يُعتبر مرض ألزهايمر أحد أكبر التحديات في مجال الطب العصبي، إذ يصيب نحو 40 مليون شخص حول العالم، مسببا فقدان الذاكرة تدريجياً وفقدان الاستقلالية. وفي هذا السياق، يبرز بروتين “تاو” كعامل رئيسي في تطور المرض، إذ يشبه في حالته الطبيعية “قضبان سكة حديد” توجه وتدعم البنية الداخلية للخلايا العصبية.
ولكن في مرض ألزهايمر، يخضع البروتين لتغيرات غير طبيعية تدفعه إلى التكتل، ما يعطل نظام النقل الخلوي ويؤدي إلى تلف الخلايا العصبية وفقدان الذاكرة.
والآن، كشف فريق بحثي دولي بقيادة الأستاذ المساعد إيفاندر فاي فانغ من النرويج عن آلية جديدة واعدة: تعزيز المستقلب الطبيعي NAD⁺ يمكن أن يحمي الدماغ من التنكس المرتبط بألزهايمر عبر مسار غير مسبوق يتعلق بتضفير الحمض النووي الريبوزي.
وتكمن أهمية هذا الاكتشاف في أن انخفاض مستويات NAD⁺ مع التقدم في العمر وفي الأمراض العصبية يفتح الباب لاستراتيجيات علاجية جديدة. وقد لوحظ أن مكملات مثل نيكوتيناميد ريبوسيد (NR) تحسن الحالة في النماذج الحيوانية، إلا أن الآلية الجزيئية كانت غامضة حتى الآن.
وكشفت النتائج الجديدة أن NAD⁺ يعمل عبر بروتين EVA1C الذي ينظم عملية تضفير الحمض النووي الريبوزي. وعند تعزيز مستويات NAD⁺، يقوم EVA1C بتصحيح الأخطاء في التضفير، ما يحسن وظائف المئات من الجينات الأساسية لصحة الدماغ.
وأثبت الباحثون ذلك عبر دراسة التغيرات المرتبطة بالعمر في ديدان C. elegans، واختبار تأثير مكملات NAD⁺ في فئران معدلة وراثياً، وتحليل عينات من أدمغة بشرية لمرضى ألزهايمر. وأظهرت النتائج تحسناً ملحوظاً في تضفير الحمض النووي الريبوزي ووظائف الدماغ والأداء المعرفي. أما عند إسكات جين EVA1C، فتم إلغاء هذه الفوائد، ما يؤكد دوره المحوري.
وباستخدام الذكاء الاصطناعي، كشف الباحثون كيف يعزز NAD⁺ الشكل الفعال من EVA1C الذي يرتبط بالبروتينات المسؤولة عن طي البروتينات وإزالتها، وهي عمليات حيوية تتعطل في ألزهايمر.
ويعد هذا الاكتشاف أول مرة يربط بين ثلاثة مسارات حيوية متضررة في المرض: الاستقلاب الخلوي، تضفير الحمض النووي الريبوزي، وإدارة البروتينات. ويُفتح الباب أمام تطوير علاجات جديدة تركز على الحفاظ على مستويات NAD⁺ وتحسين تضفير الحمض النووي الريبوزي، مما قد يؤخر التدهور المعرفي ويحسن حياة الملايين حول العالم.














