كيف برّر مولوي لديوان المحاسبة مليار “المكافآت” في “الداخلية”؟

ما إن انتهت الانتخابات النيابية، حتى أصدر وزير الداخلية بسام مولوي قرارات بصرف مكافآت لبعض المستشارين والقضاة والموظفين من مدنيين وعسكريين. القرارات شملت، استنسابياً، الدائرة الضيقة المحيطة بالوزير، والتي خصّها بمبالغ مالية كبيرة أدرجها في قراراته تحت مسمّى «بدل أتعاب» عن الجهود التي بذلوها في الانتخابات، علماً بأن أكثر من 100 ألف موظف وعسكري شاركوا في العملية الانتخابية، في ظروف اقتصادية ومالية صعبة، ولم يحصل أيّ منهم على مكافآت وبدلات أتعاب إضافية، باستثناء التعويضات المالية المخصصة لهم بقرار من مجلس الوزراء.

ووفق معلومات “الأخبار”، فقد لامست «مكافآت الوزير» المليار ليرة، منها 140 مليوناً لمديرة إحدى الدوائر في الداخلية، و120 مليوناً لمدير مكتب الوزير، و90 مليوناً لأحد المستشارين، إضافة إلى مبالغ تتراوح بين 20 مليون ليرة و30 مليوناً ذهبت إلى «محظيين» في قوى الأمن الداخلي وقضاة في لجان القيد والفرز وغيرهم.

هذه الاستنسابية في التعامل مع الموظفين الذين شاركوا في إنجاح الانتخابات، أثارت استياء بعض العاملين في القطاع العام والأساتذة، ولا سيما أن وزير الداخلية لم يبرّر قراره، مكتفياً بالردّ عبر مصادر الداخلية بأنه لم ينفق كل الاعتمادات المخصصة للانتخابات، ونجح في توفير مبالغ مالية على الدولة مقارنة بالانتخابات السابقة، ما دفعه الى مكافأة فريق عمل الوزارة الذي قام بهذا العمل، مسقطاً من حساباته أن قيمة مكافأة واحدة تبلغ 70 ضعف راتب موظف رسمي أو ما يوازي راتبه على مدى أكثر من 3 سنوات.

ديوان المحاسبة وجّه مذكرة الى وزير الداخلية، في 9 حزيران الماضي، موضوعها «تقاضي موظفين وضباط في وزارة الداخلية بدلات أتعاب من أصل الاعتمادات المخصصة للانتخابات». وطلب الديوان من الوزير إيداعه، في مهلة أقصاها أسبوع، القرارات الصادرة عنه بدفع مبالغ للأشخاص المذكورين، بالإضافة الى مصدر أخذ النفقة والسند القانوني.

خمسة أيام مرّت قبل أن يتلقى الديوان كتاباً من مولوي يطلب فيه رأي الديوان الاستشاري حول هذا الموضوع، مبرّراً استنسابيته وتوزيعه ما تبقى من اعتمادات على بعض العاملين في فريقه بأن الأمر نفسه حصل في انتخابات 2018، وهو يكرر ما فعله سلفه، لا بل يفترض شكره على تقليص المبالغ مقارنة بسعر صرف الدولار على عهد الوزير السابق الذي كان يساوي 1500 ليرة، في حين أن المبلغ نفسه لم يعد يساوي اليوم القيمة نفسها بسعر صرف يوازي 28 ألف ليرة.

وأورد مولوي في كتابه أن «جهوداً بذلت لإنجاح العملية الانتخابية رغم محدودية الموارد، فاتخذ قرارات حددت بدلات أتعاب المشاركين في العملية على غرار ما حصل في عام 2018، مع العلم بأن القيم المدفوعة حالياً تقلّ أضعافاً عن سابقاتها إذا ما قيست على ضوء تدهور قيمة العملة الوطنية». كما أن البدلات المدفوعة حددت «استناداً الى الجهود المبذولة والكفاءة والإنتاجية»، وجرى توفير «مبالغ ضخمة». وأوضح الكتاب أن الوزير أرسل قرارات دفع الأتعاب الى وزارة المالية لاحتساب الضريبة المتوجبة عليها ودفعها للمستحقين، ولا يزال ينتظر ورود جداول من وزارة المالية، ليختم بسؤاله الديوان حول «قانونية صرف المبالغ وكيفية احتساب سقوفها في حال وجدت، مع العلم بأنه لم يتم دفع أي مبلغ منها حتى الآن».

ومن الواضح أن كتاب وزير الداخلية يظهر تناقضاً ولا سيما أنه لجأ الى الديوان بعد اتخاذه القرار وتحديده سقوف بدلات الأتعاب. إلا أن موجة الانتقادات التي رافقت هذه القرارات دفعته الى إعادة النظر فيها، ولا سيما أن القطاع العام يئنّ وينفّذ إضراباً منذ شهر مطالباً برفع الرواتب، فيما يوزع مولوي الملايين على بضعة موظفين.

بحسب “الأخبار”.