطة، تجعل لرمضان “نكهة ثانية” وكأن المدينة تنتمي إلى حقبة ثانية من الزمن.

ما يميز رمضان في المدينة هو الأسواق الشعبية القديمة، التي يوجد فيها مختلف أنواع المأكولات والمشروبات والحلويات والألبسة بأسعار رخيصة مقارنةً بالعاصمة بيروت وكذلك بالعديد من المناطق.

والحلويات الطرابلسية لا يوجد مثيل لها في العالم، ويمكن القول إن طرابلس هي عاصمة الحلويات العالمية بامتياز، وقد أصبحت أحد أبرز ركائز العناصر السياحة التي تحتضنها المدينة، بالإضافة إلى العدد الهائل من المعالم الأثرية.

وتحمل المساجد في طرابلس القديمة، تاريخ حضارات مرت عليها منذ آلاف السنين، أبرزها المسجد المنصوري الكبير الذي بناه المماليك منذ أكثر من 760 عاماً، لهذا المسجد رمزية ومكانة خاصة لدى سكان المدينة حيث يأتون من كل أطرافها للصلاة فيه.

تاريخياً، يُعرف عن المسجد المنصوري أنه كان المنطلق للعديد من الثورات التي حصلت في لبنان، والإنتفاضات من أجل فلسطين.

أما المقاهي، فقد اختلط فيها التراث بالحداثة. وبينما تشهد “قهوة موسى” في باب الرمل، و”التل العليا” و”مقهى فهيم” في وسط المدينة، وغيرها من المقاهي التاريخية التي يعود تاريخ نشوئها إلى ما يزيد عن 100 سنة، حضوراً كبيراً للناس من طرابلس ومن خارجها، ومقصداً للسواح، فإن المقاهي الشعبية لا يوجد فيها موطئ قدم لأبناء المناطق. في حين أن عشرات المطاعم والمقاهي الجديدة، خصوصاً في منطقة “الضمّ والفرز” أو ما يسمّى “نيو طرابلس”، لم تعد تتسع للزائرين الذين يأتون إليها من كل حدب وصوب، ومن الصعب العثور على طاولة من دون حجز مسبق. أما مقاهي ومطاعم وكورنيش منطقة الميناء، فإنها تشهد حركة استثنائية.

من الصعب اختصار حالة الفرح الذي عاشته وتعيشه طرابلس في رمضان هذا العام، وهي تستعد لعيد الفطر بحيوية لم تشهدها منذ سنوات.

مشاهد فرق “الوداع” التي تجوب شوارع طرابلس ليلاً، والفرق التراثية والصوفية، تجعل طرابلس في حالة “عرس” رمضاني، ومشهد أسواقها “خيالي”.