أحمر الشفاه.. رفاهية لا تنطفئ

في زمنٍ تتثاقلُ فيه الأزمات، وتضيقُ الخيارات، يظلُّ الإنسانُ يبحثُ عن ومضةِ جمالٍ صغيرةٍ، تُضيء يومه، ومن هنا وُلِدَ ما يُعرَفُ بظاهرةِ “تأثيرِ أخمر الشفاه”.

وتدفعُ هذه الظاهرةُ الإنسانَ إلى اقتناءِ رفاهيَّاتٍ يسيرةٍ حين تغيبُ القدرةُ الشرائيَّةُ على التخطيطِ للمغامراتِ المكلفة، وهو ما تفعله المرأةُ تماماً، إذ قد تتخلَّى عن السفرِ الباذخ، أو الحقائبِ الفاخرة، لكنَّها لا تتنازلُ أبداً عن أحمرِ شفاهٍ، يلمعُ كأملٍ، أو عطرٍ، يترك أثره كذكرى دافئةٍ.

وقد شهدَ التاريخُ ظاهرةَ “تأثيرِ أحمر الشفاه” مراراً، من الكسادِ العظيمِ في الثلاثينيَّات إلى أزمةِ 2008 حيث بقيت منتجاتُ الجمالِ شامخةً في وجه الانكماش، وهذا السلوكُ النفسي ليس جديداً، لكنَّه يحملُ رسالةً مهمَّةً لصناعةِ التجميل، فبينما تتراجعُ نفقاتُ المستهلكين على الفخامةِ الكبيرة.

ويزدادُ الطلبُ على منتجاتِ الجمالِ التي تمنحهم شعوراً بالترفِ والاهتمامِ بالنفس بتكلفةٍ أقل، ومردودٍ نفسي كبيرٍ.

وفي زمنِ الأزمات، يتوقُ المستهلكون إلى إحساسٍ بالاستقرارِ والراحة، ومن هنا، تلعبُ العلاماتُ التجاريَّةُ الفاخرةُ دوراً مهماً في توفيرِ خطوطِ منتجاتٍ بأسعارٍ معقولةٍ، تسمحُ للمستهلكين بالاستمتاعِ بتجربةِ الفخامة دون الحاجةِ إلى إنفاقِ مبالغَ ضخمةٍ، وهذا النهجُ لا يحافظُ فقط على العلاقةِ مع العملاءِ الحاليين، بل ويفتحُ أيضاً البابَ أمامَ جذبِ عملاءَ جددٍ يبحثون عن جودةٍ وقيمةٍ مقابل سعرٍ معقولٍ، ما يُمهِّد الطريقَ لعودةِ الإنفاقِ الأكبر عند تحسُّنِ الظروفِ الماليَّة.

وتكمنُ التحدِّياتُ الكبرى أمامَ العلاماتِ التجاريَّةِ في الحفاظِ على توازنٍ دقيقٍ بين جذبِ جمهورٍ جديدٍ محدودِ الميزانيَّة، والاحتفاظِ بقيمتها وتميُّزها الفاخر، إذ إن التنازلَ عن الهويَّةِ الفريدةِ للعلامة قد يؤدي إلى فقدانِ ولاءِ العملاءِ القدامى.

ويتسبَّبُ تجاهلُ احتياجاتِ المستهلكين الجددِ في فقدانِ فرصِ النمو، لذا يصبحُ التركيزُ على القيمةِ الفريدةِ للعلامة، والابتكارُ في تقديمِ منتجاتٍ تتناسبُ مع احتياجاتِ الجميع أمراً ضرورياً.

وعبر الأزمات الإقتصادية، لا تكمنُ ولاءاتُ العملاءِ الحقيقيَّةُ في التخفيضاتِ فحسب، بل وفي جودةِ المنتجِ أيضاً، كما تلعبُ التجربةُ المباشرةُ للمنتجاتِ دوراً محورياً، لذا تلجأ العلاماتُ التجاريَّةُ إلى توفيرِ عيِّناتٍ مجانيَّةٍ، وتجاربَ، ليشعرَ المستهلك بالثقةِ والارتياحِ في اختياره.