تأخير ولادة الحكومة يُنذر بمخاطر كبيرة.. الدولار بلا “صيرفة”!

/ محمد حمية /

ماذا لو تأخر تأليف الحكومة الجديدة، وطال أمد حكومة تصريف الأعمال، ودخلنا بفراغ في رئاسة الجمهورية؟ وما هي الانعكاسات على الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي المتدهور والمستنزف أصلاً؟

سؤال يطرح في الأوساط السياسية والهيئات الاقتصادية، وعلى ألسنة وشفاه المواطنين الذين يئنون من وطأة الأزمات الحياتية والمعاناة اليومية، من قمح وماء ودواء وكهرباء واستشفاء واتصالات…

القطاعات الى انهيار كامل، والحياة الى شبه توقف.. هكذا يصف المعنيون بالوضع الاقتصادي لموقع “الجريدة” المشهد الداخلي، فيما لو أدى الكباش السياسي بين رئيس الجمهورية ميشال عون ومعه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وبين الرئيس المكلف تأليف الحكومة نجيب ميقاتي، الى عرقلة ولادة الحكومة الجديدة، ما سينعكس حكماً على سوق صرف الدولار في السوق السوداء ويرتفع السعر الى حدود الـ40 ألف ليرة وربما أكثر، كون المناخ المالي والاقتصادي يتأثر سلباً وتلقائياً بالوضع السياسي المتوتر، ما سيخلق حالة من البلبلة والارباك والفوضى في سوق الصرف، وبالتالي ارتفاع الطلب على الدولار من قبل شركات الاستيراد والتجار والمضاربين، ما يؤدي الى انهيار كل الخطوط الحمر التي يستخدمها مصرف لبنان للجم سعر الصرف عند حدود 30 ألف ليرة.

وتزيد المخاطر مع احتمال توقف منصة صيرفة عن الخدمة وانتهاء مفاعيل التعميم رقم 161 نهاية الشهر الجاري، وبالتالي انهيار “منصة الـ25.200 ألف ليرة للدولار”، ما سيحول السوق الموازية أو السوداء الى المصدر الوحيد للحصول على الدولار، وبالتالي سيرتفع سعره بشكلٍ جنوني.

هذا التفلّت بسعر الصرف، سيؤثر سلباً الى حدٍ كبير على سوق المحروقات الذي سيلتهب بدوره، لسببين:

  • ارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء وتوقف “صيرفة”.
  • الارتفاع الإضافي المتوقع بسعر برميل النفط عالمياً بسبب اقتراب حلول فصل الشتاء في القارة الأوروبية، في ظل أزمة الطاقة العالمية بسبب الحرب الروسية ـ الأوكرانية.

التأخير بولادة الحكومة سيؤجل إقرار القوانين الإصلاحية، لا سيما قانون الكابيتال كونترول وخطة التعافي المالي والاقتصادي وقانون الموازنة، ويطيح بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ويجمّد الحلول لأزمة الكهرباء ولأزمة القمح والطحين، وأزمة الدولار، ويوسع اضراب القطاع العام الى مستوى العصيان المدني، ما يشل عمل المؤسسات التي على تماس مباشر ويومي مع المواطنين، وبالتالي شل الدولة بأكملها. فضلاً عن أزمة المصارف والودائع وأزمة النزوح وعبء النازحين الذين يحتاجون الى 400 ألف ربطة خبز يومياً، وفق تقديرات وزير الاقتصاد، وكذلك كيف سيكون موقف وموقع لبنان إزاء معركة ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي؟

والسؤال الذي يُقلق ويؤرق بال الجميع: هل ستصمد الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية أمام إعصار الأزمة؟ وماذا لو لازمت القوى العسكرية ثكناتها وتركت الأمور على غاربها؟ هل يبقى أمن وقضاء وعدالة؟ وهل تصبح شريعة الغاب هي الحاكمة والمتحكمة بالبلاد والعباد؟

عاصفة التطورات هذه، ستحمل معها رياح تمديد وتعميق الانهيار الذي سيطال كامل القطاعات ومفاصل الحياة، وندخل مرحلة الارتطام من دون مظلة أمان، ما يفتح البلاد على جولة جديدة من الفوضى السياسية والاقتصادية، ليصبح الشارع معداً ومؤهلاً للانفجار الاجتماعي، وبالتالي الأمني، ما يشرع البلد على نمو مناخ من التوتر الطائفي بسبب الفراغ في رئاستي الجمهورية والحكومة، فيما المجلس النيابي لن يستطع سد هذا الفراغ لوحده من دون تسوية سياسية داخلية ـ خارجية تفتح باب قصر بعبدا لدخول رئيس جديد يفتح باب الانفراج السياسي والاقتصادي.