ديمقراطية الحكم.. تعددية الرأي

/كارلا قمر/

هو النظام الديموقراطي الذي يسمح بحرية التعبير! لذا، من الطبيعي، أن نشهد على تعدد الآراء فيما يتعلق باختيار الشخص المناسب ليُمثّل الشعب في المجلس النيابي. فخلال الفترة التي تسّبُق الاستحقاق الانتخابي، كان هناك من لايزال يجد في من انتخبه سابقا المُمثل المثالي لتولي المنصب، وفي الجهة الثانية، نجد من يبحث عن وجه جديد، كما نُصادف من لم يجد حتى الساعة من يمثله تمثيلاً صحيحاً.

في معظم المناطق اللبنانية، يمكن أن نلحظ ناخبين يرفعون راية التغيير، فيبحثون عن مرشحين مستقلين لم يسبق لهم أن ترشحوا أو دخلوا إلى المجلس النيابي سابقاً، وهذه النسبة تُعد مرتفعة نوعاً ما مقارنة بالاستحقاق السابق.

وتختلف تطلعات وآراء هذه الفئة من المواطنين.. البعض منها يثق بإحدى لوائح التغيير أو بأحد المرشحين المستقلين على حد تعبيرهم. وقد تكونت هذه الثقة إما نتيجة متابعتهم الحثيثة، في الفترة الأخيرة لمرشحين عبر وسائل التواصل الإجتماعي، أو سماع خطاباتهم، وتكونت لديهم فكرة حول توجهاتهم المستقبلية في حال فوزهم في الانتخابات.

وهناك من اطلع على البرامج الانتخابية، فقرر الاقتراع لمن وجد بنودها أقرب لتطلعاته وتُحاكي مصالحه. وهناك من اعتبر أن الندوات الحوارية التي أقامها “المجتمع المدني” ومشاركة بعض عناصره ميدانيًا خلال التظاهرات جعل منهم أشخاصاً ذي ثقة وقريبون من المواطنين بحسب ما قال أحد المناصرين لقوى التغيير.

في الجانب الآخر، هناك من قرر انتخاب مرشح جديد، لكونه أراد فقط التغيير، لعل الشخص الذي سينتخبه يلبي طموحاته، في حال فوزه. هي مطالب مختلفة، اجتمع حولها الناخبون بعضهم لديه مطالب خاصة اعتبرها حقوقاً، كلٍ بحسب حاجاته. أما وسائل تحقيق هذه الغايات، فقد تختلف من شخص إلى آخر إلا أن الحقوق والمطالب تبقى واحدة.

وعن التوقعات المستقبلية، في حل فوز أحد المرشحين على لوائح التغيير، عبّر البعض عن ثقتهم التامة بالمرشحين مؤكدين أنهم لن يخيّبوا ظن من وثق بهم.

ومن الخطوات التي توقع أصحاب هذا الرأي أن يتخذها المرشحون في حال وصولهم إلى السلطة، امتناعهم مستقبلا عن التصويت على مشاريع قوانين لا تتناسب مع مصالح الشعب، حجب الثقة عن  الحكومة في حال لم تتلاقَ وتطلعات الشارع اللبناني كذلك الأمر فيما يتعلق بتشريع قوانين جديدة.

كما لا يمكن أن نهمل الرأي الآخر، الذي لا يعطي ثقته الكاملة للمستقلين، ومع ذلك، قرر جزء من أصحاب هذا الرأي منح صوتهم لوجوه جديدة. ويعود ذلك لعدة أسباب. فبعض من يمثلهم هذا الرأي، يعتبرون أن كل من يصل إلى السلطة ينسى وعوده ويختار طريق المصالح الشخصية بعيداً عن مطالب الشعب.

ومن الآراء السائدة، استحالة التغيير في ظل النظام الموجود. كما أن وصول عدد قليل من قوى التغيير إلى السلطة، سيصعب عليهم مهمة التغيير. كذلك بعض الآراء تثق بأن التغيير حتمي إلا أنه يحتاج إلى وقت، ولن يتحقق في المدى القريب، لا بل يتطلب أكثر من استحقاق انتخابي، على اعتبار أن كل مرة ستجري فيها الانتخابات النيابية تعد فرصة تسمح بزيادة عدد المستقلين داخل المجلس النيابي.

قد يُعبّر جزء من الشعب عن آرائهم بحرية، وقد يمنع الخوف بعض المواطنين من إعلان موقفهم بصراحة. أما البعض الآخر فقد يفضل البقاء على الحياد بانتظار ما ستؤول إليه الأمور خلال فترة ما بعد الانتخابات. فالتغيير هو خيار عابر للطوائف والمناطق، يتشارك في التعبير عنه مواطنون لبنانيون، على اعتبار أن النظام الديمقراطي يكفل حرية الرأي والتعبير، شرط عدم التعرض لحرية الآخر حتى ولو تعارضت الآراء، بين موالٍ ومعارض للسلطة. بين موالٍ ومعارض للسلطة، تختلف الآراء إلا أن المصالح الوطنية كما الحقوق والواجبات تبقى واحدة واحترام رأي الآخر كذلك اللجوء إلى الحوار قد يساهم في بناء الوطن خاصة أن الاختلاف ليس بالضرورة أن يكون خلافا.