الجوع آتٍ.. هل يؤجّل الإنتخابات؟

/ جورج علم /

ينشط المسؤولون لتدارك تداعيات الزلزال الأوكراني على البيت اللبناني. هناك تطمينات بأن الشعب لن يجوع، لكن المؤشرات مقلقة.

  • معهد الشرق الأوسط للأبحاث، يحذّر “الحرب تعطّل إمدادات القمح للعالم العربي الذي يعتمد بشدّة على الواردات لتوفير غذائه، وقد تؤدي الأزمة الى مظاهرات جديدة، وعدم إستقرار في دول عدّة”.
  • المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة دايفيد بيسلي يقول “إن الحرب في أوكرانيا قد تدفع أزمة الغذاء العالميّة الى مستويات لم يسبق لها مثيل”.

سبق للسيد بيسلي أن زار بيروت في تشرين الثاني الماضي، وعقد إجتماعا مطوّلا مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بحضور المنسّقة المقيمة للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي، والمديرة الإقليميّة لبرنامج الأغذية العالمي، كورين فليشير، ومدير برنامج لبنان عبدالله الوردات. يومها أكد بيسلي على “تدهور الإقتصاد العالمي الحاصل بسبب تغيير المناخ، وتأثير فيروس كورنا”. يومها كان الإقتصاد متدهوراً قبل أزمة أوكرانيا… فأي إقتصاد بعدها؟!

ويومها أكد بيسلي أن “مساعداتنا الحالية للبنان تطال 800 ألف شخص، ونطمح لتوسيع مروحتها بحيث تطال مليون و600 ألف شخص، وستركّز  المساعدات الجديدة بشكل صارم على الفئات الأكثر حاجة”… هذا كان قبل “جائحة أوكرانيا”، فكيف الحال الآن؟!

  • المدير العام للحبوب والشمندر السكري في وزارة الإقتصاد جريس برباري يقول “يستورد لبنان سنويّاً 600 ألف طن من القمح، أي بمعدّل 50 ألف طن شهريّاً، 60 بالمئة من أوكرانيا، و20 بالمئة من روسيا ورومانيا. حاليّاً  لا يوجد لدى المطاحن سوى 60 ألف طن من القمح تكفي لنحو شهر ونصف، ومن الصعب  توفير احتياطي  أكبر بعد تدمير الإهراءات في مرفأ بيروت التي كانت تخزّن مؤونة إستباقيّة لفترة ستة أشهر. ويدعم مصرف لبنان 100% استيراد القمح على سعر صرف رسمي 1515 ليرة لبنانية للدولار الأميركي. وهناك صعوبة بفتح إعتمادات جديدة لإستيراده من مصادر دول أخرى مثل الولايات المتحدة، الأرجنتين، بلغاريا، فرنسا، الهند، رومانيا، نتيجة أعبائها المالية، وكلفة شحنها، وإرتفاع مؤشرات الأسعار عالميّاً”.
  • نقيب مستوردي المواد الغذائيّة هاني البحصلي يؤكد على عناصر ثلاثة للأمن الغذائي “وجود الغذاء، الوصول إليه، وصحته. العناصر الثلاثة يوجد حيالها تحديات كبيرة، إنطلاقا من عدم توفر المخزون الكافي، وارتفاع أسعار السلع الغذائيّة عالميّاً، ومدى إنعكاسها على المستهلك اللبناني، خصوصاً أن الفقر المتعدد الأبعاد  قد بلغت نسبته حدود 80 بالمئة من اللبنانييّن”.

ويشير البحصلي إلى “مشاكل  كثيرة تعتري استيراد الزيوت، حيث يستورد لبنان 100 ألف طن سنويّاً، 90 بالمئة من دوار الشمس”.

  • الهيئات الإقتصاديّة، تلخص التحديات التي يواجهها الأمن الغذائي نتيجة “جائحة أوكرانيا”، و”جائحة كورونا”، بخمسة: “إرتفاع أسعار النفط عالميّا، والذي إنعكس بصورة مباشرة على المصانع الإنتاجيّة، وعلى حركة الإستيراد والتصدير. إرتفاع أسعار السلع عالميّاً. البحث عن مصادر جديدة للسلع الغذائيّة الأساسيّة نتيجة الأزمة الروسيّة ـ الأوكرانيّة من جهة، والعقوبات الدوليّة من جهة أخرى. إلتزام الدول المنتجة والمصدرة بعقود طويلة الآجال مع دول أخرى، والصعوبة في إبرام عقود جديدة، نظراً لمحدودية القدرة على المزيد من الإنتاج. وأخيراً عدم توافر الدولار الأميركي بالكميات المطلوبة، وغياب الدعم الرسمي، سواء من مصرف لبنان، أو من الحكومة…

طرح موضوع الأمن الغذائي  في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، وشكّلت لجنة وزاريّة للمتابعة…

يقول وزير معني: “بدا الموضوع، وكأنه لزوم ما لا يلزم، أو نوع من رفع العتب، أو ضرورة التصرف وفق الفن الممكن لحماية الساحات والشوارع من إحتجاجات الغضب!

على طاولة مجلس الوزراء: إنتخابات، وإصلاحات، ومفاوضات… وحولها إفتقار، وإحتكار، ونار أسعار… وضع الزلزال الإقتصادي الرغيف في مرتبة أعلى من صندوقة الإقتراع. وقطرة الزيت، أهم من بقعة الحبر على الأصبع.

غول الجوع الزاحف من الحرائق الأوكرانيّة، يقضم الإنتخابات، فهل يجهز عليها؟