الحكومة اللبنانية عنوانها الفشل.. ولا إتفاق وشيك في غزة؟

مقدمات نشرات الاخبار المسائية للثلاثاء 10/9/2024

فعلها العسكريون المتقاعدون … شلوا وسط بيروت وقطعوا أوصال شوارعه وحالوا دون وصول الوزراء إلى السراي الحكومي فطارت جلسة مجلس الوزراء.

الجلسة كان مقررا أن تعقد على مرحلتين: قبل الظهر لدرس جدول أعمال وبعد الظهر للبدء في مناقشة مشروع قانون موازنة 2025 لكن أجهضتها التحركات الإحتجاجية للعسكريين المتقاعدين الذين يتهمون الحكومة بعدم إعتماد أي خطة لتصحيح رواتبهم وأجورهم.

ولم ينجح بالإفلات من هذا الحصار سوى رئيس الحكومة وأربعة من وزرائه فقط ما أدى إلى إرجاء الجلسة.

وجرت محاولات حكومية في ما بعد لإجراء مفاوضات مع وفد من المحتجين من دون جدوى إذ رفضوا التجاوب وطرحوا بدل ذلك إشتراطات أبرزها إصدار رئاسة الحكومة بيانا يتعهد بتعديل جدول أعمال مجلس الوزراء وإدراج موضوع تصحيح الأجور بندا أول وتعميم خطة التصحيح قبل ثمان وأربعين ساعة من تاريخ إنعقاد الجلسة المقبلة.

من حدود الداخل إلى حدود العدوان الإسرائيلي الذي شهد اليوم توسيعا لمدياته إذ شنت مسيرة معادية غارة على شقة في مدينة النبطية بعد ساعات على غارة مماثلة على طريق عام باب مارع – صغبين في البقاع الغربي.

وفيما أسفرت الغارة الأولى عن ثمانية جرحى أدت الثانية إلى سقوط شهيد وجريحين.
أما العدوانية الإسرائيلية في غزة فقد تجلت اليوم بمجزرة مروعة في مواصي خان يونس.

المجزرة نجمت عن غارة جوية عنيفة استهدفت خيام النازحين واسفرت عن سقوط أربعين شهيدا وستين جريحا

وقد استخدم العدو في الغارة صواريخ إرتجاجية تسببت بدمار شامل للخيام وبحفر عمقها تسعة أمتار وباختفاء عائلات بأكملها بين الرمال.

هذه المجزرة هي واقعة من مئات النماذج المماثلة منذ الثامن من تشرين الأول الماضي.

من هنا كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على حق حين قال: الموت والدمار في غزة أسوأ ما شاهدته خلال فترة ولايتي.

وإذا كان هذا هو شأن المسار الميداني فإن المسار السياسي والدبلوماسي ليس أفضل حالا إذ تلاشت جهود التوصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في غزة في ظل محاباة الولايات المتحدة لإسرائيل وعودتها للضغط على المقاومة الفلسطينية وتحميلها حماس مسؤولية فشل المفاوضات.

لكن الحركة ردت على زعم جون كيربي أنها هي العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى إتفاق لوقف النار ورأت في هذا الإتهام تماهيا فاضحا مع الموقف الإسرائيلي.

العسكريون المتقاعدون أحالوا الحكومة على التقاعد! فهم، ومنذ الصباح الباكر، حاصروا السراي الكبير ليمنعوا الوزراء من حضور الجلسة  المخصصة لدراسة موازنة ال 2025، وقد نجحوا في ذلك انطلاقا من الخطة المحكمة التي وضعوها.

لكن، ماذا بعد؟ إذ لا مفاوضات جدية بين الطرفين للتوصل إلى حل. فهل يكون آخر الدواء الكي، عبر التزام اللاحل الذي لوح به رئيس الحكومة، والقاضي بتجميد البحث في الموازنة إلى أجل غير مسمى؟

القضية المطلبية الحياتية لم تحجب الإهتمام بالملف القضائي لرياض سلامة. فالأنظار متجهة إلى يوم الخميس لمعرفة كيف ستسير الأمور في جلسة الإستجواب الثانية، وما إذا كان الإستماع إلى سلامة سيفجر مفاجآت جديدة.

علما أن المعطيات تفيد أن سلامة سيبقى موقوفا ولن يخلى سبيله بعد الجلسة. بالنسبة إلى غزة، الوضع على حاله. فالمفاوضات شبه متوقفة، ولا تحقق أي تقدم، فيما المجازر التي يرتكبها الإسرائيليون تتواصل، وآخرها ما حصل في “مواصي خان يونس”.

وبالتوازي مع المجازر في الأراضي الفلسطينية، شنت إسرائيل غارات عنيفة، وألقت قنابل حارقة على الجنوب اللبناني، كما استمرت التهديدات الإسرائيلية للبنان.

إذ أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي أن الجيش ينقل مركز الثقل إلى الجبهة الشمالية مع لبنان بعد استكمال المهام العسكرية في غزة

لكن قبل تفصيل كل هذه العناوين نتوقف مع نظرية التراجع التكتيتي التي اطلقها الامام الخامنئي.

فبعد 40 يوما على اغتيال هنية، لا تسألوا عن الرد الايراني، فلو كان تراجع ايران غير تكتيكي لكان ذلك حراما، لكن تراجع الخامنئي هذه المرة، “حلال”!

البلد في حالة حرب تكاد تدخل عامها الاول بعد أقل من شهر، على وقع تهديدات اسرائيلية متواصلة، آخرها اليوم من وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت، الذي تحدث تكرارا عن قرب انتهاء المهمة في غزة والتركيز على الحدود مع  لبنان.

رئاسة الجمهورية فارغة منذ حوالى سنتين، والكتل النيابية عاجزة حتى اللحظة، ليس فقط عن التوافق او انتخاب رئيس جديد، بل عن مجرد المشاركة في جلسة تشاورية مقرونة بإتمام الاستحقاق.

الحكومة عنوانها الفشل: فشل في الاستجابة لمطالب الناس، ومنهم اليوم العسكريون المتقاعدون الذين منعوا من تبقى منها من الاجتماع، وفشل في احترام الميثاق الوطني والدستور، حيث تسطو بوضوح على صلاحيات رئاسة الجمهورية، كما تتجاوز نطاق تصريف الاعمال.

وفي موازاة دمار الجنوب، دمار اقتصادي مزمن، وانهيار مالي يتعمق كل يوم اكثر فأكثر، منذ انقلاب 17 تشرين الاول 2019، الذي حطم ما تبقى من دولة ومؤسسات سياسية وادارية وقضائية.

غير ان هذا الواقع الكارثي الذي كان يفترض ان يشكل دافعا للمنظومة السياسية كي تجري المراجعات المطلوبة وتتخذ العبر وتخطو خطوات اساسية للانقاذ بدءا بانتخاب رئيس.…

هذا الواقع بالذات، وجدت فيه تلك المنظومة بالذات، فرصة لفتح النقاش بموضوع يكاد يكون الاكثر اشكالية على الساحة المحلية، أي قانون الانتخابات النيابية، في خطوة يستبعد ان تكون مرتبطة بالحرص على الديموقراطية وحسن التمثيل، ويحتمل ان تكون ارنبا من الارانب، قد يشكل ذريعة لتوسيع الازمة، وطرح التمديد لمجلس النواب، وارجاء الاستحقاق الرئاسي الى اجل غير مسمى، في مقابل الحراك الخارجي المستعاد.

وفي هذا السياق، استغرب تكتل لبنان القوي اليوم فتح باب النقاش حول قانون الانتخاب في وقت يعاني لبنان من الفراغ الرئاسي ومن حكومة تفتقد للميثاقية، وبعد كل ما عاناه اللبنانيون للتوصل الى قانون انتخاب.

وشدد التكتل على تمسكه بثابتتين: الاولى، تثبيت المناصفة الفعلية وإدخال كل التحسينات بهذا المجال لمنع أي هيمنة من أي مكون على أي مكون آخر, والثانية، ضرورة إحترام حق المنتشرين في إنتخاب ممثلين عنهم وفقا لما نص عليه القانون.

اما الباقي، فالايام ستكون كفيلة بإظهاره، ليبنى على الشيء مقتضاه الوطني والسياسي.

إنها حكاية إبريق الرواتب والقطاع العام والمتقاعدين والموازنة وخزينة الدولة والقدرة على توفير الأموال.

إنهارت الليرة وقفزت من السعر الإصطناعي، ألف وخمسمئة للدولار الواحد، إلى 89 ألف وخمسمئة للدولار الواحد، فتخربطت الرواتب والموازنات. يصار إلى الضغط على الحكومة لتصحيح الرواتب، لكن الحكومة ليست لديها موارد كافية ولا ” مطبعة مصاري”، ترفع الضرائب والرسوم فتثقل كاهل المواطن وتفرغ جيوبه لأن الزيادات التي سيتقاضاها، إذا تقاضاها، سيدفعها ضرائب ورسوما.

يسأل القيمين على الشأن العام، فيأتي الجواب:”أعيدوا تكوين السلطة بدءا بانتخاب رئيس للجمهورية”!

لكن السلطة كانت مكونة: رئيس جمهورية ومجلس نيابي جديد وحكومة أصيلة، وكانت الأزمة، ما يعني أن إعادة تكوين السلطة لن تحل الأزمة، ما لم تحدث نفضة كاملة، فلا يبقى القانون وجهة نظر ولا يبقى القضاء “على القطعة” ولا تبقى المواقع والمراجع تتحكم بالقانون وتدير القضاء وفق مصالحها.

حتى لو انتخب رئيس غدا وتشكلت حكومة بعد غد، ستبقى الأزمة على ما هي عليه، هل السلطة الآتية تجرؤ على فتح مغاور الفساد، وهي معروفة؟ هل هي قادرة على وضع خطة  لأعادة أموال المودعين؟ هل هي قادرة على تطبيق قانون “من اين لك هذا”؟ هل هي قادرة على السير بتحقيقات المرفأ إلى الآخر؟

ولنعد إلى القضية الأساس، الرواتب: هناك ما يقارب الأربعمئة والخمسين ألف راتب للقطاع العام، بين مدنيين وعسكريين في الخدمة أو في التقاعد، فهل لدى الدولة القدرة على الزيادة لهؤلاء جميعا؟ لماذا لا تصارحهم بدل أن تروي لهم حكايات؟

انتقل لبنان إلى أن يكون في دوامة  بعدما كان في أزمة، ومجددا، من الآخر، لا حلول إلا بقلب الطاولة لا بالتفتيش عن كيفية الجلوس حول الطاولة، والطلب ممن تسببوا في الأزمة أن يجدوا حلولا لها. لئلا يسقط  سهوا ، دخلنا في الشهر الثاني عشر للحرب.

والبداية من يوميات هذه الحرب.

لا يتقاعد العسكر وهو أحبط اليوم انعقاد جلسة مجلس الوزراء فطوق البلد وأحرق مداخل العاصمة المؤدية الى السراي.

وفي لحظة صباحية بات الوزراء في مواجهة معابر وخطوط تماس وانتظروا الإشارة الأمنية للتحرك نحو الجلسة، لكن العسكر الغاضب المتقاعد انتصر على العسكر الرسمي، وتقرر عدم المرور منعا لالتقاء العسكرين أبدت قيادة الجيش استعدادها لفتح الطريق أمام الوزراء ولكنها تخوفت من إراقة الدماء بحسب مصادر حكومية رفيعة.

فجاء رد ميقاتي بالرفض التام قائلا: “مش حرزانة وهودي ولادنا” وتم صرف النظر عن الجلسة والابقاء على قواعد الاشتباك الاجتماعي مع المتقاعدين، الذين قالت المصادر الحكومية إنهم حصلوا قبل ذلك على بدل مثابرة وانتاجية وضمها الى الراتب، وهذا الامر بحاجة الى قانون يصدر عن مجلس النواب لكي يتمكنوا من الاستفادة من تعويضاتهم.

وكان مشروع الموازنة واردا على جدول الاعمال الذي يحفل أيضا بخمسة وستين بندا بينها ما هو مرسل بالتخاطر من وزراء التيار يقاطع الوزراء جلسات الحكومة, لكن ملائكتهم التنفعية تظل حاضرة وبينها ما تم ارساله من وزير الشؤون الإجتماعية هيكتور حجار وأيقوناته العجائبية المغلفة بجمعيات ومؤسسات تطلب من مجلس الوزراء وسمها بالمنفعة العامة، والتي تعفي هذه الجمعيات من رسوم جمركية وضرائب وتضعها على لوائح الشرف لتلقي الهبات المالية.

طارت هذه التنفيعات الخاصة مع هبوب رياح الجلسة لكنها لم تؤجل كما مراسيل وزراء التيار الذين يخاطبون الجلسات عن بعد وبالمحاكاة وهم في أساس موقعهم: مقاطعون للحكومة ورذائلها السياسية ومع انطفاء النيران الوزارية العسكرية في مجلس الوزراء مرحليا، كانت النيران الاسرائيلية تتمدد الى أماكن المدنيين فتضرب في النبطية طريق عام زبدين, وقد استهدفت مبنى سكنيا ما أدى الى وقوع اثني عشر جريحا مدنيا.

وللشهر الثاني عشر وبعد كل تصريحين أو ثلاثة في اليوم فإن المسؤولين الاسرائيلين لم يملوا من اعادة معزوفة التهديد بضرب لبنان والتي غالبا ما يليها عربات الوفود الاوروبية الغربية الزائرة الداعية الى ضبط النفس ولن يكون تصريح وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت الاخير الذي يعلن فيه نقل مركز الثقل إلى الجبهة الشمالية مع لبنان مع اقتراب إكمال المهام العسكرية في غزة.

لكن هذه التهديدات لم تحظ بموافقة أميركية بعد، ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤول أميركي رفيع، قوله إنه إذا ذهبت إسرائيل للحرب في لبنان فلن تكون هناك منازل لتعود إليها.

وارتفعت الجبهات من جنوب لبنان وغزة والضفة الى اجتماع وزراء الخارجية العرب اليوم في القاهرة, وشدد وزير الخارجية عبدالله بوحبيب امام العرب على أن لبنان يتعرض منذ أحداث السابع من تشرين الأول الماضي لتدمير ممنهج لبشره وحجره.

ولفت الى ان إسرائيل قتلت المئات من النساء والأطفال والمسعفين والطواقم الطبية والصحافيين والمدنيين.

وفي حديث للجديد قال الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي أنه بعد أحد عشر شهرا على الحرب ليس من المرجح فصل جبهة لبنان عن غزة ولم تخرج اجتماعات وزراء الخارجية العرب عن المعتاد العربي سوى عبر مشاركة تركيا في هذا الاجتماع.

لكن الدولة التركية كان لديها جدول اعمال عاجل يتعلق بأزمة دبلوماسية البندورة مع اسرائيل بعدما كشف النقاب عن امر صادر عن وزارة الزرارعة في اسرائيل يتيح استيراد البندورة من تركيا عن طريق دولة ثالثة ما يعني ان مقاطعة اردوغان لاسرائيل هي حرب طماطم.