كيف انتخب السنّة والشيعة في “الشمال المسيحي”؟

/ مرسال الترس /

في كنف قانون الانتخاب الأكثري، أقام المسيحيون، ولاسيما الموارنة منهم، الدنيا ولم يقعدوها على خلفية أن القانون المشار إليه يتيح للسنّة في الشمال (على سبيل المثال) وحين كانت الدوائر أوسع من اليوم، ترجيح كفة هذا القيادي على آخر، من منطلق انهم الأكثرية المطلقة، فتصدرت نايلة معوض، أرملة الرئيس الشهيد رينه معوض جميع المرشحين في إحدى الدورات، وأتيح في دورة أخرى للمرشح بطرس حرب ان يكسر كل التوقعات. فيما كانت التهمة المحورية أن أي ماروني يكون في لوائح آل الحريري، يخطف اللوحة الزرقاء، وهو بنظر “الموارنة الأصيلين” (وفق تصنيف النائب الكسرواني السابق نعمة الله ابي نصر) “غْريِب” ولا يمثل الطائفة!

في العام 2018، هلّل المسيحيون، وفي طليعتهم الموارنة، للقانون النسبي مع صوت تفضيلي، بعدما استطاعوا استيلاده من مشروع القانون الأرثوذكسي، لأنه سيخفّف عنهم أثقالاً كثيرة، وسيُتاح للمسيحيين أن يوصلوا من يريدون إلى ساحة النجمة.

لكن حسابات الحقل لم تلائم كثيراً حسابات البيدر، إذ أن القانون المستحدث، ووفق تقسيماته، لم يستطع تقسيم المناطق اللبنانية استناداً إلى طوائفهم ومذاهبهم، نظراً للتداخل الحاصل فيها منذ بدء تكوين الكيان اللبناني. وإذا أخذنا دائرة الشمال الثالثة، أو ما يُطلق عليها في بعض الإعلام تسمية “الشمال المسيحي”، والتي تضم اقضية زغرتا وبشري والكورة والبترون، ويمثلها عشرة نواب مسيحيين (7 موارنة و3 روم ارثوذكس)، ليس فيها أي مقعد لتمثيل المسلمين من السنة والشيعة في هذه الدائرة، على الرغم من أن عددهم في العام 2022 هو: بحدود 27 ألف ناخب (26.815)، من أصل 257.964 ألف ناخب في الأقضية الأربعة، موزعين كالتالي:

ـ سنّة: 11.139 في زغرتا، 9.350 في الكورة، 3.974 في البترون و39 في بشري.

شيعة: 1.172 ناخب في الكورة و1.141 في البترون. مع لفت النظر إلى أن هناك أقل من خمسة آلاف صوت ماروني في مدينة طرابلس قد استحدث لهم مقعد بعد الطائف (4.387 ناخب في العام 2018 وإنخفض في العام الحالي إلى 4.300 ناخب)، وتردد حينها أن المقعد استُحدث على قياس النائب والوزير السابق الراحل جان عبيد الذي شغله لبضع دورات.

وفق القانون الأكثري، وبعد اتفاق الطائف، كانت الطائفة السنية في قضاء زغرتا، توزع أصواتها بين عائلتي معوض وفرنجية بشكل أساسي، مع تأثير واضح لآل الحريري في هذا الاتجاه أو ذاك، مع العلم أن هناك كتلاً من هذه الأصوات تلتزم بآل فرنجية أو معوض. واستمرت هذه المعادلة وفق القانون النسبي: فإذا أخذنا بلدة إيعال نموذجاً في انتخابات العام 2022، يلاحظ أنه في قلمي إقتراع واحد وإثنان في تلك البلدة قد أعطت النائب طوني فرنجية 134 صوتاً فيما أعطت النائب ميشال معوض 108 أصوات. في حين أن قلمين في بلدة مرياطة التي تعد الأكبر سنياً في القضاء: قد انتخب فيهما 159 صوتاً لصالح معوض و132 صوتاً لصالح فرنجية.

أما في قضاء الكورة فقد انتخبت النسبة السنية الأعلى، وكذلك الشيعة، لصالح لائحة “المردة”، وتلتها لائحتا المجتمع المدني و”القوات اللبنانية”، في حين ذهبت الغالبية في قضاء البترون من السنّة باتجاه المرشح مجد حرب ولائحة “وحدة الشمال” وغياث يزبك “نبض الجمهورية القوية”، بينما أصوات الطائفة الشيعية في البترون كانت بغالبها لجبران باسيل ولائحة “رح نبقى هون”.