غلطة “الثنائي الشيعي” بألف.. وجردة الحساب بدأت!

/ هبة علّام /

انتهت الانتخابات النيابية، وظهرت النتائج الرسمية التي أنتجت مجلساً غريباً عجيباً في تركيبته، ما يُنذر بمرحلة سياسية صعبة جداً، وسط كل هذه الفوضى الاقتصادية والمالية والاجتماعية في البلد.

بعض الأحزاب أحرز تقدماً، وبعضها الآخر تراجع، سواء بالمعيار الشعبي أو بعدد النواب، لكن تسليط الضوء بشكل مركّز كان على ثنائي “حزب الله” و”حركة أمل”، لاسيما وأن أغلب الخطابات الانتخابية لمعظم القوى السياسية، وحتى التغييرية، كان موجهاً ضد “حزب الله”.

أحرز الثنائي تقدّماً على المستوى الشعبيّ، بحسب العدد الإجمالي للأصوات التفضيلية التي زادت بالآلاف عن الانتخابات الماضية، لاسيما لدى “حزب الله”، وهذا التحدي كان أمامه لإثبات احتضان بيئته له وللسلاح، وهو ما تحقق.

لكن الثنائي ذاته خسر عدداً من المقاعد في عقر داره، الجنوب، وفي دوائر أخرى، للمرّة الأولى، وذلك لأسباب عدّة تستدعي إعادة النظر في الأداء الانتخابي، على مستوى الترشيحات، وفي الأداء السياسي، على مستوى العلاقة بين الحلفاء.

وبحسب أوساط مراقبة، أخطأ الثنائي في ترشيح شخصيات مستفزّة على لوائحه في هذه الظروف، أمثال مروان خير الدين الذي تحوم حول شبهات تورطه بتهريب أموال المودعين، ولأن الناس يرون فيه ممثلاً عن المصارف، فكان الجواب من المقترعين بإطاحته، حيث شكّل سقوطه فرحة عارمة لدى جمهور “حزب الله”، على الرغم من أن الأمر يُعدّ خسارة مقعد لـ”الثنائي”.

كذلك لم يتنبّه “الثنائي” إلى “حرب القيادة” والانقسام الحاصل داخل “الحزب السوري القومي الاجتماعي”، وحالة الرفض لشخص النائب السابق أسعد حردان، ما دفع القوميين المعارضين له لانتخاب لوائح التغيير.

أمّا جزين، حيث كانت الخسارة الكبرى له ولحليفه “التيار الوطني الحرّ”، فقد جاءت نتيجة سنوات من السجال والمناكفات بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس “التيار” النائب جبران باسيل، والتي دفعت بهما إلى عدم الاتفاق على تقسيم المقاعد بدل تقديم تنازلات والتحالف، ما أدى إلى لائحتين في الدائرة، فخسر الجميع مقاعدهم بعدما تشتّت الأصوات.

أما في البقاع الغربي، فقد جاء الإصرار على التحالف مع النائب السابق إيلي الفرزلي مستفزّاً أيضاً للكثيرين الذين يعتبرونه “صوت المصارف” و”مهندس” سياساتها بالتشريع والقانون، فكان القصاص في صناديق الاقتراع، وانتهت النتيجة بتجرّع الفرزلي سمّ قانونه المدلّل.

هذه “السقطات” في الأداء الانتخابي والسياسي، محطات يجب التوقّف عندها، بحسب أوساط مطلعة رأت أن المراجعة الذاتية داخل “الثنائي” أمر أكثر من ضروري، وما حدث درس يجب أن لا يتكرّر حتى لا ينعكس خسارة مدويّة في الانتخابات المقبلة، وقد بدأت عملياً جردة الحساب والمراجعة.

ورأت الأوساط أن اختيار بعض الشخصيات الاستفزازية كان يمكن تفاديه، مع القليل من التواضع لشخصيات تحمل لواء المقاومة من خارج التنظيمين، وهم كُثر، وبالتالي كان حريّاً بالثنائي الالتفات إلى هذه الشخصيات، بدل المخاطرة وخسارة مقاعد في هذا الظروف السياسية الصعبة.

أمّا الدرس الآخر الذي يجب أن يتعلّمه “الثنائي” جيداً، فهو “إدارة الخلاف والاختلاف” بين الحلفاء بصورة منظّمة، وبعيدة عن التراشق الإعلامي والابتزاز السياسي و”البروباغندا” الشعبوية، لأن التحديات اليوم وفي المرحلة المقبلة، أكبر وأخطر، لا بل ستشتّد الأزمة والضغط على المقاومة وحلفائها بعد النتائج الكبيرة التي حقّقتها شعبياً على مستوى بيئتها، ومحافظتها على المقاعد النيابية الشيعية، أمام كل حملات التشويه التي لاحقتها خلال السنوات الفائتة.

وهنا، تشير المصادر إلى أنّ ما حدث في هذه الانتخابات سيدفع الثنائي، ليس فقط إلى عدم تكرار الأخطاء، إنما قد نشهد تغييراً جذرياً في الوجوه المرشّحة على لوائحهم.

فإن كانت “غلطة الثنائي” اليوم بمقعد هنا وآخر هناك، ستكون في المرة المقلبة “الغلطة بألف”.