الجمعة, ديسمبر 5, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSliderعذراً.. إننا منهمكون الآن بـ"دوشة" الإنتخابات!

عذراً.. إننا منهمكون الآن بـ”دوشة” الإنتخابات!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| جورج علم |

فقدت الأحزاب الميليشيويّة الحجّة المقنعة. وفقد الإستقطاب الجماهيري عنصر التشويق. لم تعد الشعارات الشعبويّة تثير الحماس لدى الأكثريّة الناخبة. ولا اللعب على الوتر الطائفي والمذهبي يحرّك إصطفافات عمياء لمصلحة “اللاعب”. تغيّرت الظروف، والأحوال، والمعادلات، وأصبحت النار المندلعة في أرجاء الهيكل أقوى من مفتعليها، ومن النافخين في جمرها، وباتت السيطرة على الحريق بحاجة إلى قدرات جديدة، ووسائل حديثة. لم يعد الخلاف حول قانون الإنتخاب محصوراً بالنقاط التي يتشبث بها كلّ طرف. الأزمة أبعد، وأعمق، إنها مسألة مصيريّة بالنسبة للكتل النيابيّة، وللأحزاب التي تنتمي إليها.

يستفيق الوعي السياسي لدى هؤلاء على حالة العجز، والترهّل. لا يستطيع أيّ منهم أن “يمون”، أو أن يدعّي بأنه “صانع” العهد، ويعود له الفضل في إيصال من وصل إلى مراتب المسؤوليّة. حصل في وقت لم يمرّ عليه الزمن إعصار خارجي جرف في طريقه “الفراغ”، وثبّت معادلة ملء الشواغر في المؤسسات الرسميّة، بدءاً بإنتخاب رئيس للجمهوريّة، برعاية “الخماسيّة” العربيّة ـ الدوليّة.

لا يستطيع الإنتهازيّون الإستثمار بالإغتراب، والتبجّح بأن العقدة تتصل بالمغتربين، وكيفيّة الحرص على حقّهم في الإقتراع، والغيرة على مصالحهم، والسعي إلى ربطها بمصالح الوطن الأم.

إن الحقائق قاسية، كون الوطن يعاني من إنفصام في الشخصيّة الوطنيّة. وبينه وبين جيل الشباب حالة طلاق معقّدة، كونه يوفّر لهم يأساً، وإحباطاً، وبطالة، وجواز سفر مفتوح على غربة لا عودة منها إلاّ نادراً.

حريّ بالإنتهازييّن الغيورين على مصالح الإغتراب، أن يبادروا أولاً إلى وقف النزف، إلى مصالحة الشباب مع وطنه، إلى توفير فرص العمل، ووقف الهدر، ومعالجة الفساد، وبناء الدولة بدلاً من الإسترسال في بناء المزرعة، والزوّاريب الطائفيّة، والمذهبيّة، والفئويّة، والإقطاع السياسي، والفكري، والثقافي، والإقتصادي.

قبل الحرص على حقوق المغتربين ـ وهذا واجب وطني ـ يفترض وقف النزف، ومعالجة ظاهرة طوابير الشباب أمام أكشاك القنصليات بحثاً عن تأشيرة للهروب من السجن الكبير، من الفساد، والسرقة، والسمسرة، والمحسوبيّة، والإقطاعيّة، والتفشيخ على القانون والدستور بحجّة “أن بيي أقوى من بيّك”!

هل يعرف المتباكون على حقوق المغتربين أن نسبة الإقتراع في إنتخابات أيار من العام 2022، لم تتجاوز الـ41 في المئة؟! فأين الـ59 الباقية؟ لماذا لم تقترع؟ ما هي الموانع، والمعوقات؟ وهل تمكّنتم من معالجة أسبابها وظروفها كي يكون الإقبال على الصناديق في الإستحقاق المقبل أكثر حضوراً، وإقتناعاً، أم أن الغربة عن الوطن تزداد وحشة، والنزف يتصاعد وتيرة، بفضل سياسة “مرّر لي، لأمرّر لك” على حساب البقية الباقية من وطن، ودولة، قانون، ودستور، ومؤسسات؟!

والمضحك المبكي أن كلّ طرف يتّهم الآخر بالسعي إلى تأجيل الإستحقاق، والتمديد للمجلس الحالي.

أمّا الحقيقة المرّة فإن الطرفين متفاهمان على أهداف عدّة، أولها حرص كلّ منهم على الحفاظ على حجم كتلته النيابيّة، والسعي إلى زيادة عدد أعضائها، بهدف زيادة نفوذه في عملية إقتسام “كعكة السلطة”. والذين يحبّذون التمديد للمجلس الحالي هم أولئك الذين يخشون من أن تأتي نتائج الإنتخابات عكس ما يتمنّون، ويخسرون مقاعد نيابيّة، وبالتالي يتحجّم دورهم ونفوذهم في لعبة المصالح، وتوزيع المغانم.

وهناك خشية عند الغالبية من إحتمال وجود مكيدة يخفيها الإستحقاق، بحيث تتحول إنتخابات أيار 2026 إلى مقصلة ترعاها دول صديقة، وشقيقة، بالإضافة إلى صندوق النقد الدولي، ومؤسسات “الحوكمة الشفافة”، وتنال من رؤوس كثيرة أينعت بالفساد، وتفوّقت في القفز فوق القوانين، والإستئثار بالسلطة، والثراء من تعب الناس، وقهرهم، وأموالهم المنهوبة.

لا يرى المواطن العادي من هذا الضجيج الإنتخابي فسحة أمل. لا يسمع على الأقل كلمة ثقة تطمئنه حول مصير وديعته في المصرف، وقد نُهبت في زمن هؤلاء الإنتهازييّن المتباكين على الديمقراطيّة، والمصرّين على الإنتخابات في مواعيدها. كانوا في المجلس النيابي. كانوا في الحكومات المتعاقبة زمن الهدر، والزلع، والبلع، كانوا نافذين في معظم مؤسسات المحاسبة، بدءاً بمجلس الوزراء، إلى مجلس النواب، إلى مجلس القضاء الأعلى، إلى سائر المجالس الرقابيّة – المحاسباتيّة، وقد جرت عمليّة الإختلاس منتظمة، منظمة تحت عيونهم، وأبصارهم، من دون أن يرفّ جفن لأحد منهم، ومن دون أن يرتفع قوس قضائي وطني شريف شفّاف للمحاسبة، وقطع اليد!

وفي ذروة الإشتباك الكلامي والسياسي حول قانون الإنتخاب، وحقوق المغتربين، ينشغل الرأي العام بخروج حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة من السجن، مقابل كفالة قدّرت بـ 14 مليون دولار.

لا إفتراء، ولا تطاولا على الحجج والذرائع القانونيّة التي إستند اليها القاضي للإفراج عن سلامة، لكن ثمّة أسئلة مشروعة لا تزال تبحث عن أجوبة مقنعة:

• هل ضمن سلامة إعادة أموال المودعين كي يخرج من السجن، وهو الذي كان يطمئنهم في زمن دولته، بأنها مضمونة، وبألف خير، وستعود سالمة.
حتى الآن، ليس من ضمانات. ولا حتى خطاب القسم الذي تلاه رئيس الجمهورية جوزاف عون أمام أعضاء مجلس النواب، في السابع من كانون الثاني الماضي، وعلى مسامع الرأي العام، قد أخذ طريقه نحو التنفيذ، لجهة أموال المودعين، وإعادة الحقوق إلى أصحابها!
• من حقّ اللبنانيّين المنهوبين، معرفة مصدر الـ 14 مليون دولار، من أين أتى بها سلامة؟ هل أتى بها من رصيد إحتياطه المالي المخزّن في المنزل؟ هل أتى بها من مصرف لبنان؟ هل سهّل له الأمر مصرفي كبير إستفاد سابقاً من “هندساته الماليّة”؟ من حقّ المواطن المسلوب معرفة مصدر هذا المبلغ الكبير، علماً بأن أموال سلامة في الخارج محجوزة، ولا يحقّ له التصرف بها!
• أُطلق رياض سلامة بإسم قوس العدالة… فمتى سيرتفع قوس العدالة ليطلق سراح الأموال المنهوبة كي تعود ودائعها إلى جيوب أصحابها؟!

… عذراً! لا جواب.. لأننا منهمكون الآن بـ”دوشة” الإنتخابات!

للانضمام إلى مجموعة “الجريدة” على “واتساب”، إضغط على الرابط

https://chat.whatsapp.com/KcTcdtSlZ5a0SaZPTZsoiV?mode=ems_copy_c

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img