/ مرسال الترس /
لم يكن عَرَضاً تسريب مضمون اللوم عن لسان رئيس الجمهورية السابق أمين الجميّل، لإبنه سامي الرئيس الحالي لحزب “الله، الوطن، العائلة” إثر صدور نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، وشمل أدائه السياسي والحزبي، وتالياً الانتخابي الذي سمح لحزب “القوات اللبنانية” بوضع رجل صلبة في منطقة المتن وأخذ موقع نيابي (رازي الحاج) من طريق حزب “الكتائب”.
عتب الجميّل الأب على نجله لم يكن متوقفاً عند هذا الموقع النيابي بالتحديد، بل هو تحذير لما قد يأتي ويصل ربما يوماً الى إفقاد آل الجميل أي مقعد نيابي لهم في عقر دارهم “بكفيا” في قضاء المتن، لأن المسيرة الطويلة بين الحزبين منذ أواخر سبعينات القرن الماضي، حين عمل شقيقه بشير على إطلاق “القوات اللبنانية” كقوة عسكرية هدفها “توحيد القوى للدفاع عن المجتمع المسيحي”، تحولت الى حزب يغرف من “الحزب الأم” إلى حد الإلغاء، وبخاصة بعد وصول ابن بشري سمير جعجع رئيساً لـ”القوات”.
وبعيداً عما آل إليه الصراع بين الحزبين اللدودين، رغم خروجهما من رحم واحد، إلا أنه يأخذ على مدار الساعة أوجهاً مختلفة تظهّرت مؤخراً على شكل تنافس حاد يصوّب على النواب “التغييريين” الذين فشلوا، حتى اليوم، في “التقولب” بكتلة أو مجموعة لفرض ما قد يتفقون عليهم.
بقاء “التغييريين” خارج الإطار الجامع، فتح شهية الأحزاب والتيارات والحركات لمد اليد إليهم وتقديم الاغراءات إلى هذا او ذاك منهم، بغية “نفخ” كتلة كل منهم بشكل أو بآخر. وفي هذا السياق، نشط أيضاً رئيس حركة “الاستقلال” ميشال معوض، الذي استطاع في الانتخابات الأخيرة تشكيل كتلة تضمه والنائب أديب عبد المسيح (وحاول توسيع البيكار باتجاه المنية وبيروت وربما مناطق أخرى).
هؤلاء النواب تحولوا الى هدف سهل “بالمفرّق”، بعدما فشلوا في الإنضواء بأية صيغة تكتلية، حتى إنهم اختلفوا بالأمس على رفع “علم فلسطين” في منطقة الناقورة، على هامش وقفة لدعوة السلطة في لبنان من أجل التوقيع على المرسوم 6433 المتعلق بالحدود البحرية والخط 29 كحد فاصل دون سواه.
قبل ذلك، لم يستطيع “التغييريون” التأثير في انتخابات رئاسة المجلس أو نائبه أو رئاسات اللجان، حتى انهم سيشاركون “مبعثرين” في الاستشارات النيابية الملزمة، الأمر الذي لن يفتح أمامهم أي باب حكومي إلاّ عبر تجمع آخر، وهذا ما يسعى إليه كل الآخرين، وليس “القوات” و”الكتائب” فقط، وإنما ايضاً قوى 8 آذار التي “ترتاح” ضمناً للبعض منهم والذين قيل انهم سربوا أصواتهم إلى الرئيس نبيه بري في رئاسة المجلس.
صحيح أن التغييريين تجمعوا مطلع هذا الأسبوع ليزوروا قصر بعبدا والسراي الحكومي، ليرفعوا الصوت باتجاه السلطة كي تبقى على موقف موحد من المفاوضات حول الحدود البحرية الجنوبية، ولكن العارفين ببواطن الأمور والمتابعين لاجتماعاتهم يؤكدون أنهم ما زالوا بعيدين عن رفع راية واحدة باتجاه جميع القضايا المصيرية المطروحة، أو التي ستطرح في الآتي من الآيام.
لذلك، فإن معظم “التغييريين”، أو على الأقل العدد الأكبر منهم، هم هدف لهذا التيار أو ذاك الحزب او الحركة، طالما أن السقوف “سيادية ووطنية وجبهوية ضد عدو خارجي واحد هو المشروع الفارسي”، لاسيما وأن النائب الكتائبي سليم الصايغ قال في أحدث تصريح صحفي “إن الحزب اتخذ قراراً سياسياً واضحاً، وهو السعي لجمع أكبر عدد من القوى الحيّة في مجلس النواب للحفاظ على هوية لبنان ومنع السيطرة على مقدراته”.
والمتعارف عليه في لبنان، أن العناوين الكبرى غالباً ما تضيع في الزواريب الضيقة للأحزاب والتيارات والحركات التي تستند الى مفاهيم طائفية ومذهبية لم يستطع أي تغيير قضم حرف واحد منها حتى الآن… ومن هنا القلق على مستقبل “التغييريين”!