هل تشتعل “حرب الحفارات” من “كاريش”؟

/ علاء حسن /

وصلت حفارة الحقل “كاريش”، وستبدأ عملها في غضون مدة قصيرة، ما لم يستجد أمر ما على المستوى الأمني أو السياسي.

ومع وصول الحفارة، ارتفعت حماوة التصريحات والتحذيرات من مختلف الأطراف اللبنانية، وحتى من الجانب الاسرائيلي.

رسمياً، اتفق كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي على استدعاء الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، للحضور إلى بيروت من أجل استكمال المفاوضات، وفق ما صدر عن رئاسة الجمهورية.

على أن الأنظار تتجه نحو ما سيعلنه “حزب الله” وما يفعله، خصوصاً في ظل حالة شد العصب القائمة، لمنع الكيان الصهيوني من بدء استخراج الغاز في منطقة تخضع للتفاوض، وهي تقع ضمن الخط 29، في الوقت الذي يعاني لبنان من أزمة اقتصادية خانقة، وهو بحاجة إلى أي طريقة للخروج من أزمته هذه.

وتشير المعلومات إلى أن المقاومة تتابع القضية عن كثب، وهي ليست بوارد الاستعجال في اتخاذ القرارات، أو القيام بأي عمل ميداني، لكون القضية حالياً عند الدولة اللبنانية التي تمسك بالملف بشكل كامل، ومن المنتظر أن يصدر عنها موقف رسمي يحدد مسار الأمور، والسقف الذي يمكن أن تعمل ضمنه جميع القوى، خصوصاً أن عملية التنقيب بدأت منذ العام 2013، وأن الاجراءات التقنية كافة قد اتخذت خلال السنوات المنصرمة، ولم يبقَ سوى ربط الحقل بالسفينة المذكورة، لبدء استخراج الغاز، والتي تستغرق بين ثلاثة وأربعة أشهر، بحسب الخبراء.

أما المقاومة، وإن كانت مطالبة بعدم تخطي سقف الدولة اللبنانية والذهاب أبعد من الموقف الرسمي اللبناني، خاصةً في ظل التعقيدات السياسية الداخلية والإقليمية الحالية، وفي ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي قد لا تسمح بتفجير الأوضاع في الوقت الراهن، فهي لم تفعل ذلك من قبل، بحسب المصادر المطلعة، إذ أن عمل المقاومة كان على الدوام تحت سقف الموقف الرسمي اللبناني تجاه الكيان الصهيوني، وبالأخص في مرحلة ما بعد تحرير جنوب لبنان العام 2000، حيث اقتصرت العمليات العسكرية في منطقتي شبعا وتلال كفرشوبا، وإن عملية الأسر العام 2006، فضلاً عن أنها كانت تحت سقف الموقف الرسمي اللبناني بضرورة تحرير الأسرى، فهي لم تخالف القانون الدولي في نفس الوقت.

في المقلب الآخر، تشير المعطيات إلى أن الطرف الاسرائيلي قد لا يغامر بالحفر في منطقة الخط 29، وأنه سيكتفي بالحفر في المنطقة الواقعة ضمن نطاق المياه الفلسطينية المحتلة، وعدم التمدد نحو المنطقة المتنازع عليها، لكون حقل كاريش يقع في منطقة مشتركة بين الخط 29 وبين المياه الفلسطينية، ويسعى العدو من وراء ذلك إلى تحقيق مكسبين: الأول، عدم إعطاء ذريعة للمقاومة بالتصدي لعملية الحفر والاستخراج. والثاني، حث الدولة اللبنانية على الاسراع في عملية التفاوض، من أجل إنهاء هذا الملف في أسرع وقت ممكن. وهو ما يتقاطع مع ما تحدثت به مصادر مطلعة من أن الهدف الأساس من استقدام الحفارة في هذا الوقت، هو إعطاء جرعة تسريع للتفاوض الذي تسعى الولايات المتحدة لإيصاله إلى خواتيمه.

لكن، في جميع الأحوال، لا يعني استخراج الغاز من الحقول الواقعة في المياه الفلسطينية، عدم التعدي على حق لبنان، لكون الحقول متصلة في ما بينها، والأمر لا يستقيم من دون استخراج من الطرفين، وتحديد حصة كل طرف قبل البدء بعملية استخراج الغاز.

وبالعودة إلى موقف “حزب الله”، فإن ما أعلنه الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله كان واضحاً وجلياً، وتمثل بإيصال رسالة تهديد للشركات المنقبة والمستخرجة للنفط والغاز، تتضمّن خلق بيئة غير آمنة للعمل، وصولاً إلى منعها من العمل إذا ما قررت الدولة اللبنانية أن عملها يعتبر انتهاكاً للسيادة الوطنية وتعدياً على الثروة النفطية اللبنانية، عندها قد تأخذ الأمور منحىً مختلفاً، وقد لا ينفع العمل على تهدئة الأوضاع، طالما أن الشعب اللبناني جائع وثروته تُنهب على أعين العالم.

في المحصلة، أصبح الرهان اليوم على موقف الدولة اللبنانية والمجلس النيابي الجديد، بمكوناته التقليدية والجديدة، لصياغة موقف سياسي وطني يدفع باتجاه تحقيق المصالح الوطنية، ويحافظ على الأمن القومي اللبناني من أجل الأجيال القادمة، وإلا فنحن ذاهبون نحو هدر ما تبقى من كيان الدولة.