استطلاع في “الشمال الثالثة”: من سيربح انتخابات “دائرة المسيحيين”؟

/ مرسال الترس /

لو كان المتظاهرون الذين نزلوا إلى الساحات اللبنانية، وتحديداً ساحة الشهداء، في العاصمة بيروت، مساء السابع عشر من تشرين الأول عام 2019، يدركون، ولو عرضاً، أنهم لن يحصدوا سوى السراب في الإنتخابات النيابية المقررة في الخامس عشر من آيار المقبل، على الأقل في دائرة الشمال الثالثة، المعروفة بدائرة الشمال المسيحي، لكانوا ندبوا أنفسهم، ونتفوا شعورهم، وهم قابعين في منازلهم، يطلقون الشتائم على وزير الإتصالات حينها محمد شقير الذي أعلن زيادة على الإتصالات ببضعة سنتات من الدولار الأميركي، دفعتهم للنزول إلى الشارع بصورة استعراضية هستيرية.

فبعد إقفال باب تسجيل اللوائح الإنتخابية منتصف ليل الإثنين الفائت، وظهور ألوان أقواس قزح تلك اللوائح، واستناداً إلى الإحصاءات الإنتخابية التي يُركن إلى نتائجها، يبدو جلياً أن من أطلقوا على أنفسهم تسمية “قوى الثورة” او قوى المجتمع المدني، سيخرجون من “المولد بدون حمّص” في دائرة الأسماء المتصارعة على الوصول إلى قصر بعبدا في تشرين الأول عام 2022، لأن التنافس، وتزاحم الأكتاف، سيكون تحديداً بين أربعة لوائح عمل على تشكيلها كل من: تيار “المردة”ـ “لائحة وحدة الشمال”، حزب “القوات اللبنانية” ـ “لائحة نبض الجمهورية القوية”، “التيار الوطني الحر” ـ  “لائحة رح نبقى هون” و”حركة الاستقلال” ـ “لائحة شمال المواجهة”. ويقف وراءها سليمان فرنجية وسمير جعجع وجبران باسيل وميشال معوض. والأربعة يتصدرون مرشحي رئاسة الجمهورية في الخريف المقبل.

رئيس مركز الإحصاء والدراسات الاستراتيجية الدكتور ايليا ايليا أجرى، بعد إقفال باب تسجيل اللوائح، استبياناً انتخابياً مؤلفاً من 4890 إستمارة، توزعت على الأقضية الأربعة في الدائرة الثالثة، استناداً لعدد مقترعي انتخابات 2018، وفق الآتي: الكورة 1200 استمارة، البترون 1380 استمارة، بشري 860 استمارة وزغرتا 1450 استمارة.

خرج الاستطلاع بخلاصة تقول بأن الحاصل الانتخابي سيرسو على 11653، بارتفاع طفيف هو 390 نقطة عن الانتخابات السابقة التي سجل رقم الحاصل فيها 11263، بعكس كل التوقعات التي تقول بان الحاصل سينخفض. وذلك لأن العصب الإنتخابي سيشتد اكثر وأكثر، وفق تقديراته، كلما إقترب موعد الإقتراع. حيث أن عنوان المعركة هو إثبات الوجود، ليس بين تياري “الحر” و”المردة” وحزب “القوات” فقط، وإنما للبيوت السياسية في الأقضية الأربعة. في حين أن ما يسمى بـ”قوى الثورة” أو قوى المجتمع المدني فإنها لن تستطيع تخطي عتبة الستة الآف صوت في لوائحها الثلاث، وبالتالي ستبقى خارج السباق.

وعليه، يرى الدكتور إيليا ان المقاعد العشرة في هذه الدائرة، وهم سبعة مقاعد موارنة وثلاثة مقاعد روم أرثوذكس، سيتوزعون كالتالي: “ثلاثة حواصل لكل من تيار “المردة” و”القوات اللبنانية”، مقعدان لـ”التيار الوطني الحر” ومقعدان لـ”لائحة شمال المواجهة”.

ويتوقع الدكتور إيليا، لا بل يكاد يجزم، بأن التغيير الأساسي سيكون في قضائي البترون وزغرتا، مع تعديل طفيف في قضاء الكورة.

فهل ستتعلم “قوى الثورة” أو “قوى المجتمع المدني” من تجربتها المرّة هذه، وتعدّل في استراتيجيتها؟ أم أنها تنتظر موعداً آخر لثورة ما تزال في غياهب القدر والنسيان؟