ميشال عون ـ بشارة الراعي

في عهدة “الأشباح”.. حتى بزوغ فجر التسوية!

 / جورج علم /

الذي دخل القصر بتسوية، لا يمكن أن يغادره إلاّ بتسوية، وكلّ كلام مغاير، إنما هو “تغميس خارج الصحن”!

وحتى كلام نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، عن “الإفلاس”، وصفه البعض بأنه “رميّة من دون رامٍ”، لكن الوقائع تؤكد على أنه “رميّة، ومن رامٍ محترف”، تعمّد الموقف ليوجّه رسائل برسم الخارج، قبل الداخل…

ما لم تكن هناك تسوية حول إنتخابات رئاسيّة، وما بعدها من إستحقاقات، فلا جدوى من كل هذا “التخبيص السياسي”. وإذا جرت الإنتخابات النيابية من خارج سياق التسوية، فستؤدي الى بداية أزمة، لا الى بداية حل!

رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ضبط عقارب ساعته على إيقاع الإنجازات التي يفترض أن تتحقق في محاربة الفساد، وأي توقيت آخر يفترض أن يكون مربوطاً بتسوية وطنيّة شاملة، تحظي بمظلّة إقليميّة ـ دوليّة واقية.

البطريرك بشارة الراعي، تساوره شكوك… حذّر من تطيير الإنتخابات النيابيّة، وطالب بانتخابات رئاسيّة قبل شهرين من انتهاء الولاية.

ينتاب البطريرك الماروني قلق كبير حول مستقبل النظام، ووحدة الكيان.

التسويّة المطلوبة قد لا تتم في المستقبل المنظور، وإن تمّت، قد لا تأتي على مستوى الآمال المعقودة. والمؤتمر الدولي الخاص بلبنان لا جديد حوله يمكن البناء عليه. والدول ـ بعد الأزمة الأوكرانية ـ منشغلة في مواجهة التحديّات الأمنيّة، الاقتصاديّة، والمعيشيّة التي تتهدد شعوبها.

بكركي، هذه الأيام، “كرسي اعتراف” لسياسيّين، ودبلوماسيّين. المتحفّظون في صفوفهم، أكثر من المتفائلين، فالضمانات الدوليّة مجرّد وعود وتمنيات. وموكب الإستحقاق يقترب، لكن مراسم الترحيب باهتة، لا زينة، لا أعراس، لا “أقواس نصر”!

لا أحد يتحدث جهاراً عن “التطيير”، لكن لا أحد يملك “صك التأكيد” على إجرائها. هناك “أشباح” ترتع في شوارع الأزمة، و”غرف معتمة” تخطط، وترسم “سيناريوهات”!

ماذا يجري في طرابلس؟ هل هو شأن خارجي، أم شؤون محليّة “تحت السيطرة؟ يقول أحد المرشحيّن: “إن الأشباح تغزو شوارع المدينة”!

ماذا يريد الوزير الشامي تحديداً من كلامه عن “الإفلاس”؟ الرجل صاحب خبرة ومعرفة في عالم الأرقام. سبق له أن أطلق الصفّارة الأولى، في كانون الأول من العام2021، عندما أعلن أن خسائر القطاع المصرفي نحو 70 مليار دولار… ولكن على من تقرأ مزاميرك يا معالي الوزير؟! لا من مبادر، ولا من إطفائي قد تحرّك لإخماد الحريق!

لا يوحي كلامه بأن “التسوية” المطلوبة قد أينعت، وحان قطافها. المفاوضات مع صندوق النقد الدولي أنتجت “اتفاق موظفين”. الإصلاحات المالية، السياسيّة، والاقتصاديّة المطلوبة، لم تتحقق. المعركة القضائية ضد المصارف التجارية، والمصرف المركزي، إلى تصعيد، ومطالعات القاضية غادة عون بدأت تلقى آذاناً صاغية، وأصداء إيجابية داخل البرلمان الأوروبي، و”بيوت المال” التابعة!

ما يجري أشبه بمخاض عسير، لكن متى الولادة، وكيف ستكون؟

الجواب عند الأشباح الناشطين في شوارع المدينة، وعند الأسياد المتحصنين داخل الغرف المعتمة.

الخارج، الذي يتحفنا بالكلام الشفهي عن “الضمانات”.. عينه على المرفأ، وعلى النفط في بحر صور، وعلى قطاع الكهرباء، والطاقة، وشبكات الطرق، والسكك الحديدية، والبنى التحتيّة… إنه الطامع الطامح، الذي يدير مفاوضات صندوق النقد الدولي من وراء الكواليس، لتحقيق أهدافه أولاً في لبنان، تحت شعار العمل على إنقاذ “لبنان أولاً”!

لقد اكتشف باكراً معدن السياسيّين عندنا، ومن أي طينة هم. والمسألة عنده سهلة أكثر ممّا يتصوّر البعض. إنه يعرف تماماً من أين تؤكل الكتف اللبنانية، ويملك في يده العديد من أسلحة الإقناع:

  • رشوة كبار القوم من النافذين القادرين، على تمرير ما يجب تمريره من اتفاقيات للاستثمار في القطاعات…
  • تهديد الممانعين بنشر الوثائق السرية التي تتحدث عن أرقام الاختلاسات، والتحويلات الى الخارج!
  • الاستثمار الجيّد في نقاط الضعف المحليّة، والولوج إلى خيمة التسوية بعد تأمين السقف الأممي، ثم الدولي، فالإقليمي، وصولاً الى المحلي حيث لا سقف ولا جدران، بل فلتان، وهذيان، وهريان…

ويبقى أن توقيت الساعة المعلقة على جدار القصر، مغاير لتلك المعلّقة على جدار بكركي.

الرئيس يسرج خيله ليخوض أشرس معاركه ضد الفساد، فيما البطريرك يريد رئيساً منتخبا قبل أيلول.. وأيلول “طرفه بالشتي مبلول”، فإن لم تكتمل قاطرة التسوية لنقل لبنان من ضفّة إلى أخرى… عندها لا تصلح انتخابات، ولا استحقاقات، ويصبح خطر الغرق محتما!