الإثنين, ديسمبر 29, 2025
Home Blog Page 91

“العدل الأميركية” تنشر وثائق جديدة من قضية إبستين (صور)

بدأت وزارة العدل الأميركية بنشر وثائق طال انتظارها من التحقيق في قضية المجرم الجنسي، جيفري إبستين، والتي قد تكون لها تبعات سياسية.

ومن المتوقع أن تسلط هذه السجلات الضوء على علاقات إبستين مع كبار رجال الأعمال والمشاهير والسياسيين، بمن فيهم الرئيس دونالد ترامب.

ولكن يظل من غير الواضح كيفية اختيار الوثائق المنشورة بالنظر إلى أن إدارة ترامب تشرف بشكل كامل على العملية.

وتألفت المجموعة الضخمة من الوثائق سبع صفحات تحتوي على أسماء 254 “مدلكة” تم حجبها بالكامل، بحجة “حماية معلومات ضحية محتملة”.

كما شملت العديد من الصور التي لم تنشر من قبل، ومنها صورة تُظهر الرئيس الأسبق بيل كلينتون وهو يبدو أصغر سنًا مستلقيًا في حوض استحمام ساخن، مع إخفاء جزء من الصورة بواسطة مستطيل أسود.

وتُظهر صورة أخرى كلينتون وهو يسبح مع امرأة ذات شعر داكن يبدو أنها شريكة إبستين، غيلاين ماكسويل.

وتظهر ماكسويل في صورة منفصلة مستلقية مع الأمير السابق أندرو على أقدام خمسة أشخاص.



أميركا تنتقم من “داعش”: غارات عنيفة على 70 موقع في سوريا (صورة وفيديو)

شنّ الجيش الأميركي ضربات واسعة النطاق على عشرات الأهداف التابعة لتنظيم “داعش” في سوريا، ليل الجمعة ـ السبت، رداً على هجوم استهدف قافلة أميركية مما أسفر عن مقتل جنديين أميركيين ومترجم مدني، وإصابة ثلاثة جنود آخرين.

وشملت الضربات الأميركية الواسعة عشرات المواقع في وسط سوريا، وطالت مناطق البادية، ودير الزور والرقة وحمص، واستخدمت أكثر من 100 قذيفة دقيقة خلال العملية، وسط توقعات بأن تستمر العملية لأسابيع عدة وربما شهر، وفق ما كشف مسؤولون أميركيون.

وأكدت القيادة المركزية أن مقاتلات من القوات المسلحة الأردنية شاركت في العملية، إلى جانب طائرات مقاتلة أميركية ومروحيات هجومية ومدفعية ثقيلة، في هجوم مشترك لتقويض القدرات اللوجستية والعسكرية لتنظيم داعش.

وأوضحت أن الضربات “استهدفت أكثر من 70 موقعا في مناطق متفرقة من وسط سوريا، شملت مخازن أسلحة، ومقرات قيادة، وبنية تحتية تستخدم لتنفيذ العمليات الإرهابية”.
وقال قائد القيادة المركزية الأميركية الأدميرال براد كوبر: “هذه الضربات تهدف إلى منع داعش من التخطيط لهجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها”، مؤكدا أن “الملاحقة ستتواصل بلا هوادة ضد كل من يهدد أرواح الأميركيين وقوات التحالف”.

وأفادت قناة “الإخبارية” السورية نقلا عن مصادر محلية، بأن طائرات التحالف الدولي شنت سلسلة غارات جوية استهدفت مواقع تابعة لتنظيم “داعش” في مناطق متفرقة من شرق سوريا، أبرزها بادية معدان بريف الرقة، وبادية الحماد بريف دير الزور، إضافة إلى جبل العمور.

وأكدت المصادر أن الضربات ركزت على مواقع لتخزين الأسلحة ومقرات تستخدم كمنصات انطلاق لعمليات التنظيم في المنطقة.

وأشارت القناة إلى أن الغارات تجددت لاحقا على مواقع “داعش” في بادية دير الزور، حيث سمع دوي انفجارات قوية في المدينة وريفها. كما لوحظ تحليق مكثف لطائرات حربية وطائرات استطلاع في سماء منطقة البادية بريف حمص، في مؤشر على استمرار الحملة العسكرية ضد خلايا التنظيم النشطة في العمق الصحراوي.

وأعلن وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث أن الضربات استهدفت “مقاتلي داعش والبنية التحتية ومواقع الأسلحة”، وأوضح أن العملية تحمل اسم “عين الصقر”.

وقال هيغسيث: “هذه ليست بداية حرب، إنه إعلان انتقام. لقد قمنا اليوم بمطاردة وقتل أعدائنا. الكثير منهم. وسنستمر في ذلك”.

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي أن الحكومة السورية تؤيد الضربات بشكل كامل، مشيراً الى أن الولايات المتحدة تنفذ “رداً شديداً للغاية”. وفي كلمة ألقاها في ولاية نورث كارولاينا.

ووصف ترامب الضربة بأنها “ضخمة” ضد عناصر تنظيم “داعش” الذين تتهمهم الولايات المتحدة بالمسؤولية عن هجوم 13 كانون الأول على قوات التحالف.

 

Image

نحو مجْمعٍ وطني لحماية وجود لبنان

| أنطوان قسطنطين |

‏نشرتُ في صحيفة «الجمهورية» يوم الثلاثاء الماضي مقالًا بعنوان: «المسيحيّون في لبنان: هواجس سياسية بجذور لاهوتية»، فوصلتني ردود متفاوته لم أكن غافلاً عن معظمها. المقتنعون بصيغة العيش معاً، (وهم بالمناسبة من طوائف متنوّعة) طالبوني بالتوسع في المقاربة، والذين ما عادوا مقتنعين بتجربة العيش معاً، وجلّهم من المسيحيِّين، قالوا «لقد دفعنا الثمن من وجودنا ودورنا»، وفي كلامهم قلق صادق، لكنّ استنتاجهم في غير محله. فالخطر على وجود المسيحيِّين ودورهم لم يأتِ لا من لبنان الكبير، ولا من التنوّع الذي كان قائماً في لبنان المتصرّفية (لِمَن يحنّون إليها). الخطر على الوجود لم يعُد يقتصر على المسيحيِّين، ومردّه إلى الفشل في حُكم الدولة وفي إدارة التنوُّع، وهذه مسؤولية يتحمّلها بدرجات متفاوته جميع مَن تولّوا الحُكم في لبنان من مسلمين ومسيحيِّين على مدى مئة عام.

لم تغفل عني اتهامات من مسيحيِّين للمسلمين، بأنّهم أرادوا تذويب لبنان وإلحاقه بمشاريع إقليمية، واتهامات من مسلمين للمسيحيِّين بأنّهم استأثروا بالحُكم وهيمنوا على الاقتصاد.
يقيني، لم تعُد تنفع معرفة مَن الذي أساءَ أكثر للعيش معاً، فالخطر اليوم هو على وجود لبنان. واهمٌ مَن يظنّ أنّ طائفته ستربح إذا تمّ إلحاق لبنان بسوريا، وواهمٌ مَن ينتظر ربحاً من تجزئة لبنان. لن تقوم دولٌ للطوائف فوق جغرافيةِ لبنان، فإمّا أن يبقى دولة موحّدة أو بكل بساطة لن يبقى. لبنان يمثّل حاجة لشعبه فقط وليس للآخرين. تجربة الحياة اللبنانية المشتركة هي التي بنجاحها، تشكّل للآخرين مصدر إلهامٍ لإدارة التنوّع. العيش معاً مخاض صعب لكنّه يولّد حضارة عظيمة، وهو لا يعني الإنصهار، بل حماية التنوّع والحرّية داخل الدولة الواحدة.
هنا، لا يعود النقاش فكرياً أو تاريخياً، بل يتحوّل إلى معيار عملي لمواجهة أخطر ما يُهدِّد الدول ذات المجتمعات المتنوّعة، وأعني به إرهاب التطرُّف، والعنصرية، وكل مشروع يقوم على نفي الآخر أو إلغائه.
بهذا المعنى، تبدو «الخلقيدونية السياسية» برمزيّتها عرضاً حضارياً موجّهاً إلى مجتمعات المشرق كلّها. إنّها تقف على النقيض المباشر من منطق المتطرّفين، سواء تلك التنظيمات التي تتوسّل الدين لتبرير الجرائم، أو الدولة التي تتوسّل الهوية العنصرية لتبرير الإجرام والإقصاء. هي نفسها الأحادية القاتلة التي تقوم على إخضاع الآخر لا على الشراكة معه.
في مواجهة هذَين النموذجين، وفي إطلالة على الحاضر أقول: لا خلاص لجماعة خارج الدولة، ولا دولة قابلة للحياة من دون شراكة كاملة بين جماعاتها، ولا استقرار للدول من دون احترام متبادل للسيادة وشبكة مصالح مشتركة.
هي رؤية لا تُنكِر الخصوصيات، لكنّها ترفض تحويلها إلى حدود سياسية أو أمنية. الخصوصية هنا غنى، لا ذريعة للانسحاب. العيش المشترك فعلٌ سياديّ لا مجرّد شعار. وعلى غرار مواجهة الإرهاب بتجفيف مصادر تمويله، فإنّ مواجهة الإقصاء، تبدأ بتجفيف منابعه الفكرية: رفض سرديات الخوف، إسقاط منطق «نحن وهم»، وتثبيت مفهوم المواطن لا التابع، الشريك لا الحارس.
بالنقاش الحرّ فقط نواجه السؤال المعضلة: ما هي الدولة في مجتمع متعدِّد؟ كيف نحمي وحدة الدولة وتنوّع المجتمع؟ كيف نمنع المركزية القوية من أن تتحوّل إلى هيمنة، والتنوّع الإيجابي من أن يتحوّل إلى تمايز مفرط ينتهي إلى التفكّك؟
إنّها صيغة التوازن المطلوب لولادة نظام حكم جديد بالاتفاق لا بالفرض استناداً إلى مبادئ غير قابلة للمساومة:
• الدولة هي الإطار الوحيد للحياة المشتركة.
• لا حقوق جماعية خارج المساواة الفردية في المواطنة.
• لا أمن دائماً بلا عدالة، ولا عدالة بلا دولة.
• التنوّع مصدر استقرار، لا تهديداً له.
حَكَمتنا طويلاً موازين قوى على إيقاع الخارج، فكانت أقرب لإدارة أزمات.
لم تصنع حلولاً ثابتة، بل تسويات ظرفية بضمانات متبادلة بين الجماعات، أبقت الدولة معلّقة على صليب أزمات متناسلة، لهذا تبدو السياسة اللبنانية بلا حسم، لا في الأمن ولا في الاقتصاد ولا في العلاقة مع المحيط أو الخارج.
المراوحة قاتلة، فإمّا مشروع دولة مدنية شاملة جامعة، تحوّل التعدّد إلى قوة سيادية، وإمّا استمرار البحث عن توازنات ظرفية هشّة، يتقدّم فيها الخوف وتُدار الإختلافات كتهديدات لا كفرص.
لا معنى لتكرار خطاب العيش المشترك، من دون تحويله إلى قرار سياسي. وفي هذا السياق تحضرني منصّة نقاش قيّمة شاركتُ فيها بدعوة من مركز الحوار الإنساني (جمعية HD السويسرية) إلى جانب ممثلين عن أحزاب سياسية لبنانية، كان هدفها أن يضع كل طرف هواجسه فوق الطاولة لرسم خارطة طريق لتنفيذ ما لم يُنفّذ من إصلاحات دستورية، ويؤسفني ما تعرّضت له هذه المنصة من هجوم سياسي إعلامي، هو أقرب إلى إطلاق النار على مشروع يجمع لمصلحة مشروع يفرّق. الحوار الدستوري في لبنان ليس ترفاً، بل كسر للصمت المخيّم على النقاش المتصل بالنظام السياسي القائم منذ اتفاق الطائف. أيّ قمعٍ لهذا النقاش مرفوض مهما كانت الحجّة، مع التأكيد أنّ مجرّد فتحه يؤدّي إلى كسر التابو المحيط ببحث بُنيَة النظام، وتوضيح مواقف القوى السياسية وهواجس الجماعات والأفراد، بدل تركها محكومة بالتخمين وسوء الظن.
النقاش الدستوري ليس حكراً ولا محرّماً، وهو يُنتِج أفكاراً قابلة للتحوّل إلى نقاش تشريعي جدّي في مجلس نواب 2026، إذا ما توافرت الإرادة. المطلوب من الحوار، أن يفتح بالسياسة باب الحل بعدما أُغلِق طويلاً لمصلحة الشارع أو السلاح أو الانهيار الصامت.
أليست مقدّمة الدستور مدخلاً إلى العقد الجامع الذي حسم أنّ لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، تقوم دولته على احترام الحرّيات الفردية والعامة وقِيَم العدالة والمساواة، واحترام التنوّع؟
إذا تحوّلت المقدّمة من نصّ مُعلّق إلى مرجعية ملزمة، أفلا تصبح مدخلاً فعلياً للخروج من الهواجس بقيام دولة تطبّق دستورها، وقوى سياسية تحترم هذا الدستور، ومؤسسات تحمي الجميع بلا تمييز.
كثرٌ عبّروا لي عن خوف المسيحيِّين على الوجود والدور، لكنّ هذا الخوف لا ينبع من فوبيا الآخر، بل من تجربة تاريخية قاسية يشهد فيها مسيحيّو لبنان منذ القرن الماضي على تفريغ العراق وسوريا وخصوصاً فلسطين من مكوّناتها المسيحية، بفعل الحروب والاضطهاد والهجرة. اليوم بات الخوف على الوجود يعمّ اللبنانيِّين، من هنا، بات القلق يتمركز حول سؤال جوهري: هل يستطيع لبنان، خلال السنوات المقبلة، أن يصمد كدولة خارج منطق دولة الحقّ والمواطنة والعدالة والحرّيات؟
الجواب: وحدها هذه الدولة تبدّد الخوف من السلاح بحصره بيَد الشرعية. وحدها تحمي من هاجس التوطين باعتباره تهديداً ديموغرافياً وسياسياً مباشراً لتوازنات لبنان. وحدها تضمَن الشراكة الفعلية ليبقى المسيحيّون شركاء مؤسسين، لا «أقلية» تحتاج إلى ضمانات؟ وحدها تعالِج باللامركزية الإنمائية الموسّعة الهواجس الإقتصادية والإجتماعية الناتجة من إفقار الطبقة الوسطى وتفريغ لبنان من طاقاته.
خلاصة هذه الهواجس واحدة: الخوف من تلاشي الدور وضياع لبنان كمساحة حرّية وتعدُّدية في محيط إقليمي تهدِّده الأحاديات المتطرِّفة وصراعات المصالح.
هل يكفي الطائف لمعالجة كل هذه الهواجس؟ إنّه المنطلق لحماية الوجود والشراكة الفعلية خارج معادلة الأرقام. الطائف إطار ضروري لكنّه يحتاج ككل دستور إلى تحديثٍ بدءاً من تنفيذ بنوده الإصلاحية باعتباره العقد الدولتي المدني الوحيد الذي ارتضاه جميع اللبنانيِّين.
الخوف مشروع والهواجس حقيقية، لكنّها لا تُعالَج بابتكار ضمانات فوق الدولة، بل بجعل الدولة ضمانة الجميع. عندها يسقط الخوف، وتتحوّل المناصفة من قَيد سياسي إلى حافز للشراكة.
هذه هي نظرة الحويّك الكبير، وهذا هو جوهر رسالة الفاتيكان للبنانيِّين وخصوصاً للمسيحيِّين، واختصاره أنّ العيش المشترك خيار وجودي وليس تسوية ظرفية.
العيش معاً خيار تفاعلي إيجابي، فالوحدة لا تلغي التعدّد، والتعدّد لا ينسف الوحدة. لا تقوقع الداخل يحمي المسيحيِّين ولا الإستقواء بالخارج يحمي المسلمين. الحل الوحيد: دولة مدنية محايدة يتساوى فيها الجميع أمام القانون، تحميهم بمركزية قوّتها وعدالتها ولامركزية إدارتها وإنمائها. وبقدر ما يبدو الخطر داهماً، بقدر ما تبدو اللحظة مؤاتية.

أسئلة كثيرة على رصيف الإنتظار!

| جوزف القصيفي|

يعتبر سياسي مخضرم عاصر عهوداً عدّة، أنّ التصريحات العالية السقف التي تصدر عن شخصيات وقوى حزبية، تندرج تحت عنوان التصعيد لأغراض انتخابية وشعبوية في لحظة سياسية ملتبسة تتقدّم فيها الغرائز على العقل، وتستخدم فيها كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للشحن الطائفي والمذهبي، باعتماد لغة التخويف والتهويل.

بعد سقوط السيناريوهات التي استهدفت تسمية السفير سيمون كرم رئيساً للوفد اللبناني المفاوض الواحدة تلو الأخرى، بات من الضروري التعاطي مع سير المفاوضات بكثير من الدقّة والحذر وعدم استباق الأمور. فالطريق ما زالت في بدايتها، والمحادثات لم تدخل بعد في عمق ما يمكن مقاربته، في انتظار جدول أعمال القوة الضامنة للمفاوضات، وتروّيها في مقاربة بعض الملفات الحساسة بالنسبة إلى الوضع اللبناني، في ظل الدعوة إلى التأنّي في قراءة بعض الوقائع، وما يمكن لبنان أن يقوم به في ظل أجواء التحدّي بين طرفي النزاع، بعدما فصل الجانب الأميركي بطريقة لا تحمل أي جدل، بين سير المفاوضات بين الدولة اللبنانية وإسرائيل، ومصير الحرب بين الدولة العبرية و«حزب الله»، أياً كانت المفاجآت التي أحدثها هذا التصنيف الذي أطلقه السفير الأميركي ميشال عيسى من على منبر رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة.

وإلى هذه الملاحظة التي لا بدّ منها، فقد توقفت مراجع سياسية وديبلوماسية عند تقييمها للاجتماع الثاني لـ«الميكانيزم» على المستوى المدني، والخامس عشر منذ تأسيس اللجنة، أمام مضمون ما أُعلن رسمياً بعد الاجتماع، بدءاً بالبيان الصادر عن السفارة الأميركية في بيروت، والمعلومات التي تضمّنها بيان مكتب الإعلام عن لقاء السفير كرم برئيس الجمهورية، بعدما قَصَد قصر بعبدا مباشرة من لقاء الناقورة لوضعه في أجواء اللقاء، عدا عن البيان الصادر عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. ودعت إلى قراءتها بدقة وتأنٍ، والتوقف عند العبارات التي احتواها كل بيان على حدة، لما يحتمله البعض مما جاء فيها من أفكار تثير الريبة. ولا تترجم ما تحقق حتى اليوم استباقاً لسير المفاوضات وما يمكن ان تحققه في اجتماعين استُبدل فيهما المندوب الإسرائيلي من مستوى إلى آخر، من دون ان يغيّر شيئاً في ما تنوي إسرائيل تحقيقه من خلال مشاركتها في اللجنة.

وتقول المراجع، إنّ في بيان السفارة الأميركية مصطلحات جديدة لم يستخدمها الجانب اللبناني فحسب، فالتعابير الأميركية تتحدث عن «اللجنة التقنية العسكرية للبنان»، وفق المعايير الأميركية منذ تشكيلها، وقد سارعت إلى تبنّي غايتها بقولها انّها واصلت البحث في «الجهود المنسّقة دعماً للاستقرار والتوصّل إلى وقف دائم للأعمال العدائية». وجاء الفصل واضحاً بين الشقين العسكري والسياسي من أعمال اللجنة. ففي الجانب الأول تحدث عن «آخر المستجدات العملياتية، وركّزوا على تعزيز التعاون العسكري بين الجانبين من خلال إيجاد سبل لزيادة التنسيق. وأجمع المشاركون على أنّ تعزيز قدرات الجيش اللبناني، الضامن للأمن في قطاع جنوب الليطاني أمر أساسي للنجاح». وهو أمر يجب فهمه، فالتنسيق – بالمفهوم اللبناني – لا يمكن أن يخرج عن إطار آلية عمل اللجنة. فلا يتحدث أحد عن مفاوضات أو اتفاقيات تعاون مباشرة بين لبنان وإسرائيل. اما في الشق السياسي الثاني، فقد قدّم البيان «تهيئة الظروف للعودة الآمنة للسكان إلى منازلهم، ودفع جهود إعادة الإعمار، ومعالجة الأولويات الاقتصادية. وأكّدوا أنّ التقدّم السياسي والاقتصادي المستدام ضروري لتعزيز المكاسب الأمنية وترسيخ سلام دائم». وهو ما وفّر قراءة لاستراتيجية أميركية، وإن ربطت في نهاية البيان بين المسارين السياسي والامني، الّا انّها أعادت الاولوية لعودة الأهالي إلى قراهم، قبل الحديث عن منطقة اقتصادية او غيرها من «المشاريع الغامضة» التي سبق أن طُرحت قبل عقود دون أن ترى النور، في إشارة إلى انّ المفاوضات التي رافقت تفاهم «نيسان 96» تناولت إمكانية إقامة منطقة اقتصادية في الجنوب، لم تر النور بعد مرور 29 عاماً على رغم من الاستعدادات التي رافقت شراء أراضٍ ساحلية جنوبية من جهات وشخصيات معروفة، تحسباً لتلك المرحلة المفقودة.

وعند قراءتها للبيان الإسرائيلي، جدّدت المراجع قراءتها للغايات الإسرائيلية التي تستعجل الوصول إلى تفاهمات اقتصادية وأمنية لا يمكن للبنان الخوض فيها من اليوم، وقد يكون آخر الدول العربية التي يمكنه عقدها.. وقد رأت ذلك في قول بيان مكتب رئيس الحكومة، إنّ «اجتماع الناقورة ناقش تعزيز المشاريع الاقتصادية، لإظهار المصلحة المشتركة في إزالة تهديد «حزب الله» وضمان «أمن مستدام» لسكان جانبي الحدود مع لبنان»، معتبراً أنّ «المبادرات الاقتصادية مع لبنان تبرز المصلحة في إزالة تهديد حزب الله».
أما في البيان اللبناني، فدعت المراجع عينها إلى التوقف عند عباراته بدقّة، لأنّها تنضح بالثوابت اللبنانية التي تطمئن اللبنانيين بمختلف مواقعهم وانتماءاتهم، عندما قال إنّ رئيس الجمهورية اكّد «أولوية عودة سكان القرى الحدودية إلى قراهم ومنازلهم وارضهم، كمدخل للبحث في كل التفاصيل الأخرى»، بعدما قدّم كرم له تقريراً أولياً عن أجواء المناقشات و»عرضا مفصّلاً لما أنجزه الجيش اللبناني في شكل موثق»، عدا عن تحديد الموعد المقبل للجنة في السابع من كانون الثاني 2026.

وأمام هذه الصورة الفسيفسائية، شدّدت المراجع على أهمية العودة إلى خبرة المفاوضين السابقين مع الوفود الإسرائيلية المختلفة، والنظر إلى ما يجري لقاءً بعد آخر، من دون استباق المواعيد المقبلة وما يمكن أن تحمله من مفاجآت قد تكون بمعظمها سلبية ومعقّدة، بالنظر إلى الشكوك بما تريده إسرائيل من هذه المفاوضات، طالما أنّها لا تسهل التوصل إلى نتائجها بالسرعة التي يتمناها الجميع. ولذلك، على أصحاب النظريات «الخنفشارية» طيها اليوم قبل الغد، ولا سيما منها تلك التي ترضي من لا يريد أن تنتهي المفاوضات لمصلحة الدولة القوية، إما لمصالح آنية داخلية او خارجية، او بحثاً عن محاولة لتبنّي السيناريوهات الإسرائيلية التي لا تستعجل حصر السلاح إلّا لإذكاء الفتنة الداخلية. ذلك أنّها وإن أرادت إلغاء دور هذا السلاح لأنهت احتلالها للنقاط الحدودية التي لا قيمة عسكرية او لوجستية أو تقنية لها، سوى انّها حجة للحديث عن الحاجة إلى «سلاح غير شرعي» ما زال البعض يدّعي أنّه مصدر قوة فيما هو مصدر لكل العقبات التي تحول دون الاستثمارات في القطاعات الحيوية وتعطيل برامج المساعدات لإعادة اعمار المناطق المدمّرة وإنمائها، وإلغاء الذرائع التي تسمح باستمرار العدوان بلا أي ضوابط، وخصوصاً إن تفلتت الآلة العسكرية الإسرائيلية من ضوابط الضغوط الأميركية خصوصاً والغربية عموماً، في سوريا ولبنان كما في قطاع غزة.

هل يفعلها نبيه بري؟

| إبراهيم الأمين |

هناك مشكلة حقيقية تتمثّل في ملف إعادة إعمار ما تضرّر بفعل الحرب الإسرائيلية على لبنان. فالحكومة، التي يُفترض بها تحمّل هذه المسؤولية بعيداً من أي سجال سياسي، وإلا فقدت ثقة المواطنين، تعلن أنها لا تملك الأموال اللازمة لإطلاق ورشة الإعمار. وتستند في موقفها إلى أن لبنان اعتاد تاريخياً الحصول على دعم من دول شقيقة وصديقة ساعدته في مواجهة أعباء مماثلة.

رغم الجدل الواسع حول الشروط السياسية التي تفرضها الدول المانحة، يمكن القول إن مقاربة الحكومة لهذا الملف تنقسم اليوم إلى جزأين:

الأول يقوم على اعتبار أن تأمين التمويل الخارجي مشروط بإجراءات سياسية وأمنية واقتصادية، تتطلّب توافقات وطنية وخطوات تبدو، حتى الآن، صعبة التحقّق. ومع ذلك، ترى الحكومة أن قرارها إقرار خطة نزع سلاح المقاومة يجب أن يُقابَل بمساعدة دولية تخفّف أعباء الداخل. غير أن سقف المطالب الأميركية والإسرائيلية والسعودية يتجاوز بكثير قدرة هذه الحكومة على الاستجابة. ويزداد الأمر تعقيداً في ظل الانقسام الداخلي الحاد حول مطالب الوصاية الخارجية، وهو انقسام ينعكس سلباً على مجمل الملفات.

الثاني، يتمثّل في البحث عن مصادر محلية لتأمين جزء من كلفة الإعمار، وهو خيار لم يُناقش بجدّية منذ تولّي الحكومة مهماتها. إذ لم تُعقد جلسة واحدة مخصّصة لدرس هذا الملف، ولا توجد أرقام دقيقة لحجم الكلفة، فيما يذهب بعض أطراف الحكومة إلى اعتبار أن الإعمار ليس مسؤولية وطنية جامعة، بل مسؤولية جهة بعينها. ويأتي ذلك في سياق مشكلات مزمنة تتعلّق بحقوق اللبنانيين تجاه الدولة، سواء على صعيد الخدمات، أو لجهة استعادة الأموال المنهوبة نتيجة سياسات الحكومات السابقة وإدارة المصارف للودائع.

وفي النقاشات التي جرت على مستويات متعددة خلال المرحلة الماضية، تبيّن أن الحكومة تمتلك قدرة ذاتية على تأمين مبالغ وازنة يمكن أن تسهم في معالجة ملف إعادة الإعمار تدريجياً. وأظهرت أرقام موازنتَي 2025 و2026 أن في مقدور الحكومة إدخال تعديلات جدّية على بنود بعض النفقات، من دون المساس بمصالح المواطنين، بما يتيح تأمين نحو نصف مليار دولار تُخصَّص كمرحلة أولى من برنامج الإعمار.

ويُضاف إلى ذلك أن موجودات الدولة، بالليرة اللبنانية وبالدولار، بما فيها الوفر المحقَّق وفقاً لما أعلنه وزير المالية ياسين جابر، فضلاً عن الأموال المرصودة لحكومة العراق مقابل تزويد مؤسسة كهرباء لبنان بالفيول العراقي منذ سنوات، تشكّل جميعها أبواباً يمكن طرقها لتأمين التمويل اللازم للمرحلة الأولى. كما إن موازنات الوزارات نفسها تتضمّن اعتمادات يمكن استخدامها لمعالجة البنى التحتية المتضرّرة، إلى جانب قرض البنك الدولي، ما يوفّر مجتمِعاً هامشاً مالياً يسمح بإطلاق الإعمار من دون انتظار التمويل الخارجي.

وفي آخر اجتماع عقده رئيس الحكومة نواف سلام مع وفد من حزب الله ضمّ النائبين أمين شري وحسن فضل الله، أقرّ سلام بأنّه «يخجل من كون الحكومة غير قادرة على توفير أكثر من 50 مليون دولار إضافية لبرنامج إعادة الإعمار». غير أنّه، في المقابل، لم يعترض على أي إجراءات قد يلجأ إليها وزير المالية بهدف تأمين مبالغ أكبر لهذا الغرض.

علماً أن الوفد عرض مقاربة تقوم على التدرّج في المعالجة، موضحاً أنّ المواطنين لا يطالبون بحلّ شامل وفوري لكل ملف الإعمار، بل بخطوات عملية قابلة للتنفيذ. إذ إنّ في إمكان الحكومة، في المرحلة الراهنة، تأمين التمويل اللازم لإنجاز ملف الترميم الإنشائي في مختلف المناطق، بما يتيح إعادة أكثر من عشرة آلاف عائلة إلى منازلها، مشيراً إلى أنّ الكلفة المطلوبة لهذه الخطوة لا تتجاوز 150 مليون دولار.

صحيح أنّ الحكومة أقرّت تخصيص مبالغ لمجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة لاستخدامها في معالجة آثار الحرب، إلا أنّ النقاش الجانبي دار حول ما إذا كانت وزارة المالية قادرة على تأمين اعتمادات إضافية، في وقت تؤكد فيه امتلاكها نحو ثلاثة مليارات دولار، فضلاً عن وفورات أخرى متراكمة منذ سنوات سابقة.

غير أنّ وزير المالية يكرر تبريراً واحداً في هذا السياق، مفاده أنّ صندوق النقد الدولي يشترط عدم تسجيل عجز في الموازنة، وأن أي إنفاق إضافي سيؤدي حكماً إلى هذا العجز، إضافة إلى أنّ استخدام الوفورات بالليرة قد ينعكس سلباً على سعر صرف الليرة مقابل الدولار في السوق.

وقبل الدخول في النقاش حول العوامل الداخلية، كان مصدر بارز في صندوق النقد الدولي قد أوضح لـ«الأخبار»، رداً على سؤال حول ملف إعادة الإعمار، أنّه لا يمكن لصندوق النقد ولا لأي مؤسسة مالية دولية أن تفرض شروطاً على البرامج المرتبطة بمعالجة آثار الحروب الوطنية أو الكوارث الطبيعية، بما فيها الحرب الأخيرة، مؤكداً أنّ الصندوق يعتبر دعم إعادة الإعمار في صلب عمل أي حكومة.

في السياق نفسه، كان مسؤول مالي رفيع في بيروت قد أكّد – وأيّده مسؤول بارز في مصرف لبنان تحدث إلى «الأخبار» – أنّ الحديث عن تأثير سلبي حتمي على سعر الصرف في حال استخدمت الحكومة جزءاً من الوفورات المتوافرة كلام غير علمي، وأن مصرف لبنان قادر على استيعاب هذا الإجراء من دون اهتزازات كبرى، وبالتالي لا يجوز التذرّع بمخاطر غير قائمة لتبرير عدم الإنفاق.

أمام هذه المعطيات، يبرز السؤال: إذا كانت الحجج التقنية والمالية لا تصمد، فما الذي يمنع فعلياً إطلاق مسار جدي لإعادة الإعمار؟
يُبدي الوزير جابر انزعاجاً دائماً من أي انتقاد يطاول أداءه في ملفات شديدة الحساسية. وعندما قرّر السفر في اليوم الذي ناقشت فيه الحكومة ملف نزع السلاح، لم يكن ذلك هروباً من مواجهة مع رئيس الحكومة أو مع سائر الأعضاء في حال اختار تبنّي موقف الثنائي حركة «أمل» و«حزب الله»، بل كان، في جوهره، تفادياً للإقرار العلني بموافقته على خطة الحكومة، وبأن قرار نزع السلاح مقبول لديه.

وفي هذه النقطة تحديداً، يدرك جابر أنّ الجميع يتعامل معه على أساس أنّه جزء من السلطة المفروضة على لبنان من قبل الأميركيين والأوروبيين والسعوديين. كما يعلم أنّه يُنظر إليه على أنّه «حصان طروادة» يحظى بحماية غربية، ويجري الاستثمار فيه لإيصاله إلى المجلس النيابي، تمهيداً لتقديمه بديلاً لرئيس مجلس النواب نبيه بري.

ورغم أنّ حكومة نواف سلام تبنّت قراراً بعدم خوض أيٍّ من وزرائها الانتخابات النيابية، إلا أنّ لبنان، بتجربته السياسية، يُثبت مراراً أنّ مثل هذه القرارات تسقط متى برزت مصالح أطراف نافذة. من هنا، فإنّ بدء التداول بملف الانتخابات في الجنوب، وما نُقل عن الرئيس نبيه بري لجهة درسه احتمال استبدال النائب ناصر جابر، جعل الأنظار تتجه إلى احتمال تعرّض بري لضغوط كبيرة من الولايات المتحدة والسعودية لضمّ الوزير جابر إلى لائحته الانتخابية، في طلب قد لا يكون قادراً على رفضه.

وتقوم هذه الفرضية على أن المشروع الأميركي – السعودي الهادف إلى إطاحة بري، يتضمّن في أحد وجوهه السعي إلى فرض انتخاب نائب ضمن الكتلة الشيعية يكون، في الواقع، ممثلاً لطرف آخر.

إذ إن أطراف الوصاية الخارجية لا تبدو واثقة تماماً من قدرة حلفائها على اختراق الكتلة النيابية الشيعية من جهة، ولا ترغب، من جهة ثانية، في خوض مواجهة مباشرة مع البيئة الشيعية عبر فرض شخصية لا تحظى بقبول منها. أما في حال انتخاب جابر نائباً بأصوات التحالف الشيعي، فسيكون قد نال شرعية سياسية وشعبية داخلية، توازيها شرعية خارجية تؤهّله لاحقاً لتولّي رئاسة المجلس النيابي، خصوصاً أنّ جابر يمتلك، وفقاً لهذا التصور، خبرة جدّية في العمل التشريعي، تُستخدم كأحد مبرّرات تسويقه داخلياً وخارجياً لهذا الدور.

ولأنّ الأمور باتت على هذا القدر من الوضوح، يصبح مفهوماً غياب الحماسة لدى الوزير جابر للقيام بأي جهدٍ استثنائي لتأمين أموال لإعادة الإعمار. فالرجل يدرك أنّ هذا الملف يواجه رفضاً أميركياً وإسرائيلياً وسعودياً، وأنّه مرتبط أصلاً بسلسلة من التنازلات السياسية الكبرى، ما يجعله غير معنيّ بالمبادرة أو الدفع في هذا الاتجاه، رغم أن خبرته الطويلة في لجنة المال والموازنة تتيح له معرفة دقيقة بحجم الهوامش المتاحة داخل الموازنة، وبإمكانية تأمين أكثر من ربع مليار دولار عبر خفض نفقات غير ذات أولوية، وإن كانت ضرورية في الظروف العادية، لتلبية حاجة استثنائية فرضتها الحرب.

كذلك من المفترض أنه مطّلع على الأرقام المرصودة للعام الثالث والثلاثين لوزارة وصندوق المهجّرين، «المزراب» الذي لم يُقفل بعد، كما إنّه مطّلع على موازنات «الزفت» الانتخابي المدرجة في موازنة وزارة الأشغال، والتي ستُنفق وفقاً لبرنامج سياسي يراعي مصالح القوى السياسية في عام الانتخابات النيابية، ولا بد أنه قرأ بنود الزيارات والسفر وسائر النفقات القابلة للتقليص أو الاستغناء، ولو لمرة واحدة، من أجل المساهمة في تخفيف معاناة نحو نصف مليون مواطن يواجهون أزمة خانقة نتيجة الحرب الإسرائيلية.

ببساطة، وبعد مراجعة مواقف عدد كبير من الشخصيات السياسية والنيابية، بما فيها قيادات ونواب من حركة أمل وحزب الله، فإنّ سؤالاً وحيداً يجري على ألسنة هؤلاء جميعاً: ألا يستطيع الرئيس نبيه بري أن يطلب من الوزير جابر القيام بهذه المهمة فوراً؟.

تفاهم رئاسي على مهمّة كرم: وقف العدوان

قالت مصادر مطّلعة، إنه جرت خلال الأيام القليلة الماضية إعادة تفاهم رئاسي على مهمة السفير سيمون كرم، وأنها تنحصر في البحث حول أفضل الطرق لتطبيق القرار الدولي، وإقناع “إسرائيل” بوقف أعمالها العدائية وإطلاق سراح الأسرى والانسحاب من النقاط المحتلة.

وبحسب المصادر، فإن الجديد، هو الدخول الفرنسي على خط هذه الجهود، لجهة إقناع الجانبين الأميركي و”الإسرائيلي” بأن يُعطى الجيش اللبناني فرصة أكبر لمواصلة تنفيذ خطة نزع السلاح في جنوب نهر الليطاني. على أن يصار إلى وضع إطار لـ”نظام التحقّق”، وهو ما بدأ الجميع في اختباره، من خلال تولّي الجيش اللبناني، وحدَه، أو بالتعاون مع القوات الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفيل”، القيام بإجراءات للتثبّت من مزاعم “إسرائيلية” حول وجود أسلحة أو مواقع عسكرية في بعض المواقع الجنوبية.

بدورها، أشارت مصادر الجيش اللبناني إلى أن الجيش لن يدخل إلى أي منزل في الجنوب بدون موافقة أصحابه، أو بدون قرار قضائي، وبالتالي، فهو يرفض أن يعمل “كفريق شرطة” عند العدو، وأن مسألة إلزام الجيش بالتفتيش وفق رغبة العدو، هي أمر غير قابل للتحقّق. وهو ما دفع إلى السؤال أولاً عن الأدلة “الإسرائيلية” حول وجود نشاط عسكري في أي نقطة، وليس العمل بناءً على خبرية أو شك.

البحث عن خلدون عريمط!

واصلت مخابرات الجيش اللبناني بحثها عن الشيخ خلدون عريمط، بعد تواريه عن الأنظار. ويُشتبه في المسؤول السابق في دار الفتوى، بالتورّط مع مواطن عكاري ادّعى أنه أمير سعودي، في الاحتيال على شخصيات سياسية واقتصادية، لفترة طويلة من الزمن، والحصول منها على مبالغ مالية.

وأفادت مصادر أمنية لـ “الأخبار” بأن البحث شمل معظم الأماكن التي تربطها صلة بعريمط، نافيةً أن يكون قد غادر لبنان كما جرى الترويج سابقاً. ويبدو أن المخابرات السعودية قد دخلت على خطّ البحث عنه، بعدما تبيّن لها تسبّبه بضررٍ لمسؤولين سعوديين في لبنان وفي السعودية أيضاً.

وأوضحت المصادر أنه بعد مرور وقت على افتضاح القضية، بدأت تتكشّف المزيد من عمليات الاحتيال المنسوبة إلى الرجلين، وأن مرجعيات سياسية سنّية كبيرة كانت ضحية هذه العملية، وأن الأموال التي يجري الحديث عنها تتجاوز عدة ملايين من الدولارات.

خلاف بين “الداخلية” و”المالية” يجمّد إعفاءات السيارات المتضررة

من غير المفهوم لماذا تحاول وزارة المال أن تزيح عن ظهرها أيّ مسؤولية في التأخير الحاصل على مستوى تطبيق القانون الرامي إلى منح المتضرّرين من الحرب الإسرائيلية على لبنان بعض الإعفاءات من الضرائب والرسوم، وتحديداً الشقّ المرتبط باستفادة مَن تضرّرت سياراتهم جرّاء الحرب من رسوم السير عن عامَي 2023 و2024، وإعفاء الذين يريدون شراء سيارة جديدة من رسوم الجمارك والتسجيل.

وقد زوّدت مصادر في وزارة الداخلية والبلديات “لأخبار” بنسخةٍ من الإحالة المُرسلة من وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجّار إلى “المالية”، في 19 تشرين الثاني الفائت، وهي عبارة عن مشروع قرار أعدّته “الداخلية” لزوم تنفيذ هذا الشقّ من الإعفاءات، حيث تطلب “الداخلية” من “المالية” توقيعه، وإعادته تمهيداً لاستكمال التنفيذ، وهو ما لم يحصل بعد.

واللافت، أنّه بعد إخبار المسؤولين في وزارة المال، جاء الجواب أنّ الوزارة “قامت بالمطلوب منها، والأمور عالقة لدى وزارة الداخلية”.

وقبل حوالي الشهر ونصف الشهر، قالت مصادر في “المالية”، إنّ “المراسيم التطبيقية المتعلّقة بالإعفاءات على السيارات، أُرسلت إلى وزارة الداخلية لإبداء الرأي، نظراً إلى أن الأمر يتعلّق بمصلحة تسجيل السيارات”.

وأكّدت أن “التأخير في إبداء الرأي هو ما يؤخّر التنفيذ”. وهو ما ينسجم مع كون القرار المُنتظر صدوره، يُعَدّ قراراً مشتركاً بين وزارتَي الداخلية والمالية، إلا أنّ المصادر نفسها عند مراجعتها قبل أيام، عدّلت كلامها، قائلةً: “أصدرت وزارة المال القرارات التي تخصّها في ما يرتبط بتطبيق الإعفاءات الضريبية، وما تبقّى من إجراءات يقع على عاتق وزارة الداخلية فقط”. وهو ما يتناقض مع المراسلات الصادرة بعد هذا التاريخ من وزارة الداخلية”.

إعادة الإعمار خارج الشروط؟

أوضح مصدر بارز في صندوق النقد الدولي لـ”الأخبار”، رداً على سؤال حول ملف إعادة الإعمار، أنّه لا يمكن لصندوق النقد ولا لأي مؤسسة مالية دولية أن تفرض شروطاً على البرامج المرتبطة بمعالجة آثار الحروب الوطنية أو الكوارث الطبيعية، بما فيها الحرب الأخيرة، مؤكداً أنّ الصندوق يعتبر دعم إعادة الإعمار في صلب عمل أي حكومة.

وفي السياق نفسه، أكد مسؤول مالي رفيع في بيروت، وأيّده مسؤول بارز في مصرف لبنان تحدث إلى “الأخبار” أنّ الحديث عن تأثير سلبي حتمي على سعر الصرف في حال استخدمت الحكومة جزءاً من الوفورات المتوافرة، كلام غير علمي، وأن مصرف لبنان قادر على استيعاب هذا الإجراء من دون اهتزازات كبرى، وبالتالي لا يجوز التذرّع بمخاطر غير قائمة لتبرير عدم الإنفاق.

“الانتظام المالي”: الدولة “تتملّص” من التزاماتها!

كشف خبراء ماليون أنه منذ توزيع مشروع قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع، تنكب الأطراف المعنية على دراسته وتشريحه لمعرفة الخيط الأبيض من الخيط الأسود.

ونقلت “نداء الوطن” عن هؤلاء الخبراء الماليين أن الملاحظة الأولية هي أن الدولة في هذا المشروع لم تلزم نفسها بأي موجب مالي واضح، رغم أنها المسؤول الأول والأساسي عن ضياع الأموال. وفي الفقرة المخصصة لالتزامات الدولة في مشروع القانون تمنح الدولة نفسها حق تحديد حجم دينها لمصرفها المركزي بالتوافق بينهما، لكن الفقرة تقول إنه يجب أن يؤخذ بالاعتبار مبدأ استدامة الدين. وهذا الكلام حمال أوجه ويسمح للدولة بالتملص من التزاماتها بذريعة استدامة الدين.

وتتحدث الفقرة عن إمكانية أن يقرر مجلس الوزراء تقديم مساهمة إضافية في رأسمال مصرف لبنان وفق المادة 113 من قانون النقد والتسليف. وهكذا يسمي المشروع ما قد تقدمه الدولة بأنه مساهمة طوعية، وكأن المادة 113 من القانون هي مادة اختيارية “A la carte” وهذا السلوك لا يبشر بالخير.