بعد ثلاث حكومات في الاعوام 2005 و 2011 و2021 وصولا الى تصريف الاعمال في الوقت الحاضر الرئيس نجيب ميقاتي مكلفا للمرة الرابعة رئيسا للحكومة العتيدة ب 54 صوتا وهي الحكومة الاخيرة في عهد رئيس الحمهورية العماد ميشال عون
نتيجة الإستشارات النيابية الملزمة التي اجراها الرئيس عون توزعت اصواتها بين السفير السابق نواف سلام ( 25 صوتا) اضافة الى صوت للرئيس سعد الحريري واخر لروعة الحلاب وعدم تسمية 46 وغياب واحد
وفور الاعلان عن التكليف عقد اجتماع ثلاثي في القصر الجمهوري بين الرؤساء عون وبري وميقاتي ليخرج بعدها الرئيس بري دون الادلاء باي تصريح في حين ان الرئيس المكلف اكد في كلمة له من القصر الجمهوري اننا لم نعد نملك ترف الوقت والتأخير والغرق في الشروط والمطالب قائلا أضعنا ما يكفي من الوقت وخسرنا الكثير من فرص الدعم من الدول الشقيقة والصديقة التي لطالما كان موقفها واحدا وواضحا”ساعدوا انفسكم لنساعدكم.
واضاف من هذا المكان بالذات أدعو جميع القوى السياسية الى لحظة مسؤولية تاريخية لحظة نتعاون فيها جميعا لاستكمال مسيرة الإنقاذ الفعلي باقصى سرعة وبثقة كاملة من المجلس النيابي الكريم لوضع لبنان على مشارف الحلول المنتظرة
وبعد التكليف في زمن هو الاصعب بعمر لبنان الذي يمر بأعتى الأزمات يبدأ مسار التاليف ولعل الاستشارات غير الملزمة التي سيجريها الرئيس المكلف مع النواب مطلع الاسبوع المقبل ستشكل محطة أولية لرسم معالم الحكومة الجديدة وتحديد شكلها.
أربعة وخمسون صوتا نيابيا ملزما جعلت من نجيب ميقاتي مجددا رئيسا مكلفا بتشكيل الحكومة العتيدةمع إحتفاظه حكوميا بمهام التصريف الى حين صدور مراسيم التأليف.
مفتاح الكلام الميقاتي بعد التكليف كان عبارة عن كلمة واحدة :التعاون.
فالرئيس المكلف يرى أن الفرص لا تزال سانحة لإنقاذ ما يجب إنقاذه والمهم وضع الخلافات والاختلافات جانبا لاسيما ان لبنان لم يعد لديه ترف الوقت والغرق في الشروط والمطالب وهو بحاجة لإستكمال الورشة الشاقة للانقاذ كهدف واحد اوحد.
وفي هذا الصدد دعا ميقاتي الى التعاون مع المجلس النيابي لاقرار المشاريع الاصلاحية المطلوبة قبل إستكمال التفاوض في المرحلة المقبلة لانجاز الاتفاق النهائي مع صندوق النقد وبدء مسيرة التعافي الكامل.
في محطات مسار ما بعد التكليف يعقد الرئيس ميقاتي المشاورات النيابية غير الملزمة الاثنين والثلاثاء في مجلس النوابفيما ينجز زياراته البروتوكولية لرؤساء الحكومات السابقين.
من وحي الإستشارات انبثقت سلسلة ملاحظات من بينها:.
* أولا: حصول الرئيس ميقاتي على اصوات سنية وازنة قوامها نواب في كتل (الإعتدال الوطني) و(جمعية المشاريع) و(الجماعة الإسلامية) إلى جانب نواب مستقلين.
* ثانيا: إعلان اللقاء الديمقراطي الذي سمى نواف سلام أنه لن يشارك في الحكومة لكنه سيساعد في تأليفها.
* ثالثا: حضر نواب التغيير ضمن وفد واحد وطلبوا أن يتحدث كل واحد منهم على حدة خلال اللقاء ضمن الوقت المحدد له إلا أن المفاجأة كانت أن اللقاء برمته لم يستغرق الدقائق الخمس وانقسم أهل التغيير بين تسمية نواف سلام وبين الإمتناع عن التسمية.
على أية حال إذا كان التكليف هو الجهاد الأصغر فإن التأليف سيكون بمثابة الجهاد الأكبرو المطلوب حكومة وطنية جامعة قادرة على مواجهة التحديات الضاغطة على اللبنانيين في المعيشة والاقتصاد وابرزها الجديد القديم أزمة الرغيف التي بلغت حد رفع المواطن شارة النصر إذا خرج من الفرن ظافرا بالحصول على ربطة خبز.
للمرة الرابعة: نجيب ميقاتي رئيسا مكلفا للحكومة.
وللمرة الثالثة على التوالي قوى المعارضة تثبت فشلها في مواجهة المنظومة واركانها.
التكليف الرابع لميقاتي لم يأت كما يريد ويشتهي. فعدد الاصوات المؤيدة له بلغ 54 صوتا، في حين ان الذين امتنعوا عن التسمية بلغ 46 نائبا ، اما عدد النواب المؤيدين لنواف سلام فبلغ خمسة وعشرين نائبا. ما يعني ان الفرق بين ميقاتي وقوى المعارضة لم يكن كبيرا، اذا احتسبنا قوى المعارضة التي التزمت اللاتسمية.. فالتفاف المعارضة حول اسم واحد كان يمكن ان يؤدي الى تحقيق الخرق المطلوب، ولما كان الفشل نصيبها للمرة الثالثة على التوالي بعد فشلين في معركة نيابة رئاسة المجلس وفي انتخاب اعضاء اللجان النيابية.
والمسؤول الاول عما يحصل : قوى التغيير التي تصل الى الاستحقاقات متأخرة دائما، ولا تملك قرارا واحدا و واضحا لمواجهة المنظومة. فمتى تدرك قوى التغيير المسؤولية التاريخية الملقاة عليها وان التغيير المطلوب هو الى الامام لا الى الوراء!
والواقع المذكور هو ما حمل النائب ميشال معوض على الاعتراف ان قوى المعارضة اذا استمرت على هذا المنوال فانها ستتحمل مسؤولية الازمات بقدر ما تتحملها المنظومة . على أي حال صفحة التكليف طويت وبدأت صفحة التأليف . وهي صفحة لن تكون زاهية او براقة ، لأن احتمالات عدم التأليف تتقدم كثيرا على احتمالات التأليف . والسبب ان معظم الاطراف مقتنعة بان الاشهر الاربعة المتبقية من عهد ميشال عون لا تسمح بتحقيق اي تغيير. واول المقتنعين بهذا الامر: نجيب ميقاتي ، الذي يدرك تماما صعوبة التعاون مع ميشال عون في ظل الشروط الباسيلية المعروفة من الجميع ، وان كان جبران باسيل والتيار الوطني الحر ينكرانها . هكذا يبدو شبه مؤكد ان القوى النيابية والسياسية تفضل ابقاء القديم على قدمه ، اي ترك حكومة تصريف الاعمال تصرف الاعمال بهدوء من الان الى نهاية العهد ، حتى لا تضطر الى تقديم هدايا جديدة الى عون وباسيل في آخر الولاية الرئاسية ، وهي هدايا على شكل تشكيلات وتعيينات ادارية وعسكرية وقضائية وديبلوماسية. مهما يكن ، كل ما حصل اليوم لا يهم اللبنانيين كثيرا . فهمهم في مكان آخر ، وتحديدا في فصل الصيف الذي يريدونه مزدهرا ، وقد بدأ يتظهر من خلال النشاطات اللافتة في كل المناطق اللبنانية. فهل يحقق صيف 2022 المطلوب ، ويعيد الى لبنان صورته الزاهية البيضاء؟ انه الامر المرجح ، فلنتفاءل.
انتهت الاستشارات النيابية الى الصورة المعلومة مسبقا: نجيب ميقاتي رئيسا مكلفا تشكيل الحكومة بأربعة وخمسين صوتا..
ورغم تداخل اصوات الكتل وخياراتها، والارباك في بعض المواقف والتخبط باجتراح التبريرات، وضياع باستنباط الاجتهادات، انتهت خطوة التكليف كانجاز الاستحقاق الضروري، والعين على مسار التأليف باسرع وقت ممكن تحتاجه البلاد..
باليد الممدودة اطل الرئيس المكلف للمرة الرابعة تشكيل الحكومة على اللبنانيين، والشكل المرسوم في جعبته السياسية تعاون الجميع، فالمسؤولية ليست فردية كما قال الرئيس ميقاتي، ولا نملك ترف الوقت، ولن تنفعنا حساباتنا وانانياتنا اذا خسرنا الوطن ..
هو الوطن المعلق على الخشبة الاميركية، يحتاج الى فك وثاقه، واطلاق خياراته، والاستفادة من خيراته، ولا خير باصوات التضليل ولا التهويل ولا المزايدة ولا الاستزلام في زمن الحاجة الملحة الى قرارات مصيرية والتفكير بأولوية المواطن والوطن..
وعلى هذا الاساس سارت الكتل التي سمت نجيب ميقاتي، فمكنته من التغلب على الفراغ وعلى نواف سلام، على امل صعود البلاد سلم النجاة، وفق خطوات سريعة تحد من الانهيار، ومن بعدها حسم الخيارات لما فيه مصلحة البلاد والعباد..
البحث في خيارات الامة وواقعها كان اليوم حاضرا خلال اللقاء الذي جمع الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية والوفد المرافق، وتطرق المجتمعون الى تطور محور المقاومة والتهديدات والتحديات والفرص القائمة، مع التأكيد الحاسم على تعاون كل أجزاء هذا المحور بما يخدم الهدف المركزي : القضية الفلسطينية ومقدساتها.
قضايا المنطقة وتطورات العالم – فضلا عن العلاقات الثنائية والاستثنائية بين روسيا وايران بحثها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع القادة الايرانيين اليوم في طهران، وتأكيد على حماية المصالح المشتركة والاستراتيجية بين البلدين، فضلا عن مناقشة آخر محطات الاتفاق النووي الايراني، والعراقيل الاميركية التي تحول دون اتمامه..
نجح تكليف الرئيس نجيب ميقاتي في مواجهة خصمين: الخصم الأول، اللا أحد، الذي حصد نسبة مرتفعة جدا من التسميات، والخصم الثاني، تشتت القوى التي تصنف نفسها بالتغييرية أو المعارضة، وحتى ضمن الكتل الواحدة، حيث لم يجمع بين جميع هؤلاء اليوم لقاء على سلام، أي على السفير الذي بات اسمه مرتبطا بكل استشارات نيابية ملزمة في المرحلة الأخيرة، بلا أمل في الوصول.
أما بعد نجاح التكليف، فهل ينجح التأليف، ويؤدي بالتالي إلى ولادة آخر حكومات عهد الرئيس العماد ميشال عون، أم يمدد لحكومة تصريف الأعمال، على وقع سيناريوهات غير دستورية متداولة عن تعديلات وزارية أو تعويم أو ما شابه، وسوى ذلك من الكلمات والتعابير التي لا يعجز العقل السياسي والإعلامي في لبنان عن ابتداعها.
تستطيع “منظومة السلطة والموالاة” أن تشكر ربها صبحا ومساء، لأن في وجهها “منظومة تغيير ومعارضة” أثبتت حتى اليوم فشلا وتعثرا أديا إلى إحباط لدى من أوصلها:
فشلت “منظومة التغيير والمعارضة” في توحيد صفوفها، أو على الأقل في التفاهم في الحد الادنى، منذ ثورة 17 تشرين، فكان الفشل الاول في تسهيل او اتاحة وصول الدكتور حسان دياب رئيسا للحكومة.
الفشل الثاني تمثل في الانتخابات النيابية حيث تشتتت قوى التغيير والمعارضة في عشرات اللوائح، ما أدى إلى اقتصار الفوز على ثلاثة عشر نائبا، علما أن الأصوات التي نالتها اللوائح المشتتة، كانت تتيح إيصال أكثر من عشرين نائبا.
الفشل الثالث ل”منظومة التغيير والمعارضة”، كان في انتخابات رئاسة المجلس وهيئة مكتب المجلس ولاحقا في انتخابات رؤساء اللجان النيابية ومقرريها.
الفشل الرابع ل”منظومة التغيير والمعارضة” تمثل في موقفها في الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الشخصية التي ستشكل الحكومة، على سبيل المثال لا الحصر: كتلة من نائبين، نائب يسمي، نائب يمتنع عن التسمية، وهذا حصل في كتلتين من هذا الحجم، كتلة قوى التغيير غير موحدة إذ إن عشرة نواب كانوا في ضفة، في مقابل ثلاثة نواب كانوا في ضفة أخرى.
استهلكت “منظومة التغيير والمعارضة” كل الإستحقاقات، حتى الساعة، بتشتت وشرذمة، ولم تعلمها أخطاؤها في كل استحقاق أن تتفادى الأخطاء في الاستحقاق الذي يلي، وأثبتت أنها من “نادي الهواة”، نسيت أو تناست أنها أصبحت داخل مجلس النواب، فسكرت باللوحة الزرقاء إلى درجة أن إحداهن صنفت الرئيس بري بأنه “مدرسة” تمنت أن تكون من طلابها، فيما زميلها في الكتلة مازالت شظايا رصاص شرطة المجلس قريبة من قلبه.
يبدو ان الثورة بحاجة إلى ثورة، والتغيير بحاجة إلى تغيير… مبروك لمنظومة السلطة والموالاة… مبروك للرئيس ميقاتي، مع هكذا ثورة وتغيير، نحن أمام “ميقاتي رابع” وقد نصل إلى ميقاتي خامس وسادس، فميقاتي أثبت أنه مولع بالزوايا: حينا يدور الزوايا وحينا آخر يلعب دور حجر الزاوية.
الاستحقاق الآتي هو تشكيل الحكومة، فماذا ستفعل قوى التغيير والمعارضة؟ هل ستشارك أم تبقى خارجها؟ هل تعطي الثقة أم تمتنع؟ كيف ستكون معارضتها، إذا كانت مشتتة؟ أسئلة جوهرية لنصل إلى السؤال الكبير: هل أصبحت قوى التغيير والمعارضة عبئا، كما هي السلطة والموالاة عبء؟ هل من مجال بعد للتغيير؟ كيف؟ ومتى؟
نجيب ميقاتي الرابع يحكم إلى جانب نبيه بري السابع.. والرئيسان يودعان في الخريف الرئيس ميشال عون الأول من دون فحص نتائج وريثه الجنائي الثاني تأهل الرئيس المصرف إلى مرحلة التكليف بأقل أصوات يحصل عليها منذ تعاطيه المادة الحكومية في عام ألفين وخمسة عندما وصل رئيسا محايدا مشرفا على الانتخابات وآخر حكوماته في أيلول الماضي ذرف عليها ميقاتي الدموع، لكنه في الرابعة جفف المقل واحتبس ملح العين، وارتضى بأربعة وخمسين صوتا هي كل ما انتزع من صراع على حلبة الفراغ ميقاتي الأغنى..
بأصوات فقيرة لكنه وصل إلى السرايا ب”أنيميا” مسيحية مع إحجام أكبر كتلتين عن التصويت.. غير أن بلوغه الرئاسة ما كان ليحصل لو اجتمعت قوى المعارضة على التغيير والسيادة والاستقلال وأدلت بصوت واحد لمرشح واحد فالقوات اللبنانية التي فتنت قبل عامين بنواف سلام وقدمته إلى الرأي العام بأبهى استقلال وحياد وبمواصفات ومزايا خارقة.. اكتشفت اليوم أن نواف لا يحمل بطاقة إقامة محلية ومع استبعادها ترشيح سلام فإن معراب التي ادعت قبل الانتخابات أبوتها وأخوتها للطائفة السنية الكريمة، لم تعثر في المنتدى السني العريق على اسم تطرحه في استشارات بعبدا فقررت اللاشيء.. على شخصيات غنية الوجود، وبعضها يحمل إرثا بيروتيا عريقا وبقرارها الرسم على معركة رئاسية وإهمال المنازلة الحكومية كانت القوات تلعب على البعيد أما التيار الوطني الحر فإنه يكتفي اليوم بألاعيب الخفة والقفز على الحبال وتكرار الكومندس على سطوح رياض سلامة عبر قائدة فوج المغاوير غادة عون..
ومتى أحضر سلامة سلم العهد وقدم حسن الختام وإذا كان لكل من القوى ملعبه وأدواته.. فلماذا يغفر لقوى التغيير عدم الوصول إلى اسم موحد بالنواب الثلاثة عشر من دون نقصان؟ فبعد اجتماعات مكثفة وإغلاق التغيير على نفسه أياما والعصف الفكري الذي خاضوه.. خرجوا بالناقص ثلاثة عشرة سموا نواف سلام والآخرون تحفظوا.. وبين انقسام وإحجام وامتناع وبلوغ اللاتسمية معدل ستة وأربعين نائبا، يكون جميع الواردين آنفا قد حملوا نجيب ميقاتي على الأكتاف إلى السرايا وامتنعوا عن الوحدة لإيصال نواف سلام مرشحا يشكل انقلابا على المنظومة أما بعد..
فماذا عن التأليف؟ في حديث أعقب التكليف، أعلن ميقاتي بكل تفاؤل أنه سيتقدم بتشكيلة حكومية قريبا جدا إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، وربما في مطلع الأسبوع الذي يلي الاستشارات غير الملزمة في المجلس النيابي موضحا أن ليس هناك شيء اسمه تعديل وزاري في الدستور، خصوصا أن هذه الحكومة هي حكومة تصريف أعمال لكنه لفت إلى تشكيلة جديدة قد نختار منها وزراء من الحكومة الحالية وعن موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عدم المشاركة، قال ميقاتي: أستطيع تأليف حكومة بلا الدروز لكن تصريحات ميقاتي هي مجرد عوارض سياسية غير صحية تنتاب المكلف قبل التأليف، ولا تعني بالضرورة حقيقة الواقع السياسي الراهن.. المقبل على الفراغ من جانبيه الحكومي والرئاسي.. فاقتضى التوضيح.