| مرسال الترس |
ما هي الأسباب الحقيقية التي تعيق قيام دولة في لبنان مكتملة المواصفات لجهة السيادة والاستقلال؟
يأتي الجواب سريعاً، كاشفاً عن ارتباط الطوائف والمذاهب في لبنان، منذ ما قبل قيام المتصرفيتين، قبل أكثر من قرنين ونصف، ليأتي الاستقلال معمقاً هذا المفهوم الخاطئ الذي لم يساهم يوماً في تأسيس دولة ذات استقلال ناجز.
فالمسيحيون، ولاسيما الموارنة منهم الذين سيطروا على مفاصل السلطة، يمّموا عشقهم لفرنسا التي كانت مستعمِرة لجزء من المنطقة، وأطلقوا عليها لقب “الأم الحنون”، فيما ظل المسلمون السنّة مرتبطون “واقعياً” مع سوريا وعاطفياً بمصر ثم بالمملكة العربية السعودية، بينما كان المسيحيون الأرثوذكس يحلمون بمظلة روسيا، والدروز يعلقون آمالاً على الانكليز، بينما الطائفة الشيعية مهيضة الجناح حتى مجيء الإمام السيد موسى الصدر الذي أطلق “حركة المحرومين” بالتزامن مع اندلاع الحرب في لبنان في منتصف سبعينيات القرن الماضي.
وفي مطلع هذا القرن، بدأت أصابع الاتهام توجّه إلى “حزب الله”، على خلفية مدى ارتباطه بايران التي حملت اللواء الشيعي بامتياز بعد نجاح الثورة الاسلامية فيها أواخر السبعينيات، متقدمة بذلك على المراجع الشيعية في العراق حيث أهم مراقد الطائفة.
وتمادى الحزب بهذه الاتكالية التي كانت فيها سوريا ـ الأسد صلة الوصل، إلى أن حلّ طوفان الأقصى وما تبعه من تداعيات في قطاع غزة، مروراً بلبنان، وصولاً إلى سوريا التي انقلب فيها الوضع رأساً على عقب. وكانت الاتهامات المتعددة توجه إلى “حزب الله”، بأنه تخطّى الدولة اللبنانية بأشواط، وبأنه يريد أن يجعلها “تابعة لنظام الملالي في بلاد الفرس”… إلى آخر المعزوفة.
في مطلع شهر كانون الأول، ومع حلول هيئة “تحرير الشام” وزعيمها أحمد الشرع، الذي كان يتدثر بعباءة “أبو محمد الجولاني” الذي رصدت الولايات المتحدة الأميركية يوماً عشرة ملايين دولار لتقصي المعلومات عنه وظهر لاحقاً أنها كانت تعرفه جيداً، محل نظام “حزب البعث العربي الإشتراكي” وآل الاسد الذي امتد لخمسة عقود ونصف، كان الرئيس السابق لـ”الحزب التقدمي الاشتراكي” الوزير السابق وليد جنبلاط أول اللبنانيين المسارعين إلى التهنئة على رأس وفد درزي مكتمل العناصر، تحت عنوان أنه يسعى لحماية الدروز على في سوريا، في حين عنونت أقرب الصحف إليه بالتالي: |الشرع وجنبلاط يرسمان مستقبل العلاقات اللبنانية ـ السورية”، من دون أن يحفز ذلك أي جهة لبنانية، أن تنبس ببنة شفة عن التصرف الجنبلاطي الآحادي. في وقت تساءلت القوى التي كانت منضوية تحت مسمى 8 آذار: “لماذا يحق لجنبلاط ما لا يحق لحزب الله…أو سواه؟”!
لا بل أن جنبلاط في أحد مواقفه التي أطلقها من دمشق، نسف القناعة اللبنانية عن مزارع شبعا من دون أن يسمع أي ملامة لبنانية إلاّ من غريمه في الطائفة الوزير السابق وئام هاب!
وغداً ربما، ووسط العواصف التي تحيق بمنطقتنا الملتهبة باستمرار، سيذهب زعيم هذه الطائفة أو ذلك المذهب إلى هذه العاصمة الإقليمية أو الغربية، ليطلب رضاها ويتدثر بعباءتها.
والثابت في كل هذه المعمعة، أنه عندما ترتبط الطوائف والمذاهب اللبنانية بالاجندات الخارجية، يبقى الوطن معلقاً على صليب التناحر والخلافات، وتتعثر قيامته الى ما شاء الله!