هل انتهت “أوكار” المخدرات في بعلبك.. وأين “أبو سلّة”؟

لا تزال تداعيات العملية الأمنية الأخيرة التي نفّذها الجيش اللبناني في حي الشراونة في بعلبك، ترخي بظلالها على أجواء المنطقة.

فما جرى على مدى ثلاثة أيام، ترك تبعات كبيرة ونتائج سلبية بين الأهالي، بعدما اختلط الحابل بالنابل. وحصلت ردّات فعل عكسية من قبل أهالي الحي تحديداً.

ما يظهر من قصة بعلبك – الهرمل مع واقعها الأمني للعلن، ليس ما هو على أرض الواقع الذي يتوق البقاعيون إلى تغييره، عبر تنظيف المنطقة من كل أوكار تجار المخدرات ومجموعات السلب والخطف والسرقة.

الحقيقة المرّة تخذلهم دائماً. هذا ما عبّر عنه أهالي بعلبك خلال دردشات حصلت مع ببعضهم.

يتحدّث الأهالي عن حالة فصام تعيشها السلطات في التعاطي مع المنطقة المتروكة لمصيرها المشؤوم، على الصعد كافّة. هذه الحالة التي وصفوها “بإجراءات اللحظة أو غبّ الطلب”، حتى قال أحدهم “الدولة بتنام بتنام.. وفجأة بتتذكر المطلوبين من بعد ما يكبروا، وبتصير اشتباكات ونحن بس مندفع الثمن”.

في الوقائع، وبحسب المعطيات والقراءة التاريخية، العملية الأمنية الأخيرة لم تكن الأولى، فكما جرت العادة هذه الخطط تنفذّها وحدات الجيش والقوى الأمنية سنوياً بهذا الصخب والقوة، بغض النظر عن عمليات الدهم التي تحصل على مدار السنة.

لكن المعضلة ومشكلة أهالي المنطقة مع هذه الخطط، تتمحور حول أكثر من نقطة، أوّلها أن هذه المجموعات، سواء تجار المخدّرات وعلى رأسهم علي منذر زعيتر الملقّب بـ”أبو سلة” ومجموعات الترويج التي تعمل تحت إمرته، أو عصابات السرقة والخطف والسلب وعلى رأسهم المدعو “ح. ج.”، متروكة على مدار العام تسرح وتمرح وتقوم بنشاطاتها الإجرامية على “عينك يا تاجر”.

تُركت هذه العصابات، ولم يتم التعامل معها لأسباب عديدة، حتى كبُرت وأصبح يحميها جيش من الرجال المسلحين بشتّى أنواع الأسلحة، ما جعل عملية إلقاء القبض عليها صعبة جداً ومستحيلة التحقّق من دون إراقة الدماء.

المفارقة، وما يُعتبر مخيّباً للآمال بالنسبة لأهالي بعلبك، أن هؤلاء معروفة تحركاتهم وأماكن تواجدهم، وبسببهم وُصمت المنطقة كلها بأبشع الصفات، وساءت أوضاعها الاقتصادية بفعل أعمالهم ومشاكلهم واشتباكاتهم، فلماذا لم يتم حسم أمرهم من قبل؟

“أبو سلة”، ومنذ لحظة انتقاله من الفنار إلى الشراونة، وهو في طور توسيع نشاطاته، ويعيش حياته بصورة طبيعية، وأصبح لديه أماكن يستقبل فيها متعاطي المخدرات تُعرف بـ “الديوانية” والتي يقدم فيها كل الأنواع: السيلفيا، الحشيشة، الماريجوانا، الويد (وهي نوع من الحشيشة)، الكوكايين، الباز، وكافة أنواع الحبوب”xtc” ، كبتاغون، “الفراولة” وهي دواء الترامادول الممنوع من البيع من دون وصفة طبيب، البنزكسول، والريفوترين.

إضافة إلى الخط الأمني الذي أنشأه بزرع كاميرات على طول الطريق العام لمراقبة أي تحرّك أمني باتجاه الحي، والتي بفضلها غالباً ما ينجو من عمليات الدهم التي ينفذّها الجيش لأوكاره.

أما “تاكسي أبو سلة” فأشهر من نار على علم، وهي التي تقوم بتوصيل الزبائن من خارج الحي إلى داخله، وللأسف غالباً ما تكون مركونة بالقرب من حاجز الجيش المتواجد على مدخل الحي لجهة “تل الأبيض”.

كذلك الأمر بالنسبة لمجموعات السرقة والقتل والخطف التي يترأس أكبرها “ح.ج.”، الذي يصول ويجول من دون أي رادع، ويفتعل الإشكالات، لاسيما في موسم الصيف، ويقوم بتوتير أجواء المنطقة من دون أي سبب، وهو مطلوب بعشرات مذكرات التوقيف ومحكوم عليه بجرائم قتل وسرقة.

كل هذا يجري في وضح النهار من دون حسيب أو رقيب، وعلى عين الدولة. وهذا ما يُزعج أهالي المنطقة الذين باتوا يعتقدون أن كل هذه المداهمات لا جدوى منها، فقد كبُر عود هؤلاء والمسألة باتت معقدة، وفي الحالتين هم وحدهم من يخسر، حيث أن اشتباكات المداهمات الأخيرة جرت على أعتاب بداية موسم الصيف والتسوق والسياحة في المدينة.

ويرى أبناء بعلبك أنه يمكن القضاء على هذه الظواهر بعمليات أمنية دقيقة وخاطفة، بعيداً عن الاشتباكات والدخول في مواجهة مع العشائر والعائلات واقتحام منازل المواطنين وتكسيرها، كما جرى مؤخراً، وذلك في حال رُفع الغطاء السياسي عنهم، وعدم تركهم حتى تتوسّع مجموعاتهم وتكثر.

ضاق أبناء بعلبك ذرعاً بهذا الوضع المأسوي، وكأن المطلوب أن تبقى المنطقة تحت رحمة هؤلاء الذين لا تتعدى أعدادهم، كرؤوس كبيرة، أصابع اليدين.

المطلوب اليوم في بعلبك، أن تبقى السياسة بعيداً عن الحل، وأن تتضافر عشائر المنطقة بوجه “الزعران” ولو كانوا من أبناء عائلاتها، وأن تُنفّذ الخطط الأمنية بواقعية وقرار حازم، لا لمجرد تسجيل عمل أمني ينتهي بفرار المطلوب بعد اشتباكات، وحمايته من مطلوبين آخرين.

في هذا الإطار، تشير المعلومات إلى أن “أبو سلة” أصبح اليوم في سوريا، وقد جرى تهريبه بدعم وتعاون من أحد المطلوبين القاطنين في حي الشروانة.