مصادر “البناء”: أي تنازل من السعودية سيقدم لأميركا وليس لماكرون

كشفت مصادر مطّلعة في باريس لـ البناء، عن دورٍ فرنسي محوري على خط احتواء الأزمة الخليجية– اللبنانية، من خلال عدة اتصالات أجراها ماكرون نفسه بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وبالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وبدولة الإمارات، ولا سيما تواصله مع السعودية، فيما تولّى مدير الاستخبارات الفرنسية، برنار إيمييه، التواصل مع “حزب الله” لإقناعه بضرورة استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي قبل وصول ماكرون إلى الخليج، لكي يتمكّن من بحث الملف اللبناني مع قادة الخليج وإقناع المملكة بالتراجع عن الإجراءات التصعيدية ضد لبنان.


وأشارت المصادر إلى أن الحركة الفرنسية تعكس مخاوف جدية لدى “الإيليزيه”، من خطر انهيار لبنان في شكلٍ كامل بعد المقاطعة الخليجية له، وأن فرنسا أبلغت السعودية اعتراضها على الموقف الخليجي بمقاطعة لبنان، لأنه سيؤدي إلى تهديد الاستقرار السياسي والاقتصادي، والأمني الذي تعتبره فرنسا نموذجاً للتعددية والتعايش الطائفي.


كما كشفت المصادر عن “تسوية جزئية فرنسية– سعودية– إيرانية حول لبنان، وتنازلات قدمتها مختلف الأطراف”، وإعتبرت المصادر، أن المقاطعة الخليجية للبنان لن تؤثر على “حزب الله” ودوره في المنطقة كما تهدف السعودية، بل سيعاقب الشعب اللبناني وسيؤدي إلى انهيار لبنان، ما يشكل خطراً على المنطقة برمتها وعلى أوروبا تحديداً، في ظل وجود مليون ونصف نازح سوري في لبنان.


وتؤكد المصادر أن ماكرون تمكن من ضمان حزب الله وحلفائه بعدم إتخاذ أي ردة فعل في الحكومة على استقالة قرداحي، وذلك مقابل وعود قدمها للحزب بأنه سيعود بمكاسب من الرياض تساهم في حل الأزمة الدبلوماسية وتخفيف الحصار السياسي والضغوط الاقتصادية الخارجية على لبنان.


ويشير المصدر لـ البناء، إلى أن المنطقة دخلت زمن التسويات وترسيم التوازنات وتوزيع مناطق النفوذ، أكان في سورية التي وُضعت تحت الرعاية الروسية، وتشهد تفاوضاً حول الحل السياسي وإنهاء نهائي للحرب العسكرية والبدء بإعادة الاعمار، أو لجهة استئناف المفاوضات حول الملف النووي الإيراني بعد 4 سنوات من تجميده بسبب انسحاب الأميركيين منه، فيما تعمل الدول الفاعلة في العراق للتوصل إلى حل سياسي، ولم يبقَ سوى الحرب في اليمن من دون حلّ عملي، ولذلك تعمل السعودية لتجميع أوراق قوة للتفاوض مع الأميركيين، ومن ضمنها الملف اللبناني للحصول على مكاسب تصبّ في أمن المملكة والخليج ومصالحها الاقتصادية والسياسية في المنطقة.


ويرى المصدر، أن أي تنازل جدي من قبل السعودية لن يقدم إلى ماكرون، بل إلى الرئيس الأميركي الذي يرفض استقبال ولي العهد السعودي حتى الساعة، ما يعكس توتر العلاقات بين السعودية والإدارة الأميركية الحالية.