مقاطعة الانتخابات: لا فساد.. ولا محاربة “طواحين هواء”!

/ حوراء زيتون /

حلّ 15 أيار خفيفاً على اللبنانيين، على عكس المتوقّع، وبدّد كل الأصوات المشككة. فُتحت صناديق الاقتراع أمام المواطنين في تمام السابعة صباحاً.

إثنتا عشرة ساعة مفتوحة أمام الناخبين للإدلاء بأصواتهم، قبل أن تُقفل الصناديق عند السابعة مساءً، لتنطق بعدها بخيار المواطنين وقرارهم. خيارٌ اتخذه البعض عن سابق إصرارٍ وتصميم، وقبِله آخرون على مضض، على مبدأ “كُرمى لعين، تكرم مرج عيون”.

القسم الصامت من اللبنانيين، هم “المقاطعون”، من قرروا عدم المشاركة بهذا الاستحقاق. أسباب هؤلاء متشابهة على اختلاف المناطق والطوائف، إذا استثنينا خصوصية مقاطعة الشارع السني تحديداً، الذي جاءت نيّته للمقاطعة انطلاقاً من شعوره بـ”اليُتم”، بعد اعتكاف الرئيس سعد الحريري، صاحب الشعبية الأكبر في الشارع السني، وامتناعه عن الترشح للانتخابات.

كما أن الضغوط التي مارستها السعودية، وسفيرها في لبنان وليد البخاري، وما سبقها من محاولات “القوات اللبنانية” لتمثيل الشارع السني، مستغلّةً غياب الحريري، جاءت لتزيد من تمسّك شريحة من السنّة بقرار المقاطعة، مع تعزّز شعورها بالخذلان واعتبارها أن زعيمها يتعرّض للطعن والخيانة من كل حدبٍ وصوب.

أما بالنسبة للمقاطعين الآخرين، فالأسباب شبه موحّدة، حيث انطلقت مقاطعة هؤلاء للانتخابات من قناعتين أساسيتين لا حصريّتين: “مين جرّب المجرّب بيكون عقله مخرّب”، ولا أمل بالتغيير أو الإصلاح مهما زعمَت الحملات الانتخابية والوعود المعسولة.

يرى من قرروا المقاطعة، أن المشاركة في الانتخابات، بعد كل ما شهده لبنان في السنوات الأربع الأخيرة، هو استخفاف بعقول اللبنانيين ومعاناتهم، ويعتبرون مشاركتهم مساهمة في تعزيز المزيد من الفساد وإيصال لبنان إلى دركٍ أدنى وأشد ظلمة. فالطبقة الحاكمة سابقاً، ترشّحت من جديد، والخيارات الأخرى البديلة عن أحزاب السلطة تبدو وكأنها آتية من كوكب الخيال، أو خارجة لتوّها من إحدى مغامرات “دون كيشوت” لمحاربة طواحين الهواء.

دعم أحزاب السلطة من جديد، خيارٌ لن يقترفه هؤلاء مجدداً، رغم الوعود والعهود والأموال التي دُفِعت “بجنون”، وانتخاب لوائح التغيير أو المجتمع المدني خيارٌ مستبعدٌ لعدم واقعيته أو إمكانية تحقيق خططه، التي يتحفّظ أصلاً بعض المقاطعين عليها، لا سيّما الداعمين لخيار المقاومة ممن يرون في جزءٍ من هذه اللوائح استهداف للمقاوامة وسلاحها.

قبل إغلاق الصناديق وفرز الأوراق وإعلان النتائج، لن تُعرَف نسبة المقاطعة بدقّة، لكن المزاج العام، والأحاديث اليومية تعطي انطباعاً بما قد تكون عليه النتيجة. وحتى إعلانها، يظهَر أن ثمة شريحة واسعة من اللبنانيين قررت أن لا تكون شريكة فاسد، ولا “سانشو” مرافق “دون كيشوت” في رحلاته الغامضة!